كَأَصْلِهِ الْمَزِيدِ عَلَى الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَمَاتَ فِي الْحَالِ عَمَّا إذَا أَدْرَكَهُ، وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ وَأَمْكَنَهُ ذَبْحُهُ وَلَمْ يُذْبَحْ وَمَاتَ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ كَمَا سَيَأْتِي
(وَلَوْ تَرَدَّى بَعِيرٌ وَنَحْوُهُ فِي بِئْرٍ وَلَمْ يُمْكِنْ قَطْعُ حُلْقُومِهِ فَكَنَادٍّ) فِي حِلِّهِ بِالرَّمْيِ وَكَذَا بِإِرْسَالِ الْكَلْبِ فِي وَجْهٍ اخْتَارَهُ الْبَصْرِيُّونَ، (قُلْت: الْأَصَحُّ لَا يَحِلُّ بِإِرْسَالِ الْكَلْبِ وَصَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ وَالشَّاشِيُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ، وَفَرَّقَ الرُّويَانِيُّ بِأَنَّ الْحَدِيدَ يُسْتَبَاحُ بِهِ الذَّبْحُ مَعَ الْقُدْرَةِ وَعَقْرُ الْكَلْبِ بِخِلَافِهِ، (وَمَتَى تَيَسَّرَ لُحُوقُهُ) أَيْ النَّادِّ (بِعَدْوٍ أَوْ اسْتِعَانَةٍ) بِنُونٍ وَمُهْمَلَةٍ، (بِمَنْ يَسْتَقْبِلُهُ فَمَقْدُورٌ عَلَيْهِ) فَلَا يَحِلُّ إلَّا بِالذَّبْحِ فِي الْمَذْبَحِ.
(وَيَكْفِي فِي النَّادِّ وَالْمُتَرَدِّي جُرْحٌ يُفْضِي إلَى الزَّهُوقِ وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ مُذَفِّفٌ) أَيْ مُسْرِعٌ لِلْقَتْلِ لِيَتَنَزَّلَ مَنْزِلَةَ قَطْعِ الْحُلْقُومِ فِي الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ.
(وَإِذَا أَرْسَلَ سَهْمًا أَوْ كَلْبًا أَوْ طَائِرًا عَلَى صَيْدٍ فَأَصَابَهُ وَمَاتَ، فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ فِيهِ حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً أَوْ أَدْرَكَهَا وَتَعَذَّرَ ذَبْحُهُ بِلَا تَقْصِيرٍ بِأَنْ سَلَّ السِّكِّينَ فَمَاتَ قَبْلَ إمْكَانٍ) لِذَبْحِهِ (أَوْ امْتَنَعَ) مِنْهُ، (بِقُوَّتِهِ وَمَاتَ قَبْلَ الْقُدْرَةِ) عَلَيْهِ (حَلَّ) فِيمَا ذُكِرَ، (وَإِنْ مَاتَ لِتَقْصِيرِهِ بِأَنْ لَا يَكُونَ مَعَهُ سِكِّينٌ أَوْ غُصِبَتْ) مِنْهُ (أَوْ نَشِبَتْ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ (فِي الْغِمْدِ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ الْخِلَافُ أَيْ عَلِقَتْ فِيهِ فَعَسُرَ إخْرَاجُهَا وَفِيهَا التَّذْكِيرُ أَيْضًا، وَسَيَأْتِي (حَرُمَ) فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ (وَلَوْ رَمَاهُ فَقَدَّهُ نِصْفَيْنِ حَلَّا) تَسَاوَيَا أَوْ تَفَاوَتَا (وَلَوْ أَبَانَ مِنْهُ عُضْوًا) كَيَدٍ أَوْ رِجْلٍ (بِجُرْحٍ مُذَفِّفٍ) أَيْ مُسْرِعٍ لِلْقَتْلِ فَمَاتَ فِي الْحَالِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (حَلَّ الْعُضْوُ وَالْبَدَنُ) ، أَيْ بَاقِيهِ (أَوْ بِغَيْرِ مُذَفِّفٍ ثُمَّ ذَبَحَهُ أَوْ جَرَحَهُ جُرْحًا آخَرَ مُذَفِّفًا) فَمَاتَ (حَرُمَ الْعُضْوُ) لِأَنَّهُ أَبْيَنُ مِنْ حَيٍّ (وَحَلَّ الْبَاقِي) وَحِلُّهُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ. فِيمَا إذَا لَمْ يُثْبِتْهُ بِالْجُرْحِ الْأَوَّلِ فَإِنْ أَثْبَتَهُ بِهِ تَعَيَّنَ ذَبْحُهُ وَلَا يُجْزِئُ الْجُرْحُ لِأَنَّهُ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا.
(فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَبْحِهِ وَمَاتَ بِالْجُرْحِ حَلَّ الْجَمِيعُ) كَمَا لَوْ كَانَ مُذَفِّفًا (وَقِيلَ: يَحْرُمُ الْعُضْوُ) لِأَنَّهُ أَبْيَنُ مِنْ حَيٍّ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا
(وَذَكَاةُ كُلِّ حَيَوَانٍ) بَرِّيٍّ (قَدَرَ عَلَيْهِ بِقَطْعِ كُلِّ الْحُلْقُومِ) بِضَمِّ الْحَاءِ (وَهُوَ مَخْرَجُ النَّفَسِ) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مَجْرَاهُ خُرُوجًا وَدُخُولًا، (وَ) كُلُّ (الْمَرِيءِ وَهُوَ مَجْرَى الطَّعَامِ) وَالشَّرَابِ وَهُوَ تَحْتَ الْحُلْقُومِ (وَيُسْتَحَبُّ قَطْعُ الْوَدَجَيْنِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالدَّالِ، (وَهُمَا عِرْقَانِ فِي صَفْحَتَيْ الْعُنُقِ) يُحِيطَانِ بِالْحُلْقُومِ، وَقِيلَ بِالْمَرِيءِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: (وَنَدَّ وَشَرَدَ بِمَعْنَى نَفَرَ إلَخْ) لَكِنْ لَا يُسْتَعْمَلُ نَدَّ إلَّا فِي الْإِبِلِ خَاصَّةً
قَوْلُهُ: (وَلَمْ يُمْكِنْ) أَيْ لَمْ يَسْهُلْ ذَلِكَ الْوَقْتَ وَإِنْ سَهُلَ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَ شَيْخُنَا: لَا بُدَّ مِنْ التَّعَذُّرِ. قَوْلُهُ: (الْأَصَحُّ لَا يَحِلُّ) أَيْ الْمُتَرَدِّي بِإِرْسَالِ الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَمَتَى تَيَسَّرَ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِحَالِ الطَّالِبِ قُوَّةً وَضَعْفًا، وَاعْتَبَرَ شَيْخُنَا التَّعَذُّرَ فِيهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَوْ اسْتِعَانَةٌ) بِمُهْمَلَةٍ فَنُونٍ أَوْ بِمُعْجَمَةٍ فَمُثَلَّثَةٍ. قَوْلُهُ: (جُرْحٌ يُفْضِي إلَخْ) فَإِنْ نَفَذَ إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ، فَلَوْ وَصَلَ بَعْدَ نُفُوذِهِ إلَى صَيْدٍ آخَرَ وَأَثَّرَ فِيهِ كَذَلِكَ حَلَّ حَيْثُ لَا يُحَالُ مَوْتُهُ عَلَى سَبَبٍ آخَرَ.
فَرْعٌ: لَوْ تَرَدَّى بَعِيرٌ إنْ مَثَلًا فَوْقَ بَعْضِهِمَا فِي نَحْوَ بِئْرٍ فَإِنْ مَاتَ الْأَسْفَلُ بِثِقَلِ الْأَعْلَى مَثَلًا لَمْ يَحِلَّ بِخِلَافِ مَا لَوْ طُعِنَ الْأَعْلَى بِنَحْوِ سَهْمٍ أَوْ رُمْحٍ، فَوَصَلَ إلَى الْأَسْفَلِ وَأَثَّرَ فِيهِ يَقِينًا فَهُمَا حَلَالَانِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ بِالْأَسْفَلِ. .
قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ فِيهِ حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً) أَيْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ إدْرَاكُهُ بِهَا فَلَا تَحِلُّ إذَا شَكَّ فِي وُجُودِهَا فِيهِ، وَالْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ مَا يَكُونُ مَعَهَا حَرَكَةٌ اخْتِيَارِيَّةٌ، وَتُعْرَفُ بِالْحَرَكَةِ الْقَوِيَّةِ أَوْ تَفَجُّرِ الدَّمِ أَوْ الْقِيَامِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَكْفِي وُجُودُهَا عِنْدَ ابْتِدَاءِ آخِرِ مَرَّةٍ لَوْ تَعَدَّدَ الْقَطْعُ، وَهَذِهِ إنَّمَا تُعْتَبَرُ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ سَبَبٌ لِلْمَوْتِ أَوْ كَانَ بِسَبَبٍ يُحَالُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ كَجُرْحٍ وَأَكْلِ نَبَاتٍ سُمَيٌّ، وَأَكْلِ مَا يَحْصُلُ بِهِ نَفْخٌ أَمَّا مَرِيضٌ وَصَلَ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ بِالْمَرَضِ فَلَا تُعْتَبَرُ فِيهِ تِلْكَ الْحَيَاةُ، قَوْلُهُ: (بِلَا تَقْصِيرٍ) يَقِينًا فَلَوْ شَكَّ فِي تَقْصِيرِهِ حَلَّ وَلَيْسَ مِنْ التَّقْصِيرِ حَيْلُولَةُ نَحْوِ سَبُعٍ أَوْ اشْتِغَالِهِ بِنَحْوِ تَوْجِيهِهِ لِلْقِبْلَةِ، أَوْ طَلَبَ مَذْبَحَهُ أَوْ قَلَّبَهُ وَلَوْ وَقَعَ مُنَكَّسًا فَلَا يَحْرُمُ فِي ذَلِكَ، قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ) وَلَا يُكَلَّفُ الْعَدُوُّ خَلْفَهُ مَثَلًا، قَوْلُهُ: (لِتَقْصِيرِهِ) وَمِنْهُ الذَّبْحُ بِظَهْرِ السِّكِّينِ وَسُمِّيَتْ سِكِّينًا لِأَنَّهَا تُسْكِنُ الْحَيَاةَ وَالْحَرَارَةَ النَّاشِئَةَ عَنْهَا وَتُسَمَّى مُدْيَةً لِقَطْعِهَا مُدَّةَ الْحَيَاةِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (غُصِبَتْ) أَيْ قَبْلَ الرَّمْيِ فَإِنْ غُصِبَتْ بَعْدَهُ فَلَا تَقْصِيرَ فِيهِ، قَوْلُهُ: (أَيْ عَلِقَتْ فِيهِ) أَيْ لَا لِعَارِضٍ وَإِلَّا فَتَحِلُّ قَوْلُهُ: (وَفِيهَا التَّذْكِيرُ) وَهُوَ الْغَالِبُ قَوْلُهُ: (فِي الْحَالِ) قَيْدٌ لَا بُدَّ مِنْهُ فَإِنْ تَرَكَهُ بَعْدَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ لَمْ يَحِلَّ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ: يَحْرُمُ الْعُضْوُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَخْذًا مِنْ تَصْحِيحِهِ فِي الرَّوْضَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: (وَنَدَّ وَشَرَدَ) أَيْ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَوَهَّمَ مُغَايَرَتُهُمَا مِنْ ظَاهِرِ الْمَتْنِ
قَوْلُهُ: (تَيَسَّرَ) يُرِيدُ أَمْكَنَ قَوْلُهُ: (وَيَكْفِي إلَخْ) دَلِيلُهُ حَدِيثُ لَوْ طُعِنَتْ فِي فَخِذِهَا لَأَجْزَأَ، وَجُرْحُ الْفَخِذِ لَيْسَ مُذَفِّفًا غَالِبًا ثُمَّ قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ الصَّيْدَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ قَطْعًا، ثُمَّ مَحِلُّ الْخِلَافِ فِي الرَّمْيِ أَمَّا الْجَارِحَةُ فَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِيهَا قَطْعًا
قَوْلُهُ: (وَمَاتَ) وَلَوْ مَآلًا فَلَا يُنَافِي جَعْلَهُ مِنْ أَقْسَامِ مَا فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، قَوْلُهُ: (السِّكِّينَ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ، لِأَنَّهَا تُسْكِنُ حَرَكَةَ الْمَذْبُوحِ
قَوْلُهُ: (قَدَرَ عَلَيْهِ) يُرِيدُ عَلَيْهِ مَا لَوْ أَخْرَجَ الْجَنِينُ رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يَحِلُّ بِذَكَاةِ أُمِّهِ، وَإِنْ كَانَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: