وَقَيَّدَهُ الْبَغَوِيّ بِمَا إذَا أَخْبَرَهُ بَصِيرٌ فَأَرْسَلَ السَّهْمَ أَوْ الْكَلْبَ وَهُوَ أَشْبَهُ وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي صَيْدِ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجْنُونِ بِالْكَلْبِ وَالسَّهْمِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَالْمَذْهَبُ هُنَا الْحِلُّ قَالَ: وَصَيْدُ الْمُمَيِّزِ بِهِمَا كَذَبْحِهِ
(وَتَحِلُّ مَيْتَةُ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ) إجْمَاعًا (وَلَوْ صَادَهُمَا مَجُوسِيٌّ) فَتَحِلُّ وَلَا اعْتِبَارَ بِفِعْلِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَوْ ذَبَحَ سَمَكَةً حَلَّتْ (وَكَذَا الدُّودُ الْمُتَوَلِّدُ مِنْ طَعَامٍ كَخَلٍّ وَفَاكِهَةٍ إذَا أَكَلَ مَعَهُ) مَيْتًا يَحِلُّ (فِي الْأَصَحِّ) لِعُسْرِ تَمْيِيزِهِ بِخِلَافِ أَكْلِهِ مُنْفَرِدًا فَيَحْرُمُ وَالثَّانِي يَحِلُّ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهُ طَبْعًا وَطَعْمًا، وَالثَّالِثُ يَحْرُمُ مُطْلَقًا لِاسْتِقْذَارِهِ وَإِنْ قِيلَ بِطَهَارَتِهِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَالَ فِي الدَّقَائِقِ أَشَارَ إلَيْهَا الْمُحَرَّرُ بِقَوْلِهِ مَا حَلَّتْ مَيْتَتُهُ كَالسَّمَكِ وَالْجَرَادِ (وَلَا يَقْطَعُ) الشَّخْصُ (بَعْضَ سَمَكَةٍ) حَيَّةٍ (فَإِنْ فَعَلَ) ذَلِكَ (أَوْ بَلِعَ) بِكَسْرِ اللَّامِ (سَمَكَةً حَيَّةً حَلَّ) مَا ذُكِرَ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا يَحِلُّ الْمَقْطُوعُ كَمَا فِي غَيْرِ السَّمَكِ وَلَا الْبُلُوغُ لِمَا فِي جَوْفِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَطَرَدُوا الْوَجْهَيْنِ فِي الْجَرَادِ.
(وَإِذَا رَمَى صَيْدًا مُتَوَحِّشًا أَوْ بَعِيرًا نَدَّ أَوْ شَاةً شَرَدَتْ بِسَهْمٍ أَوْ أَرْسَلَ عَلَيْهِ جَارِحَةً فَأَصَابَ شَيْئًا مِنْ بَدَنِهِ وَمَاتَ فِي الْحَالِ حَلَّ) لِلْإِجْمَاعِ فِي الْأَوَّلِ بِالسَّهْمِ وَالْجَارِحَةِ وَلِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ فِي الْبَعِيرِ بِالسَّهْمِ وَقِيسَ بِهِ الشَّاةُ وَعَلَى السَّهْمِ الْجَارِحَةُ وَفِي الْكَلْبِ مِنْهَا حَدِيثُ أَبِي دَاوُد فِي الصَّيْدِ الصَّادِقِ بِالْمُتَوَحِّشِ وَنَدَّ وَشَرَدَ بِمَعْنَى نَفَرَ كَالْمُتَوَحِّشِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ:
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: (وَقَيَّدَهُ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا لَمْ يُخْبِرْهُ أَحَدٌ لَمْ يَحِلَّ جَزْمًا، قَوْلُهُ: (وَالْمَجْنُونِ) وَالسَّكْرَانِ أَيْضًا عَلَى الْمَرْجُوحِ، قَوْلُهُ: (وَالْمَذْهَبُ هُنَا الْحِلُّ) أَيْ لِمَا صَادَهُ الصَّبِيُّ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ وَالْمَجْنُونُ كَذَلِكَ وَالسَّكْرَانُ كَذَلِكَ سَوَاءٌ بِالسَّهْمِ أَوْ بِالْجَارِحَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
فَرْعٌ: لَوْ أَخْبَرَ بَصِيرٌ بِصَيْدٍ فِي ظُلْمَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ شَجَرَةٍ فَرَمَاهُ حَلَّ جَزْمًا، وَلَوْ أَخْبَرَ فَاسِقٌ أَوْ كِتَابِيٌّ أَنَّهُ ذَبَحَ هَذِهِ الشَّاةَ مَثَلًا قَبِلْنَاهُ وَحَلَّتْ وَلَوْ رَأَيْنَا شَاةً مَذْبُوحَةً وَلَمْ نَدْرِ مَنْ ذَبَحَهَا فَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نَحْوُ مَجُوسِيٍّ لَمْ تَحِلَّ وَإِلَّا حَلَّتْ، وَهَذَا بِظَاهِرِهِ شَامِلٌ لِمَا لَوْ قَلَّ الْمَجُوسُ كَوَاحِدٍ فِي بَلَدٍ أَوْ إقْلِيمٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ خُصُوصًا فِي نَحْوِ مِصْرَ، وَإِقْلِيمِهَا فَالْوَجْهُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَغْلِبْ مَنْ تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ أَيْضًا بِجَرْيِ الْعَادَةِ فِيهَا بِذَبْحِ نَحْوِ الْمَجُوسِيِّ وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ وَمَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (وَتَحِلُّ مَيْتَةُ السَّمَكِ) وَالْمُرَادُ بِهِ حَيَوَانُ الْبَحْرِ الَّذِي عَيْشُهُ فِي الْبَرِّ عَيْشُ مَذْبُوحٍ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا الدُّودُ الْمُتَوَلِّدُ مِنْ طَعَامٍ) وَمِثْلُهُ النَّحْلُ الصَّغِيرُ فِي شَمْعِهِ وَنَحْوُ سُوسِ بَاقِلَّا أَوْ تَمْرٍ فِيهِ فَهُوَ حَلَالٌ مَعَهُ، وَلَوْ بِطَبْخٍ وَأَمَّا الْمُتَوَلِّدُ مِنْ غَيْرِ الشَّيْءِ كَنَمْلٍ فِي خَلٍّ أَوْ عَسَلٍ فَلَا يَحِلُّ إلَّا إنْ تَهَرَّى، وَلَوْ بِطَبْخِهِ مَعَهُ أَيْ وَلَمْ يُغَيِّرْهُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِ الطَّهَارَةِ، وَيَحِلُّ مَا تَهَرَّى مِنْ جَرَادٍ وَقَعَ فِي قِدْرٍ، وَيُعْفَى عَمَّا فِي بَاطِنِهِ لِلْمَشَقَّةِ كَمَا يَأْتِي فِي السَّمَكِ. قَوْلُهُ: (مَيِّتًا) أَوْ حَيًّا أَيْضًا. قَوْلُهُ: (لِعُسْرِ تَمْيِيزِهِ) أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (أَشَارَ إلَيْهَا الْمُحَرَّرُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ مَا حَلَّتْ مَيْتَتُهُ لَا حَاجَةَ لِذَبْحِهِ قَوْلُهُ: (وَلَا يَقْطَعُ الشَّخْصُ بَعْضَ سَمَكَةٍ) أَيْ يُكْرَهُ لَهُ نَعَمْ يُسَنُّ ذَبْحُ سَمَكَةٍ كَبِيرَةٍ وَالْقَلْيُ كَالْقَطْعِ قَوْلُهُ: (أَوْ بَلِعَ سَمَكَةً حَيَّةً) أَيْ فَهُوَ حَلَالٌ وَخَرَّجَ الْمَيِّتَةَ فَتَحْرُمُ الْكَبِيرَةُ قَطْعًا، وَتَحِلُّ الصَّغِيرَةُ عَلَى أَقْرَبِ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ شَيْخِ شَيْخِنَا عَمِيرَةَ. قَوْلُهُ: (لِمَا فِي جَوْفِهِ) وَرُدَّ بِأَنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَهَذَا فِي الصَّغِيرِ كَمَا مَرَّ فَلَا يَتَنَجَّسُ بِهِ دُهْنٌ قُلِيَ فِيهِ مَثَلًا وَلَا يَحْرُمُ قَلْيُهُ حَيًّا عَلَى الْمُعْتَمَدِ نَعَمْ مَا يَقَعُ الْآنَ مِنْ تَفْقِيعِ الصَّغِيرِ وَجَعْلِهِ بِسَارِيَةٍ قَبْلَ اسْتِقْصَاءِ غَسْلِهِ فَالْوَجْهُ نَجَاسَتُهُ وَدُهْنُهُ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ فَرَاجِعْهُ.
فَرْعٌ: أَوْ وُجِدَتْ سَمَكَةٌ فِي جَوْفِ أُخْرَى حَلَّتْ مَا لَمْ تَتَغَيَّرْ. قَوْلُهُ: (وَطَرَدُوا الْوَجْهَيْنِ فِي الْجَرَادِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ كَالسَّمَكِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: (مَيْتَةُ السَّمَكِ) أَيْ سَوَاءٌ مَاتَ طَافِيًا أَوْ رَاسِبًا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. لَنَا قَضِيَّةُ الْعَنْبَرِ.
تَنْبِيهٌ: خَالَفَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي صَيْدِ الْمَجُوسِ لِلْجَرَادِ وَيُكْرَهُ ذَبْحُ السَّمَكِ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَبِيرًا يَطُولُ بَقَاؤُهُ فَيُسْتَحَبُّ إرَاحَةً لَهُ، قَوْلُهُ: (وَلَا اعْتِبَارَ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا الْحِلُّ فِيمَا لَوْ صَادَهُمَا مُحْرِمٌ، وَلَكِنَّ الْأَصَحَّ التَّحْرِيمُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، قَوْلُهُ: (وَكَذَا الدُّودُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ غَيْرَ الْمُتَوَلِّدِ يَحْرُمُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَمِنْهُ النَّمْلُ فِي الْعَسَلِ قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ: إلَّا إذَا وَقَعَتْ نَمْلَةٌ أَوْ ذُبَابَةٌ وَتَهَرَّتْ أَجْزَاؤُهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ انْتَهَى. وَلَوْ أَخْرَجَ الدُّودَ وَأَكَلَهُ مَعَ طَعَامٍ آخَرَ حَرُمَ وَلَا فَرْقَ فِي الْجَوَازِ بَيْنَ الَّذِي يَعْسُرُ تَمْيِيزُهُ أَوْ يَسْهُلُ وَلَا بَيْنَ الْكَثِيرِ وَالْقَلِيلِ، قَوْلُهُ: (وَإِنْ قِيلَ بِطَهَارَتِهِ) هُوَ رَأْيُ الْقَفَّالِ، قَوْلُهُ: (وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ) مُرَادُهُ الَّتِي فِي قَوْلِ الْمَتْنِ وَكَذَا الدُّودُ. قَوْلُهُ: (كَالسَّمَكِ وَالْجَرَادِ) تَتِمَّةُ الْعِبَارَةِ لَا حَاجَةَ إلَى ذَبْحِهِ ثُمَّ الْإِشَارَةُ فِي الْكَافِ الدَّاخِلَةِ عَلَى السَّمَكِ وَالْجَرَادِ، قَوْلُهُ: (وَلَا يَقْطَعُ) اقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْقَطْعَ حَرَامٌ لِلتَّعْذِيبِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي حِلِّ التَّنَاوُلِ وَاعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَقَالَ إنَّهُ وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ مَا يُخَالِفُهُ فَلَا تَغْتَرَّ بِهِ، وَأَنَّ قَوْلَ الْمِنْهَاجِ حِلَّ يُرِيدُ بِهِ حِلَّ التَّنَاوُلِ اهـ.
الزَّرْكَشِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ مَا يُخَالِفُهُ فَلَا تَغْتَرَّ بِهِ، وَأَنَّ قَوْلَ الْمِنْهَاجِ حِلَّ يُرِيدُ بِهِ حِلَّ التَّنَاوُلِ اهـ. أَقُولُ: وَقَوْلُ الشَّارِحِ مَا ذُكِرَ فِيهِ مُخَالَفَةٌ لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ وَيُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَالثَّانِي إلَخْ يُرْشِدُ إلَى مُوَافَقَتِهِ فَتَأَمَّلْ وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضِ التَّصْرِيحُ بِالْحِلِّ، قَوْلُهُ: (حَلَّ فِي الْأَصَحِّ) لَوْ قَطَعَ بَعْضَ سَمَكَةٍ فَمَاتَتْ بِذَلِكَ حَلَّ الْمَقْطُوعُ، قَوْلُهُ: (كَمَا فِي غَيْرِ السَّمَكِ) أَيْ لِعُمُومِ مَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيِّتٌ، قَوْلُهُ: (لِمَا فِي جَوْفِهِ إلَخْ) هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِالْحَيَّةِ وَعَلَّلَهُ بِحَدِيثِ أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ لِأَنَّهُ يُخْرِجُ هَذَا ثُمَّ الْخِلَافُ جَارٍ فِي إلْقَائِهِ فِي الزَّيْتِ الْمَغْلِيِّ، وَهُوَ حَيٌّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَوْ بَلَعَ سَمَكَةً كَبِيرَةً مَيِّتَةً حَرُمَ لِنَجَاسَةِ جَوْفِهَا، قَالَ وَفِي الصَّغِيرَةِ كَذَلِكَ وَجْهَانِ وَمَيْلُهُمْ إلَى الْجَوَازِ. .