سِنِّهِ، فَقَدَّمَ الْأَوَّلَ عَلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ (قُلْت: الْقَدِيمُ أَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَامَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ عَنْ الصُّبْحِ حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ، فَسَارُوا حَتَّى ارْتَفَعَتْ، ثُمَّ نَزَلَ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ الصَّلَاةَ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى صَلَاةَ الْغَدَاةِ» . (فَإِنْ كَانَتْ فَوَائِتَ لَمْ يُؤَذِّنْ لِغَيْرِ الْأُولَى) قَطْعًا، وَفِي الْأُولَى الْخِلَافُ.

(وَيُنْدَبُ لِجَمَاعَةِ النِّسَاءِ الْإِقَامَةُ) بِأَنْ تَأْتِيَ بِهَا إحْدَاهُنَّ (لَا الْآذَانُ عَلَى الْمَشْهُورِ) فِيهِمَا لِأَنَّ الْأَذَانَ يُخَافُ مِنْ رَفْعِ الْمَرْأَةِ الصَّوْتَ بِهِ الْفِتْنَةُ وَالْإِقَامَةُ لِاسْتِنْهَاضِ الْحَاضِرِينَ وَلَيْسَ فِيهَا رَفْعُ الْأَذَانِ. وَالثَّانِي يُنْدَبَانِ بِأَنْ تَأْتِيَ بِهِمَا وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ لَكِنْ لَا تَرْفَعُ صَوْتَهَا فَوْقَ مَا تُسْمِعُ صَوَاحِبَهَا. وَالثَّالِثُ لَا يُنْدَبَانِ الْأَذَانُ لِمَا تَقَدَّمَ وَالْإِقَامَةُ تَبَعٌ لَهُ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي الْمُنْفَرِدَةِ بِنَاءً عَلَى نَدْبِ الْأَذَانِ لِلْمُنْفَرِدِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ فِي هَذَا كُلِّهِ كَالْمَرْأَةِ.

(وَالْأَذَانُ مُثَنًّى وَالْإِقَامَةُ فُرَادَى إلَّا لَفْظَ الْإِقَامَةِ) فَإِنَّهُ مُثَنًّى لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ؛ إلَّا الْإِقَامَةَ أَيْ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا فِي النَّسَائِيّ، ثُمَّ الْمُرَادُ مُعْظَمُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، فَإِنَّ كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ فِي آخِرِ الْأَذَانِ مُفْرَدَةٌ.

ـــــــــــــــــــــــــــــSطَلَبِ هَذَا الْأَذَانِ. قَوْلُهُ: (قُلْت الْقَدِيمُ) هُنَا الْقَائِلُ بِالْأَذَانِ لِلْفَائِتَةِ أَظْهَرُ، وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ. قَوْلُهُ: (حَتَّى ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ) أَيْ وَخَرَجُوا مِنْ الْوَادِي الَّذِي أَخْبَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ بِهِ شَيْطَانًا. قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ بِالصَّلَاةِ) .

قَالَ بَعْضُهُمْ فِي تَعْدِيَتِهِ بِالْبَاءِ دُونَ اللَّامِ، إشْعَارٌ بِأَنَّ مَعْنَى أَذَّنَ أَعْلَمَ النَّاسَ بِصَلَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لِيَحْضُرُوهَا لَا بِمَعْنَى الْأَذَانِ الْمَشْهُورِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (صَلَاةَ الْغَدَاةِ) أَيْ صَلَاةَ الصُّبْحِ الَّتِي فَاتَتْ بِالنَّوْمِ، وَنَوْمُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعَيْنَيْهِ اللَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ بِهِمَا رُؤْيَةُ الشَّمْسِ لَا يُنَافِي أَنَّهُ لَا يَنَامُ قَلْبُهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَتْ فَوَائِتَ) أَيْ وَصَلَّاهَا مُتَوَالِيَةً وَإِنْ تَذَكَّرَ كُلَّ وَاحِدَةٍ، بَعْدَ فَرَاغِ مَا قَبْلَهَا، وَكَذَا لَوْ وَالَى بَيْنَ حَاضِرَةٍ وَفَائِتَةٍ، وَإِنْ قَدَّمَ الْفَائِتَةَ أَوْ وَالَى بَيْنَ حَاضِرَتَيْنِ، كَمَا فِي صَلَاةِ الْجُمَعِ وَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ بِالْفَوَائِتِ، لِأَنَّ عَدَمَ الْأَذَانِ لِلْفَائِتَةِ مَعَ الْحَاضِرَةِ عَلَى الْأَظْهَرِ لَا مَقْطُوعٌ بِهِ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ قَطْعًا نَعَمْ إنْ دَخَلَ وَقْتُ الْحَاضِرَةِ بَعْدَ فَرَاغِ مَا قَبْلَهَا أَذَّنَ لَهَا لِدُخُولِ وَقْتِهَا الْحَقِيقِيِّ فَلَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ

وَكَذَا لَوْ أَذَّنَ لِصَلَاةٍ ثُمَّ أَرَادَ تَقْدِيمَ غَيْرِهَا عَلَيْهَا فَالْوَجْهُ أَنَّهُ يُؤَذِّنُ لَهُ أَيْضًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُؤَذِّنْ لِغَيْرِ الْأُولَى) فَيَحْرُمُ بِقَصْدِهِ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ فَاسِدَةٌ.

قَوْلُهُ: (وَيُنْدَبُ لِجَمَاعَةِ النِّسَاءِ الْإِقَامَةُ) لَا الْأَذَانُ عَلَى الْمَشْهُورِ. اعْلَمْ أَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِقَامَةِ وَالْأَذَانِ لِلنِّسَاءِ حَرَامٌ مَعَ رَفْعِ الصَّوْتِ قَطْعًا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْأَذَانِ فَقَطْ. وَكَذَا لَوْ قَصَدَتْ فِيهِ التَّشْبِيهَ بِالرِّجَالِ، وَإِلَّا فَيُكْرَهُ وَلَيْسَ أَذَانًا مُطْلَقًا بَلْ عَلَى صُورَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي الْمُنْفَرِدَةِ) بِجَمِيعِ أَحْكَامِهِ الْمَذْكُورَةِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ بِنَاءً عَلَى نَدْبِ الْأَذَانِ لِلْمُنْفَرِدِ إلَى أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ لَهَا قَطْعًا إذَا لَمْ يُنْدَبْ لَهُ، وَأَنَّهُ يُنْدَبُ لَهَا الْإِقَامَةُ قَطْعًا، وَمَا فِي كَلَامِ شَيْخِ شَيْخِنَا عَمِيرَةَ هُنَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ فِي هَذَا كُلِّهِ كَالْمَرْأَةِ) فِي الْحُرْمَةِ وَالْكَرَاهَةِ اجْتِمَاعًا وَانْفِرَادًا وَفِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ أَيْضًا، وَخَرَجَ بِالْأَذَانِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَالْغِنَاءُ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ مَعَ الْمَدِّ مِمَّنْ ذُكِرَ فَلَا يَحْرُمَانِ وَلَوْ بِرَفْعِ الصَّوْتِ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ وَظَائِفِ الرِّجَالِ وَأَلْحَقَ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ الْقِرَاءَةَ بِالْأَذَانِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَحْرُمُ سَمَاعُ الْأَجْنَبِيِّ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَعَ الشَّهْوَةِ أَوْ خَوْفِ الْفِتْنَةِ.

قَوْلُهُ: (إنْ يَشْفَعُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الْفَاءِ أَيْ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ شَفْعًا. قَوْلُهُ: (ثُمَّ الْمُرَادُ مُعْظَمُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ) وَالْمُصَنِّفُ رَاعَى لَفْظَ الرِّوَايَةِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ فَإِنَّ كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ إلَخْ. إلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْمُعْظَمُ مِنْ حَيْثُ الْكَلِمَاتُ، لِأَنَّهُ أَخْرَجَ بِهِ التَّكْبِيرَ أَوَّلَ الْأَذَانِ وَالتَّوْحِيدَ آخِرَهُ، وَهُمَا خَمْسُ كَلِمَاتٍ مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ كَلِمَةً، وَأَخْرَجَ بِهِ التَّكْبِيرَ أَوَّلَ الْإِقَامَةِ مَعَ لَفْظِ الْإِقَامَةِ، وَهُمَا أَرْبَعُ كَلِمَاتٍ مِنْ إحْدَى عَشْرَةَ كَلِمَةً، وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ التَّكْبِيرَ آخِرَ الْإِقَامَةِ مُثَنًّى أَيْضًا فَهُوَ مَعَ ذَلِكَ سِتُّ كَلِمَاتٍ مِنْ الْإِحْدَى عَشْرَةَ الْمَذْكُورَةِ، وَدَعْوَى أَنَّهُ لَمْ يَعْتَبِرْهُ لِتَكْرَارِهِ أَوْ لِتَسَاوِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فِيهِ لَا تَسْتَقِيمُ مَعَ عَدِّهِ الْمَذْكُورَ، وَلَوْ أَرَادَ الْمُعْظَمَ مِنْ حَيْثُ النَّوْعُ لَكَانَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّارِحِ: (عَلَى الْأَوَّلِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فَفِيهِ زِيَادَةٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُلْت الْقَدِيمُ أَظْهَرُ) بِهَذَا.

قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يُؤَذِّنْ لِغَيْرِ الْأُولَى) أَيْ إذَا وَالَى بَيْنَهُمَا، وَلَوْ وَالَى بَيْنَ مُؤَدَّاةٍ وَفَائِتَةٍ وَقُلْنَا لَا يُؤَذِّنُ لِلْفَائِتَةِ لَمْ يُؤَذِّنْ لِلْمُؤَدَّاةِ أَيْضًا، أَيْ إذَا قَدَّمَ الْفَائِتَةَ.

قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي الْمُنْفَرِدَةِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا تُشْعِرُ بِهِ عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ، وَقَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى نَدْبِ الْأَذَانِ لِلْمُنْفَرِدِ اقْتَضَى صَنِيعُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّا إذَا قُلْنَا: لَا يُنْدَبُ الْأَذَانُ لِلْمُنْفَرِدِ، يَجْرِي هَذَا الْخِلَافُ فِي الْمُنْفَرِدَةِ، وَذَلِكَ يُفِيدُ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا عَدَمُ أَذَانِهَا جَزْمًا، عَلَى هَذَا التَّفْرِيعِ وَهُوَ كَذَلِكَ. الْأَمْرُ الثَّانِي عَدَمُ إقَامَتِهَا جَزْمًا، وَعَلَيْهِ مَنْعٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْمُنْفَرِدَ وَإِنْ قُلْنَا لَا يُؤَذِّنُ يُقِيمُ جَزْمًا كَمَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015