(وَهُوَ مِنْ عَبَّادَانَ) بِالْمُوَحَّدَةِ الْمُشَدَّدَةِ (إلَى حَدِيثَةِ الْمَوْصِلِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالْمِيمِ (طُولًا وَمِنْ الْقَادِسِيَّةِ إلَى حُلْوَانَ) بِضَمِّ الْحَاءِ (عَرْضًا قُلْت) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (: الصَّحِيحُ أَنَّ الْبَصْرَةَ) بِفَتْحِ الْبَاءِ فِي الْأَشْهَرِ (وَإِنْ كَانَتْ دَاخِلَةً فِي حَدِّ السَّوَادِ فَلَيْسَ لَهَا حُكْمُهُ إلَّا فِي مَوْضِعِ غَرْبَيْ دِجْلَتِهَا) يُسَمَّى الْفُرَاتَ (وَمَوْضِعِ شَرْقِيِّهَا) أَيْ لِدِجْلَةَ يُسَمَّى نَهْرَ الصَّرَاةِ وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْهَا كَانَ مَوَاتًا أَحْيَاهُ الْمُسْلِمُونَ بَعْدُ وَمَنْ أَدْخَلَهُ فِي الْحُكْمِ مَشَى عَلَى التَّحْدِيدِ الْمَذْكُورِ (وَ) الصَّحِيحُ (أَنَّ مَا فِي السَّوَادِ مِنْ الدُّورِ وَالْمَسَاكِنِ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَمَنْ مَنَعَهُ مَشَى عَلَى أَنَّهُ وَقْفٌ (وَفُتِحَتْ مَكَّةُ صُلْحًا فَدُورُهَا وَأَرْضُهَا الْمُحْيَاةُ مِلْكٌ يُبَاعُ) وَلَمْ يَزَلْ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَهَا. .

[فصل يصح من كل مسلم مكلف مختارا أمان حربي]

فَصْلٌ (يَصِحُّ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ مُخْتَارًا أَمَانُ حَرْبِيٍّ) وَاحِدٍ (وَعَدَدٍ مَحْصُورٍ) مِنْهُمْ كَعَشَرَةٍ وَمِائَةٍ (فَقَطْ) أَيْ بِخِلَافِ أَهْلِ نَاحِيَةٍ وَبَلْدَةٍ

ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَضْرُوبُ عَلَى كُلِّ جَرِيبٍ قَدْرٌ مَعْلُومٌ فَعَلَى جَرِيبِ الشَّعِيرِ دِرْهَمَانِ وَالْبُرِّ أَرْبَعَةٌ وَالشَّجَرِ وَقَصَبِ السُّكَّرِ سِتَّةٌ، وَالنَّخْلِ ثَمَانِيَةٌ وَالْعِنَبِ عَشَرَةٌ وَالزَّيْتُونِ اثْنَا عَشَرَ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ السَّوَادُ وَالْمَبْدَأُ وَالْغَايَةُ دَاخِلَانِ فِي الْحُدُودِ الْمَذْكُورَةِ. قَوْلُهُ: (الْمَوْصِلِ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ نُوحًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا وَصَلَ بِسَفِينَتِهِ إلَى الْجُودِيِّ أَدْلَى حَجَرًا فِي حَبْلٍ لِيَعْلَمَ بِهِ قَدْرَ مَا بَقِيَ مِنْ الْمَاءِ، فَوَصَلَ إلَى الْأَرْضِ فِي ذَلِكَ الْمَحِلِّ قَوْلُهُ: (الْقَادِسِيَّةِ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ إبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعَا لَهَا بِالتَّقْدِيسِ. قَوْلُهُ: (الْبَصْرَةَ) بِتَثْلِيثِ الْبَاءِ وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ وَالنِّسْبَةُ إلَيْهَا بَصْرِيٌّ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ لَا بِالضَّمِّ وَتُسَمَّى قُبَّةَ الْإِسْلَامِ، وَخِزَانَةَ الْعَرَبِ وَخِزَانَةَ الْعِلْمِ بَنَاهَا عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانٍ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قِيلَ كَانَ بِهَا سَبْعَةُ آلَافِ مَسْجِدًا وَعَشَرَةُ آلَافِ نَهْرًا لِكُلِّ نَهْرٍ اسْمٌ مَخْصُوصٌ وَبَنَى بَعْدَهَا الْكُوفَةَ بِسَنَتَيْنِ عَلَى الْأَشْهَرِ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَوْلُهُ: (يُسَمَّى الْفُرَاتَ) الصَّوَابُ أَنَّ هَذَا هُوَ نَهْرُ الصَّرَاةِ، وَمَا بَعْدَهُ هُوَ نَهْرُ الْفُرَاتِ فَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِيهَا خِلَافُ الصَّوَابِ، وَالْفُرَاتُ اسْمُ مَكَان بِهَا لَا أَنَّهُ النَّهْرُ الْمَشْهُورُ.

قَوْلُهُ: (أَحْيَاهُ الْمُسْلِمُونَ) وَهُمْ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ وَعُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانٍ، وَمَنْ مَعَهُمْ فِي سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ، فِي زَمَنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَوْلُهُ: (بَعْدَ) أَيْ بَعْدَ فَتْحِ الْعِرَاقِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الدُّورِ وَالْمَسَاكِنِ) إلَّا الْخَانَاتِ فَإِنَّهَا مِنْ الْوَقْفِ قَالَ شَيْخُنَا: وَكَذَا الْأَشْجَارُ فَهِيَ وَقْفٌ لِدُخُولِهَا فِي وَقْفِ الْأَرْضِ فَيَمْتَنِعُ التَّصَرُّفُ فِيمَا كَانَ مَوْجُودًا مِنْهَا حَالَةَ الْوَقْفِ وَكَذَا يُقَالُ فِي بِنَاءِ الْخَانَاتِ. قَوْلُهُ: (وَفُتِحَتْ مَكَّةُ صُلْحًا) أَعْلَاهَا عَلَى يَدِ الزُّبَيْرِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَأَسْفَلُهَا عَلَى يَدِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَكِنْ بَعْدَ وُجُودِ صُورَةِ قِتَالٍ ابْتِدَاءً مِنْ جِهَةِ خَالِدٍ قَبْلَ التَّسْلِيمِ لَهُ ثُمَّ سَلَّمُوا فَكَفَّ عَنْهُمْ، وَبِهَذَا يُجْمَعُ التَّنَاقُضُ فِي الْأَخْبَارِ وَالْأَقْوَالِ، وَفُتِحَتْ مِصْرُ عَنْوَةً وَقَدْ فُتِحَتْ قُرَاهَا صُلْحًا وَضَعَّفَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَفُتِحَتْ مُدُنُ الشَّامِ صُلْحًا وَقُرَاهَا عَنْوَةً وَرَجَّحَ السُّبْكِيُّ أَنَّ دِمَشْقَ فُتِحَتْ عَنْوَةً، وَسَيَأْتِي فِي الْجِزْيَةِ زِيَادَةٌ عَلَى الْمَذْكُورِ هُنَا فَرَاجِعْهُ.

. فَصْلٌ فِي الْأَمَانِ مَعَ الْكُفَّارِ وَهُوَ أَحَدُ الْعُقُودِ الَّتِي تُفِيدُهُمْ الْأَمْنَ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ: أَمَانٌ، وَجِزْيَةٌ، وَهُدْنَةٌ لِأَنَّ الْعَقْدَ إنْ تَعَلَّقَ بِمَحْصُورٍ أَصَالَةً فَهُوَ الْأَمَانُ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ إلَى غَايَةٍ فَالْهُدْنَةُ وَإِلَّا فَالْجِزْيَةُ وَهَذَانِ يَخْتَصَّانِ بِالْإِمَامِ وَنَائِبِهِ وَبِوَالِي الْإِقْلِيمِ فِي عَقْدِ الْهُدْنَةِ. قَوْلُهُ: (يَصِحُّ) أَيْ يُعْتَبَرُ الْأَمَانُ وَيُعْمَلُ بِهِ إنْ وُجِدَ مِنْ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ وَلَفْظُهُ كُلُّ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فَإِنْ أَمِنَهُ غَيْرُ مَنْ ذُكِرَ بَلَغَ الْمَأْمَنَ إنْ ظَنَّ صِحَّتَهُ. قَوْلُهُ: (أَمَانُ حَرْبِيٍّ) وَهَذَا مِنْ مُقَابَلَةِ الْفَرْدِ بِالْفَرْدِ سَوَاءٌ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى. قَوْلُهُ: (وَعَدَدٌ مَحْصُورٌ) وَهَذَا مِنْ مُقَابَلَةِ الْمُفْرَدِ بِالْجَمْعِ وَعَكْسُهُ أَوْلَى وَأَمَّا مُقَابَلَةُ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ كَأَنْ أَمِنَ مِائَةُ أَلْفٍ مِنَّا مِائَةَ أَلْفٍ مِنْهُمْ، فَقَالَ الْإِمَامُ: فَكُلُّ وَاحِدٍ لَمْ يُؤَمِّنْ إلَّا وَاحِدًا مِنْهُمْ لَكِنَّ مَحِلَّ الصِّحَّةِ إنْ لَمْ يَنْسَدَّ بَابُ الْجِهَادِ، وَإِلَّا بَطَلَ الْكُلُّ إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ دَفْعَةً، وَإِلَّا فَيَصِحُّ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ إلَى ظُهُورِ الْخَلَلِ فَيَبْطُلُ مَا زَادَ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQيُؤَدُّونَهُ كُلَّ عَامٍ وَقِيلَ بَعْضُهُ صُلْحًا وَبَعْضُهُ عَنْوَةً، وَقِيلَ بِالْوَقْفِ قَوْلُهُ: (وَهُوَ مِنْ عَبَّادَانَ) ابْتِدَاءُ الْغَايَةِ دَاخِلٌ فِي الْكُلِّ وَكَذَا انْتِهَاؤُهَا قَوْلُهُ: (وَهُوَ مِنْ عَبَّادَانَ إلَى حَدِيثَةِ الْمُوصِلِ إلَخْ) هُوَ بِالْفَرَاسِخِ مِائَةٌ وَسِتُّونَ طُولًا وَثَمَانُونَ عَرْضًا قَوْلُهُ: (أَحْيَاهُ الْمُسْلِمُونَ) ابْتِدَاءُ ذَلِكَ عَلَى يَدِ عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ، وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بَعْدَ فَتْحِ الْعِرَاقِ، وَكَانَ الْبِنَاءُ فِي سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَلَمْ يُعْبَدْ بِهَا صَنَمٌ قَطُّ، ثُمَّ هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِالْبَصْرَةِ بَلْ كُلُّ مَوَاتٍ كَانَ فِي أَرْضِ الْعِرَاقِ لَا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْحُكْمِ، قَوْلُهُ: (الصَّحِيحُ) مَوْضِعُ الْخِلَافِ الْأَبْنِيَةُ الَّتِي كَانَتْ مَوْجُودَةً حِينَ وَقَفَهَا عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فَأَمَّا الْحَادِثُ فَمِلْكٌ قَطْعًا.

نَعَمْ اسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مَنْ الْأَبْنِيَةِ الَّتِي كَانَتْ الْخَانَاتِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُسْتَغَلُّ فَجَعَلَهُ وَقْفًا، كَالْأَرَاضِيِ وَالشَّجَرِ وَلَوْ اُتُّخِذَ مِنْ طِينِ الْأَرْضِ لَبِنٌ وَبُنِيَ بِهِ فَمَوْقُوفٌ وَالشَّجَرُ الَّذِي غُرِسَ بَعْدَ مِلْكِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَبْنِيَ مِنْ طِينِهَا الْمَسَاجِدَ وَالرُّبُطَ. قَوْلُهُ: (وَأَرْضُهَا الْمُحْيَاةُ) يَنْبَغِي أَنْ يُرِيدَ الَّتِي كَانَتْ مُحْيَاةً وَقْتَ الْفَتْحِ لِيَكُونَ لِلْفَاءِ مَعْنًى، وَإِلَّا فَالْمَوَاتُ وَقْتَ الْفَتْحِ مِلْكُ مَنْ أَحْيَاهُ بَعْدَهُ سَوَاءٌ فُتِحَتْ عَنْوَةً أَوْ صُلْحًا. فَصْلٌ يَصِحُّ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ إلَخْ لَوْ دَخَلَ دَارَنَا وَزَعَمَ رِسَالَةً لَمْ يَجُزْ قَتْلُهُ وَكَذَا مَنْ قَالَ أَرَدْت سَمَاعَ الْقُرْآنِ أَوْ طَلَبَ مَالِي الَّذِي عِنْدَكُمْ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي الْجِزْيَةِ.

[فَصْلٌ يَصِحُّ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ مُخْتَارًا أَمَانُ حَرْبِيٍّ]

قَوْلُهُ: (لِمَنْ هُوَ مَعَهُمْ) هُوَ مُسْتَدْرَكٌ فَغَيْرُهُمْ كَذَلِكَ، قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ) خَصَّ الْإِمَامُ الْخِلَافَ بِتَأْمِينِ غَيْرِ مَنْ أَسَرَهُ وَإِلَّا فَيَبْطُلُ قَطْعًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015