الْمَعْنَى تَارَةً وَإِلَى اللَّفْظِ أُخْرَى، (وَيُشْتَرَطُ تَرْكُ الْأَكْلِ فِي جَارِحَةِ الطَّيْرِ فِي الْأَظْهَرِ) كَجَارِحَةِ السِّبَاعِ وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ لِأَنَّهَا لَا تَحْتَمِلُ الضَّرْبَ لِتَعْلَمَ تَرْكَ الْأَكْلِ بِخِلَافِ الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَيُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ تَهِيجَ عِنْدَ الْإِغْرَاءِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا مَطْمَعَ فِي انْزِجَارِهَا بَعْدَ الطَّيَرَانِ وَيَبْعُدُ اشْتِرَاطُ انْكِفَافِهَا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ انْتَهَى.

(وَيُشْتَرَطُ تَكَرُّرُ هَذِهِ الْأُمُورِ بِحَيْثُ يُظَنُّ تَأَدُّبُ الْجَارِحَةِ) ، وَالرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِالْجَوَارِحِ وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ تَكَرُّرُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ

(وَلَوْ ظَهَرَ كَوْنُهُ مُعَلَّمًا ثُمَّ أَكَلَ مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ لَمْ يَحِلَّ ذَلِكَ الصَّيْدُ فِي الْأَظْهَرِ فَيُشْتَرَطُ تَعْلِيمٌ جَدِيدٌ) وَالثَّانِي: يَحِلُّ وَأَكْلُهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِشِدَّةِ جُوعٍ أَوْ لِغَيْظٍ عَلَى الصَّيْدِ، إذَا أَتْعَبَهُ وَلَوْ تَكَرَّرَ أَكْلُهُ حَرُمَ الْمَأْكُولُ مِنْهُ آخِرًا وَفِيمَا قَبْلَهُ وَجْهَانِ قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: الْأَقْوَى التَّحْرِيمُ، (وَلَا أَثَرَ لِلَعْقِ الدَّمِ) فِي كَوْنِهِ مُعَلَّمًا لِأَنَّهُ لَمْ يَتَنَاوَلْ مَا هُوَ مَقْصُودُ الصَّائِدِ.

(وَمَعَضُّ الْكَلْبِ مِنْ الصَّيْدِ نَجِسٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ) وَالثَّانِي يُعْفَى عَنْهُ لِلْحَاجَةِ، (وَ) الْأَصَحُّ عَلَى الْأَوَّلِ (أَنَّهُ يَكْفِي غَسْلُهُ بِمَاءٍ وَتُرَابٍ) أَيْ سَبْعًا إحْدَاهَا بِتُرَابٍ، (وَلَا يَجِبُ أَنْ يُقَوَّرَ وَيُطْرَحَ) ، وَالثَّانِي يَجِبُ ذَلِكَ وَلَا يَكْفِي الْغَسْلُ لِأَنَّهُ تَشَرَّبَ لُعَابُهُ فَلَا يَتَخَلَّلُهُ الْمَاءُ

(وَلَوْ تَحَامَلَتْ الْجَارِحَةُ عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَتْهُ بِثِقَلِهَا حَلَّ فِي الْأَظْهَرِ) كَمَا لَوْ قَتَلَتْهُ بِجُرْحِهَا، وَالثَّانِي يَحْرُمُ كَالْقَتْلِ بِثِقَلِ السَّيْفِ وَالسَّهْمِ

(وَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ سِكِّينٌ فَسَقَطَ وَانْجَرَحَ بِهِ صَيْدٌ) وَمَاتَ، (أَوْ احْتَكَّتْ بِهِ شَاةٌ وَهُوَ فِي يَدِهِ فَانْقَطَعَ حُلْقُومُهَا وَمَرِيئُهَا أَوْ اُسْتُرْسِلَ كَلْبٌ بِمَسِّهِ فَقُتِلَ لَمْ يَحِلَّ) ، وَاحِدٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ لِانْتِفَاءِ الذَّبْحِ وَقَصْدِهِ وَالْإِرْسَالِ.

(وَكَذَا لَوْ اُسْتُرْسِلَ كَلْبٌ فَأَغْرَاهُ صَاحِبُهُ فَزَادَ عَدْوُهُ) لَمْ يَحِلَّ الصَّيْدُ (فِي

ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَصْدَرَ عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ.

قَوْلُهُ: (فِي حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ) فَإِنْ كَانَتْ حَرَكَتُهُ أَقْوَى مِنْهَا فَإِنْ ذُكِّيَ حَلَّ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ) وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْكَلَبِ بِفَتْحِ اللَّامِ بِمَعْنَى الْإِغْرَاءِ وَقِيلَ: مِنْ التَّضْرِيَةِ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ بِمَعْنَى الِاعْتِيَادِ. قَوْلُهُ: (مُعَلَّمَةً) وَلَوْ بِتَعْلِيمِ نَحْوِ مَجُوسِيٍّ أَوْ وَثَنِيٍّ. قَوْلُهُ: (صَاحِبُهُ) لَيْسَ قَيْدًا فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ) عَقِبَ إمْسَاكِهِ أَوْ قَتْلِهِ بِلَا إذْنٍ مِنْ صَاحِبِهِ لَهُ، أَمَّا بَعْدَهُ بِزَمَنٍ طَوِيلٍ أَوْ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ فَلَا يَضُرُّ وَشَمِلَ الْأَكْلَ مِنْ لَحْمِهِ وَكَرِشِهِ مِنْ لَحْمِهِ وَكَرِشِهِ وَعَظْمِهِ وَأُذُنِهِ وَغَيْرِهَا، لَا شَعْرِهِ وَرِيشِهِ وَوَبَرِهِ وَلَعْقِ دَمِهِ كَمَا يَأْتِي، لِأَنَّهَا غَيْرُ مَقْصُودَةٍ لِلصَّائِدِ قَوْلُهُ: (نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى) فِي التَّذْكِيرِ بِكَوْنِهَا كَلْبًا أَوْ بَازًا أَوْ اللَّفْظُ فِي التَّأْنِيثِ بِكَوْنِهَا جَارِحَةً. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ إنْ أُرِيدَ غَيْرُ الْإِغْرَاءِ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهَا أَمْرٌ إنْ تَرَكَ الْأَكْلَ وَإِنْ تَهَيَّجَ فِي الِابْتِدَاءِ فَقَطْ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَكَلَ) أَيْ مِمَّا أَرْسَلَ إلَيْهِ حَالَ صَيْدِهِ أَوْ عَقِبَهُ كَمَا مَرَّ لَا مِنْ غَيْرِ مَا أَرْسَلَ إلَيْهِ، وَلَا مِنْهُ بَعْدَ زَمَنٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَعَلَيْهِ حُمِلَ خَبَرُ كُلٍّ وَإِنْ أَكَلَ مَعَ أَنَّهُ قِيلَ بِضَعْفِهِ وَاللَّحْمُ لَيْسَ قَيْدًا كَمَا سَبَقَ آنِفًا. قَوْلُهُ: (لَمْ يَحِلَّ ذَلِكَ الصَّيْدُ) أَيْ الَّذِي أَكَلَ مِنْهُ لَا مَا قَبْلَهُ فَهُوَ حَلَالٌ وَلَوْ حَالَتْ الْجَارِحَةُ بَيْنَ الصَّيْدِ وَالصَّائِدِ بِمَنْعِ تَسْلِيمِهِ لَهُ بَطَلَ تَعْلِيمُهَا أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (وَمَعَضُّ إلَخْ) ذِكْرُهُ اسْتِطْرَادِيٌّ وَمَحِلُّهُ بَابُ النَّجَاسَةِ. .

قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ إلَخْ)

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَذْكُورَاتِ أَيْضًا حَتَّى بِالْبُنْدُقِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ، قَوْلُهُ: (لِيَأْخُذَهُ الصَّائِدُ) يَعْنِي يُشْتَرَطُ فِي التَّعْلِيمِ أَنْ تَمْسِكَ الْجَارِحَةُ الصَّيْدَ وَلَا تُرْسِلَهُ حَتَّى يَأْتِيَ صَاحِبُهَا فَيَأْخُذُهُ، قَوْلُهُ: (وَفِيمَا ذُكِرَ تَذْكِيرُ الْجَارِحَةِ) أَيْ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ بِزَجْرِ صَاحِبِهِ

قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَكَلَ) لَوْ اخْتَلَّ غَيْرُ ذَلِكَ كَالِانْزِجَارِ مَثَلًا، قَالَ الرَّافِعِيُّ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْأَكْلِ، وَلَوْ اسْتَرْسَلَ بِنَفْسِهِ وَأَكَلَ لَمْ يَحِلَّ وَلَمْ يَقْدَحْ فِي التَّعْلِيمِ

قَوْلُهُ: (حَرُمَ الْمَأْكُولُ مِنْهُ آخِرًا) أَيْ جَزْمًا وَهِيَ وَارِدَةٌ عَلَى الْكِتَابِ وَقَوْلُهُ وَفِيمَا قَبْلَهُ أَيْ مِمَّا أَكَلَ مِنْهُ كَمَا رَأَيْت فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ مَنْقُولًا، عَنْ عِبَارَةِ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَحِينَئِذٍ فَانْظُرْ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْقَوْلَيْنِ هَلْ اخْتِلَافُهُمَا فِي أَيِّ صُورَةٍ وَلَوْ سَلَّمَ كَوْنُ الْوَجْهَيْنِ فِي غَيْرِ الْمَأْكُولِ مِنْهُ الْمَاضِيَيْنِ لَاسْتَقَامَ ثُمَّ رَأَيْت الْقُونَوِيَّ فَرَضَهَا، فِيمَا لَمْ يُؤْكَلْ مِنْهُ وَعِبَارَتُهُ وَلَا يَنْعَطِفُ التَّحْرِيمُ عَلَى مَا اصْطَادَهُ مِنْ قَبْلُ مَا لَمْ يَتَكَرَّرْ مِنْهُ الْأَكْلُ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَلَا يَحِلُّ مَا قَبْلَ ذَلِكَ الَّذِي أَكَلَ مِنْهُ إنْ اعْتَادَ الْأَكْلَ لِأَنَّ اعْتِيَادَهُ يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مُعَلَّمًا، ثُمَّ رَأَيْت الْكَمَالَ الْمَقْدِسِيَّ اعْتَرَضَ مَا فِي الْحَاوِي الَّذِي مَشَى الْقُونَوِيَّ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَصَوَّبَ أَنَّ الَّذِي لَمْ يَأْكُلْهُ مِنْهُ حَلَالٌ سَوَاءٌ اعْتَادَ الْأَكْلَ أَمْ لَا، وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا ثُمَّ رَاجَعْت الرَّوْضَةَ فَوَجَدْت فِيهَا مَا يَقْطَعُ الْإِشْكَالَ مِنْ أَصْلِهِ، وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَوْ تَكَرَّرَ إلَخْ. مُفَرَّعٌ عَلَى مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ، قَوْلُهُ: (وَفِيمَا قَبْلَهُ) أَيْ مَا أَكَلَ مِنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يَنْعَطِفُ عَلَيْهِ بِالتَّحْرِيمِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ الصَّيْدِ.

قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَجِبُ) قَالَ الْإِمَامُ: هَذَا الْقَائِلُ يَطَّرِدُ هَذَا فِي كُلِّ لَحْمٍ وَمَا فِي مَعْنَاهُ بِعَضَّةِ الْكَلْبِ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ مُلَاقَاةِ اللُّعَابِ مِنْ غَيْرِ عَضٍّ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ وُجُوهٌ سِتَّةٌ يُغْسَلُ بِمَاءٍ وَتُرَابٍ يُغْسَل فَقَطْ، يُعْفَى عَنْهُ مَعَ نَجَاسَتِهِ طَاهِرٌ إنْ أَصَابَ عِرْقًا نَضَّاحًا إنْ سَرَتْ النَّجَاسَةُ إلَى كُلِّ الصَّيْدِ لَمْ يَحِلَّ وَالْأَحَلُّ يَجِبُ التَّقْوِيرُ

قَوْلُهُ: (حَلَّ) قَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 4] ، فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَا قَتَلَهُ بِنَابِهِ أَوْ ظُفُرِهِ أَوْ ثِقْلِهِ وَلِأَنَّهُ يَبْعُدُ تَعْلِيمُ الْجَوَارِحِ، أَنْ لَا تَقْتُلَ إلَّا جُرْحًا انْتَهَى وَلَوْ مَاتَ فَزَعًا أَوْ مِنْ شِدَّةِ الْعَدْوِ لَمْ يَحِلَّ قَطْعًا قَوْلُهُ: (كَالْقَتْلِ بِثِقَلِ السَّيْفِ) رَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ وَالْقَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الصِّفَاتِ أَعْنِي قَوْله تَعَالَى {مِنَ الْجَوَارِحِ} [المائدة: 4] هَلْ هِيَ لِلتَّخْصِيصِ أَوْ لِلتَّفْرِيقِ أَقُولُ: وَفِي هَذَا أَنَّ الْجَوَارِحَ لَيْسَتْ بِمَعْنَى الْكَوَاسِبِ، وَهَذَا الْبِنَاءُ يَنْتَسِبُ لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمِنْ أَدِلَّةِ الثَّانِي أَيْضًا حَدِيثُ مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَلَوْ مَاتَ بِالْجُرْحِ وَالثِّقَلِ حَلَّ قَطْعًا.

قَوْلُهُ: (لِانْتِفَاءِ الذَّبْحِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَانْجَرَحَ وَقَوْلُهُ وَقَصَدَهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ أَوْ احْتَكَّتْ بِهِ وَقَوْلُهُ وَالْإِرْسَالُ رَاجِعٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015