وَغَيْرُ ذَوِي الْقُرْبَى مِنْ أَصْحَابِ الْخُمُسِ جِهَاتٌ عَامَّةٌ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا إعْرَاضٌ (وَالْمُعْرِضُ كَمَنْ لَمْ يَحْضُرْ) فَيُضَمُّ نَصِيبُهُ إلَى الْمَغْنَمِ (وَمَنْ مَاتَ) وَلَمْ يُعْرِضْ (فَحَقُّهُ لِوَارِثِهِ) فَلَهُ طَلَبُهُ وَالْإِعْرَاضُ عَنْهُ.

(وَلَا تُمْلَكُ) الْغَنِيمَةُ (إلَّا بِقِسْمَةٍ وَلَهُمْ) أَيْ لِلْغَانِمِينَ (التَّمَلُّكُ) قَبْلَهَا (وَقِيلَ يَمْلِكُونَ) قَبْلَهَا بِالِاسْتِيلَاءِ مِلْكًا ضَعِيفًا يَسْقُطُ بِالْإِعْرَاضِ (وَقِيلَ: إنْ سَلِمَتْ إلَى الْقِسْمَةِ بِأَنْ مَلَكَهُمْ) بِالِاسْتِيلَاءِ (وَإِلَّا) بِأَنْ تَلِفَتْ أَوْ أَعْرَضُوا (فَلَا) مِلْكَ لَهُمْ وَالتَّمَلُّكُ فِي الْأَوَّلِ بِأَنْ يَقُولَ كُلٌّ مِنْهُمْ: اخْتَرْت مِلْكَ نَصِيبِي طَرِيقٌ ثَانٍ لِمِلْكِهِمْ (وَيُمْلَكُ الْعَقَارُ بِالِاسْتِيلَاءِ كَالْمَنْقُولِ) الَّذِي الْكَلَامُ السَّابِقُ فِيهِ فِي أَحَدِ أَوْجُهِهِ وَالتَّشْبِيهُ مَزِيدٌ عَلَى الْمُحَرَّرِ مَذْكُورٌ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا قَرُبَ بِهِ مِلْكُ الْعَقَارِ وَالِاكْتِفَاءُ فِي مِلْكِهِ بِالِاسْتِيلَاءِ.

(وَلَوْ كَانَ فِيهَا) أَيْ الْغَنِيمَةِ (كَلْبٌ أَوْ كِلَابٌ تَنْفَعُ) لِصَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ (وَأَرَادَهُ بَعْضُهُمْ) مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ أَوْ الْخُمُسِ (وَلَمْ يُنَازَعْ أُعْطِيهِ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ نَازَعَهُ غَيْرُهُ (قُسِمَتْ إنْ أَمْكَنَ) قَسْمُهَا عَدَدًا (وَإِلَّا أَقُرِعَ) بَيْنَهُمْ (وَالصَّحِيحُ أَنَّ سَوَادَ الْعِرَاقِ) مِنْ الْبِلَادِ (فُتِحَ) فِي زَمَنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (عَنْوَةً) بِفَتْحِ الْعَيْنِ (وَقُسِمَ) بَيْنَ الْغَانِمِينَ (ثُمَّ بَذَلُوهُ) بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ أَعْطَوْهُ (وَوُقِفَ) دُونَ مَسَاكِنِهِ لِمَا سَيَأْتِي فِيهَا (عَلَى الْمُسْلِمِينَ) وَقَفَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَآجَرَهُ لِأَهْلِهِ (وَخَرَاجُهُ) بِزَرْعٍ أَوْ غَرْسٍ (أُجْرَةٌ تُؤَدَّى كُلَّ سَنَةٍ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ) وَالْوَجْهُ الثَّانِي فُتِحَ صُلْحًا

ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: (وَغَيْرُ ذَوِي الْقُرْبَى إلَخْ) هُوَ جَوَابٌ عَنْ سُكُوتِ الْمُصَنِّفِ عَنْهُمْ الْمُوهِمِ لِصِحَّةِ الْإِعْرَاضِ مِنْهُمْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (إلَّا بِقِسْمَةٍ) أَيْ إنْ قَبِلَ مَا أُفْرِزَ لَهُ أَوْ رَضِيَ بِهِ لَا بِمُجَرَّدِ الْقِسْمَةِ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُنَا، هُوَ اخْتِيَارُ التَّمَلُّكِ. قَوْلُهُ: (وَالتَّمَلُّكُ فِي الْأَوَّلِ) الْمُتَقَدِّمُ بِقَوْلِهِ وَلَهُمْ التَّمَلُّكُ وَلَا بُدَّ مِنْ اللَّفْظِ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ كَأَنْ يَقُولَ كُلٌّ مِنْهُمْ: اخْتَرْت مِلْكَ نَصِيبِي، وَلَا يَمْلِكُ بِالِاسْتِيلَاءِ قَوْلُهُ: (طَرِيقٌ ثَانٍ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي وَمُنْفَرِدٌ عَلَى الْأَوَّلِ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (فِي أَحَدِ أَوْجُهِهِ) وَهُوَ مَرْجُوحٌ وَالْمُعْتَمَدُ بِاخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّشْبِيهِ سَوَاءٌ قَسَمَ الْإِمَامُ أَوْ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (قَرُبَ) يَجُوزُ بِنَاؤُهُ لِلْمَجْهُولِ وَالْمَعْلُومِ.

قَوْلُهُ: (تَنْفَعُ) رَاجِعٌ لِكَلْبٍ وَغَلَبَ الثَّانِي وَخَرَجَ مَا لَا يَنْفَعُ فَكَالْعَدَمِ. قَوْلُهُ: (عَدَدًا) أَيْ لَا قِيمَةَ لِضَعْفِ الْمِلَلِ هُنَا، بِتَوَقُّفِهِ عَلَى اخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ بِذَلِكَ فَارَقَ اعْتِبَارُ قِيمَتِهَا عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا فِي الْإِرْثِ. قَوْلُهُ: (سَوَادَ الْعِرَاقِ) سُمِّيَ سَوَادًا لِكَثْرَةِ خُضْرَتِهِ بِالْأَشْجَارِ وَالْخُضْرَةِ تُرَى مِنْ الْبُعْدِ سَوَادًا، وَعِرَاقًا لِاسْتِوَاءِ أَرْضِهِ بِخُلُوِّهَا عَنْ الْجِبَالِ وَالْأَوْدِيَةِ وَأَصْلُ الْعِرَاقِ الِاسْتِوَاءُ وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْجِنْسِ إلَى بَعْضِهِ لِأَنَّ طُولَ السَّوَادِ وَالْعِرَاقِ وَاحِدٌ وَهُوَ مِائَتَا فَرْسَخٍ وَعَرْضُ السَّوَادِ مِائَةٌ وَسِتُّونَ فَرْسَخًا، وَعَرْضُ الْعِرَاقِ مِنْهُ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَرْسَخًا، فَالسَّوَادُ يَزِيدُ عَلَيْهِ فِي الْعَرْضِ بِخَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ فَرْسَخًا، وَعَرْضُ الْعِرَاقِ مِنْهُ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَرْسَخًا، فَالسَّوَادُ يَزِيدُ عَلَيْهِ فِي الْعَرْضِ بِخَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ فَرْسَخًا، وَجُمْلَةُ السَّوَادِ بِالتَّكْسِيرِ عَشَرَةُ آلَافِ فَرْسَخٍ هَذَا مَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الْعَيْنِ) أَيْ قَهْرًا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ صُلْحًا لَمْ يُقْسَمْ وَتَفْسِيرُ عَنْوَةٍ قَهْرًا هُوَ الْمُرَادُ، وَإِلَّا فَهُوَ يُقَالُ عَلَى الصُّلْحِ فَهُوَ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَضْدَادِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (بَيْنَ الْغَانِمِينَ) وَأَهْلِ الْخُمُسِ وَلَعَلَّ اقْتِصَارَ الشَّارِحِ عَلَى الْغَانِمِينَ لِأَجْلِ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ بَذَلُوهُ بَعْدَ قِسْمَتِهِ) وَاخْتِيَارُ تَمَلُّكِهِ وَالْبَذْلُ إنَّمَا يَكُونُ مِمَّنْ يُمْكِنُ بَذْلُهُ وَهُمْ الْغَانِمُونَ وَذَوُو الْقُرْبَى، إنْ انْحَصَرُوا بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ، مِنْ بَقِيَّةِ أَهْلِ الْخُمُسِ فَلَا يَحْتَاجُ الْإِمَامُ فِي وَقْفِ حَقِّهِمْ إلَى بَذْلِهِ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ فِيهِ بِالْمَصْلَحَةِ. قَوْلُهُ: (وَقَفَهُ عُمَرُ) بْنُ الْخَطَّابِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ أَوَّلُ وَقْفٍ صَدَرَ فِي الْإِسْلَامِ. قَوْلُهُ: (وَآجَرَهُ لِأَهْلِهِ) إجَارَةً مُؤَبَّدَةً لِلْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ الْكُلِّيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَخَرَاجُهُ) الْمَضْرُوبُ عَلَيْهِمْ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ لِكُلِّ جَرِيبٍ وَهُوَ ثَلَاثَةُ آلَافِ ذِرَاعٍ وَسِتُّمِائَةِ ذِرَاعٍ، وَلَعَلَّ هَذَا فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَصَبَةَ سِتَّةُ أَذْرُعٍ فَقَطْ وَفِي شَرْحِ التَّوْضِيحِ لِلشَّيْخِ خَالِدٍ، أَنَّ الْقَصَبَةَ سِتَّةُ أَذْرُعٍ وَثُلُثَا ذِرَاعٍ وَضَرْبُهَا فِي عَشْرَةِ أَقْصَابٍ وَهُوَ عُشْرُ الْجَرِيبِ فَيَكُونُ الْجَرِيبُ عَلَى هَذَا أَرْبَعَةَ آلَافِ ذِرَاعٍ وَأَرْبَعَمِائَةِ ذِرَاعٍ وَأَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ ذِرَاعًا وَأَرْبَعَةَ أَتْسَاعٍ مِنْ ذِرَاعٍ فَرَاجِعْ، وَتَأَمَّلْ وَالْخَرَاجَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَجْهُهُ أَنَّ مِلْكَ الْكُفَّارِ قَدْ زَالَ وَيَبْعُدُ بَقَاؤُهُ بِلَا مَالِكٍ، قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَقُولَ كُلٌّ مِنْهُمْ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ الْقِسْمَةِ فَإِنَّهَا إذَا حَصَلَتْ مَعَ الرِّضَا كَانَتْ طَرِيقًا أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا هَذَا اللَّفْظُ وَنَحْوُهُ، قَوْلُهُ: (وَيُمْلَكُ الْعَقَارُ) أَيْ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ حَيْثُ خَيَّرَ الْإِمَامُ بَيْنَ قِسْمَتِهِ أَوْ وَقْفِهِ أَوْ رَدِّهِ عَلَى الْكُفَّارِ. لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الْمَنْقُولِ وقَوْله تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: 41] الْآيَةُ وَقِسْمَةُ خَيْبَرَ عَلَى الْغَانِمِينَ وَلَوْ اسْتَوْلَيْنَا عَلَى الْبَلَدِ وَالْعَقَارِ ثُمَّ أَزَالُونَا عَنْهُ بَعْدَ أَيَّامٍ مَثَلًا فَالْوَجْهُ عَدَمُ انْقِطَاعِ حَقِّنَا مِنْهُ حَتَّى لَوْ فُرِضَ اسْتِيلَاءُ غَيْرِنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، لَا يَخْرُجُ عَنْ حَقِّ الْأَوَّلِينَ ثُمَّ الْمُرَادُ مِنْ كَلَامِ الْمَتْنِ أَنَّ الِاسْتِيلَاءَ يَثْبُتُ بِهِ حَقُّ التَّمَلُّكِ كَمَا فِي الْمَنْقُولِ وَجَعَلَ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلَهُ كَالْمَنْقُولِ إشَارَةً لِلْقِيَاسِ.

قَوْلُهُ: (قَرُبَ بِهِ مِلْكُ الْعَقَارِ) وَجْهُ التَّقْرِيبِ فِي الِاسْتِيلَاءِ أَنَّ الِاسْتِيلَاءَ فِي الْمَنْقُولِ أَكْمَلُ

قَوْلُهُ: (فُتِحَ صُلْحًا) أَيْ ثُمَّ رَدَّهُ عَلَيْهِمْ بِخَرَاجٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015