يَحْنَثُ بِمَسْجِدٍ وَحَمَّامٍ وَكَنِيسَةٍ وَغَارِ جَبَلٍ) لِأَنَّهَا لَا يَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ الْبَيْتِ إلَّا بِتَقْيِيدٍ. .
(أَوْ لَا يَدْخُلُ عَلَى زَيْدٍ فَدَخَلَ بَيْتًا فِيهِ زَيْدٌ وَغَيْرُهُ) عَالِمًا بِذَلِكَ (حَنِثَ وَفِي قَوْلٍ إنْ نَوَى الدُّخُولَ عَلَى غَيْرِهِ دُونَهُ لَا يَحْنَثُ) كَمَا فِي مَسْأَلَةِ السَّلَامِ الْآتِيَةِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الدُّخُولَ لَا يَتَبَعَّضُ بِخِلَافِ السَّلَامِ. (فَلَوْ جَهِلَ حُضُورَهُ) فِي الْبَيْتِ (فَخِلَافُ حِنْثِ النَّاسِي) وَالْجَاهِلِ فِي ذَلِكَ وَالْأَظْهَرُ مِنْهُ عَدَمُ الْحِنْثِ أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ. .
(قُلْت وَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَلِّمُ عَلَيْهِ فَسَلَّمَ عَلَى قَوْمٍ هُوَ فِيهِمْ) عِلْمُهُ (وَاسْتَثْنَاهُ) بِاللَّفْظِ أَوْ بِالنِّيَّةِ (لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ أَطْلَقَ حَنِثَ فِي الْأَظْهَرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) . لِظُهُورِ اللَّفْظِ فِي الْجَمِيعِ وَالثَّانِي وَجْهٌ بِأَنَّ اللَّفْظَ صَالِحٌ لِلْجَمِيعِ وَلِلْبَعْضِ فَلَا يَحْنَثُ بِالشَّكِّ، وَلَوْ جَهِلَهُ فِيهِمْ لَمْ يَحْنَثْ فِي الْأَظْهَرِ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ.
فَصْلٌ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الرُّءُوسَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ حَنِثَ بِرُءُوسٍ تُبَاعُ وَحْدَهَا وَهِيَ رُءُوسُ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالْإِبِلِ (لَا) بِرُءُوسِ (طَيْرٍ وَحُوتٍ وَصَيْدٍ إلَّا بِبَلَدٍ تُبَاعُ فِيهِ مُفْرَدَةً) ، فَيَحْنَثُ بِأَكْلِهَا فِيهِ بِخِلَافِ أَكْلِهَا فِي غَيْرِهِ، فَلَا يَحْنَثُ بِهِ فِي وَجْهٍ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَرَجَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالرُّويَانِيُّ وَالْأَقْوَى الْحِنْثُ، وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى ظَاهِرِ النَّصِّ وَهَلْ يُعْتَبَرُ نَفْسُ الْبَلَدِ الَّذِي يَثْبُتُ فِيهِ الْعُرْفُ أَمْ كَوْنُ الْحَالِفِ مِنْ أَهْلِهِ وَجْهَانِ، فَإِنْ قَصَدَ أَنْ لَا يَأْكُلَ مَا يُسَمَّى رَأْسًا حَنِثَ بِرَأْسِ السَّمَكِ وَالطَّيْرِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ قَصَدَ نَوْعًا خَاصًّا لَمْ يَحْنَثْ بِغَيْرِهِ انْتَهَى. .
(وَالْبِيضُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــSالْعُرْفِيَّةُ الْمُتَّخَذَةُ مِنْ نَحْوِ الثِّيَابِ إذَا نُصِبَتْ وَشُدَّتْ أَطْنَابُهَا، وَإِنْ لَمْ تُرْخَ أَذْيَالُهَا وَخَرَجَ بِهَا اللُّغَوِيَّةُ وَهِيَ مَا تُؤْخَذُ مِنْ نَحْوِ أَعْوَادٍ، وَتُسَقَّفْ بِنَحْوِ حَشِيشٍ كَمَا مَرَّ فِي بُيُوتِ الرُّعَاةِ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِدُخُولِهِ تَحْتَ نَحْوِ بُرْدَةٍ جُعِلَتْ عَلَى أَعْوَادٍ لِدَفْعِ حَرِّ الشَّمْسِ مَثَلًا، وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي بُيُوتِ الْأَعْرَابِ، وَيَظْهَرُ الْحِنْثُ بِهَا كَالْخَيْمَةِ وَرُبَّمَا يَشْمَلُهَا قَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ مِنْ شَعْرٍ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا لَا يَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ الْبَيْتِ) نَعَمْ إنْ كَانَ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا نَحْوُ خَلْوَةٍ حَنِثَ بِدُخُولِهَا كَغَارِ جَبَلٍ هُيِّئَ لِلْبَيَاتِ وَالسُّكْنَى فِيهِ.
قَوْلُهُ: (فَدَخَلَ بَيْتًا فِيهِ زَيْدٌ وَغَيْرُهُ) حَنِثَ وَإِنْ اسْتَثْنَاهُ بِقَلْبِهِ أَوْ لِسَانِهِ لِأَنَّ الدُّخُولَ لَا يَتَبَعَّضُ بِخِلَافِ السَّلَامِ كَمَا يَأْتِي وَلَوْ قَالَ مَوْضِعًا لَكَانَ أَعَمَّ وَأَوْلَى إذْ غَيْرُ الْبَيْتِ مِثْلُهُ إلَّا نَحْوَ حَمَّامٍ أَوْ مَسْجِدٍ مِمَّا لَا يَخْتَصُّ بِأَحَدٍ عُرْفًا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَحِينَئِذٍ فَفِي مَفْهُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَفْصِيلٌ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (الْأَظْهَرُ مِنْهُ عَدَمُ الْحِنْثِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَا يَلْزَمُهُ بَعْدَ عِلْمِهِ الْخُرُوجُ حَالًا وَلَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ.
قَوْلُهُ: (فَسَلَّمَ) أَيْ وَلَوْ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى قَوْمٍ هُوَ فِيهِمْ وَقَصَدَ السَّلَامَ عَلَيْهِمْ، وَكَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يُسْمَعُ وَإِلَّا فَلَا حِنْثَ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ الْقَصْدُ هُنَا بِخِلَافِ السَّلَامِ مِنْ غَيْرِ الصَّلَاةِ لِانْصِرَافِ السَّلَامِ فِيهَا لِلتَّحَلُّلِ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (لَمْ يَحْنَثْ) لِمَا تَقَدَّمَ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ حَلَفَ بِاَللَّهِ أَوْ بِالطَّلَاقِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (إنْ أَطْلَقَ حَنِثَ) إلَّا فِي السَّلَامِ مِنْ الصَّلَاةِ كَمَا مَرَّ.
فَصْلٌ فِي الْحَلِفِ عَلَى الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَمَا يَتَنَاوَلُهُ بَعْضُ الْمَأْكُولَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَالْقَاعِدَةُ فِي ذَلِكَ الْعَمَلُ بِالْعُرْفِ فَإِنْ اضْطَرَبَ عَمِلَ بِاللُّغَةِ.
[فَصْلٌ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الرُّءُوسَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ]
قَوْلُهُ: (حَنِثَ بِرُءُوسٍ) أَيْ بِأَكْلِ ثَلَاثِ رُءُوسٍ إنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ نَظَرًا لِتَحَقُّقِ الْعِصْمَةِ فَإِنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ حَنِثَ بِوَاحِدَةٍ كَامِلَةٍ عِنْدَ شَيْخِنَا، وَهُوَ الْوَجْهُ لِمَا يَأْتِي.
وَقَالَ الْخَطِيبُ وَابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ يَحْنَثُ بِبَعْضِ وَاحِدَةٍ أَيْضًا، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رُءُوسًا بِالتَّنْكِيرِ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِثَلَاثٍ مُطْلَقًا عِنْدَ الْجَمِيعِ هَذَا فِي النَّفْيِ، وَأَمَّا فِي الْإِثْبَاتِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ رُءُوسًا أَوْ الرُّءُوسَ فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِثَلَاثَةٍ مُطْلَقًا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ وِفَاقًا لِابْنِ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِ.
وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ إذَا حَلَفَ عَلَى مَعْدُودٍ، فَفِي الْإِثْبَاتِ نَحْوُ لَأُكَلِّمَنَّ النَّاسَ أَوْ لَأَتَصَدَّقَنَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ لَمْ يَبَرَّ إلَّا بِثَلَاثَةٍ اعْتِبَارًا بِأَقَلِّ الْجَمْعِ، وَفِي النَّفْيِ يَحْنَثُ بِوَاحِدٍ اعْتِبَارًا بِأَقَلِّ الْعَدَدِ وَالْفَرْقُ أَنَّ نَفْيَ الْجَمِيعِ مُمْكِنٌ، وَإِثْبَاتَ الْجَمِيعِ مُتَعَذَّرٌ فَاعْتُبِرَ فِي كُلِّ مَا يُنَاسِبُهُ اهـ. لَكِنْ فِي جَعْلِ أَقَلِّ الْعَدَدِ وَاحِدًا نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (تُبَاعُ وَحْدَهَا) أَيْ شَأْنَهَا ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِبَلَدٍ إلَخْ) أَيْ إلَّا إنْ كَانَ الْحَالِفُ مِنْ بَلَدٍ تُبَاعُ فِيهِ مُفْرَدَةً سَوَاءٌ حَلَفَ فِيهِ، أَوْ فِي غَيْرِهِ أَكْلُهُ فِيهِ أَوْ فِي غَيْرِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَالْأَقْوَى الْحِنْثُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (وَهَلْ يُعْتَبَرُ) أَيْ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْوَجْهَيْنِ، قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا الثَّانِي كَمَا تَقَدَّمَ
قَوْلُهُ: (إذَا حَلَفَ) أَيْ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَإِنْ نَوَى شَيْئًا حُمِلَ عَلَيْهِ فَلَا يَحْنَثُ بِغَيْرِهِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (عَلَى مُزَايِلٍ إلَخْ) أَيْ عَلَى بَيْضٍ شَأْنُهُ أَنْ يُفَارِقَ بَائِضَهُ فِي حَيَاتِهِ، وَلَوْ غَيْرَ مَأْكُولِ اللَّحْمِ كَغُرَابٍ وَحَيَّةٍ لِأَنَّ الْبُيُوضَ كُلَّهَا مَأْكُولَةٌ وَإِنْ حُرِّمَتْ لِضَرَرٍ كَسُمٍّ فِي بَيْضِ الْحَيَّاتِ وَسَوَاءٌ أَكَلَهُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِمَسْجِدٍ) لَوْ نَوَاهُ فَالظَّاهِرُ الْحِنْثُ وَبِهِ صَرَّحَ الْجُرْجَانِيُّ خِلَافًا لِابْنِ سُرَاقَةَ.
قَوْلُهُ: (فَلَوْ جَهِلَ حُضُورَهُ إلَخْ) ، لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ عَلَيْهِ عَامِدًا وَلَا نَاسِيًا حَنِثَ عِنْدَ دُخُولِهِ جَاهِلًا بِلَا خِلَافٍ.
تَنْبِيهٌ: لَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِالْفِعْلِ نَاسِيًا وَلَا جَاهِلًا.
فَصْلٌ فِي حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الرُّءُوسَ إلَخْ قَوْلُهُ: (وَلَا نِيَّةَ لَهُ) قِيلَ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْضِ الْآتِيَةِ، قَوْلُهُ: (وَالْبَقَرَةِ وَالْإِبِلِ) لِأَنَّهَا تُفْصَلُ عَنْ أَبْدَانِهَا وَتُبَاعُ وَحْدَهَا، قَوْلُهُ: (لَا طَيْرٍ وَحُوتٍ) .
قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَاعِدَةُ الْأَيْمَانِ اتِّبَاعُ الْعُرْفِ مَا لَمْ يَضْطَرِبْ فَإِنْ اضْطَرَبَ اُعْتُبِرَتْ اللُّغَةُ، قَوْلُهُ: (وَصَيْدٍ) مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ، قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ أَكْلِهَا) مُنْفَصِلَةً أَوْ مُتَّصِلَةً، قَوْلُهُ: (وَالْأَقْوَى الْحِنْثُ) عَلَّلَهُ الزَّنْكَلُونِيُّ شَارِحُ التَّنْبِيهِ بِأَنَّ