(وَعَلَى السَّارِقِ رَدُّ مَا سَرَقَ فَإِنْ تَلِفَ ضَمِنَهُ) قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ (وَتُقْطَعُ يَمِينُهُ) أَوَّلًا. (فَإِنْ سَرَقَ ثَانِيًا بَعْدَ قَطْعِهَا فَرِجْلُهُ الْيُسْرَى وَثَالِثًا يَدُهُ الْيُسْرَى وَرَابِعًا رِجْلُهُ الْيُمْنَى وَبَعْدَ ذَلِكَ يُعَزَّرُ وَيُغْمَسُ مَحَلُّ قَطْعِهِ بِزَيْتٍ أَوْ دُهْنٍ مَغْلِيٍّ)
لِتَنْسَدَّ أَفْوَاهُ الْعُرُوقِ وَيَنْقَطِعَ الدَّمُ (قِيلَ هُوَ تَتِمَّةٌ لِلْحَدِّ) لِأَنَّ فِيهِ مَزِيدَ إيلَامٍ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ حَقٌّ لِلْمَقْطُوعِ) لِأَنَّ الْغَرَضَ الْمُعَالَجَةُ وَدَفْعُ الْهَلَاكِ عَنْهُ بِنَزْفِ الدَّمِ (فَمُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ وَلِلْإِمَامِ إهْمَالُهُ) وَعَلَى الْأَوَّلِ لَيْسَ لَهُ إهْمَالُهُ وَمُؤْنَتُهُ مُؤْنَةِ الْجَلَّادِ.
(وَتُقْطَعُ الْيَدُ مِنْ كُوعٍ وَالرِّجْلُ مِنْ مَفْصِلِ الْقَدَمِ) مِنْ السَّاقِ (وَمَنْ سَرَقَ مِرَارًا بِلَا قَطْعٍ كَفَتْ يَمِينُهُ) لِاتِّحَادِ السَّبَبِ (وَإِنْ نَقَصَتْ أَرْبَعُ أَصَابِعَ قُلْت) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (وَكَذَا لَوْ ذَهَبَتْ الْخَمْسُ فِي الْأَصَحِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَالثَّانِي يُعْدَلُ إلَى الرِّجْلِ (وَتُقْطَعُ يَدٌ زَائِدَةٌ أُصْبُعًا فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا بَلْ يُعْدَلُ إلَى الرِّجْلِ (وَلَوْ سَرَقَ فَسَقَطَتْ يَمِينُهُ بِآفَةٍ) أَوْ جِنَايَةٍ (سَقَطَ الْقَطْعُ) وَمَنْ لَا يَمِينَ لَهُ تُقْطَعُ رِجْلُهُ (أَوْ) سَقَطَتْ (يَسَارُهُ) بِآفَةٍ (فَلَا) يَسْقُطُ قَطْعُ يَمِينِهِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ يَسْقُطُ فِي قَوْلٍ. .
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: (وَعَلَى السَّارِقِ رَدُّ مَا سُرِقَ) غَنِيًّا كَانَ أَوْ لَا قَطْعَ أَوْ لَا وَقَالَ مَالِكٌ إنْ كَانَ غَنِيًّا غَرِمَ وَإِلَّا فَلَا، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ قُطِعَ لَمْ يَغْرَمْ وَإِنْ غَرِمَ لَمْ يُقْطَعْ،
قَوْلُهُ: (وَتُقْطَعُ) بَعْدَ جُلُوسِ الْمَقْطُوعِ وَضَبْطِهِ لِئَلَّا يَتَحَرَّكَ أَيْ يَقْطَعُ الْإِمَامُ وَلَوْ بِنَائِبِهِ أَوْ نَحْوِ السَّيِّدِ مِنْ عَبْدِهِ، وَلَوْ قَطَعَ السَّارِقُ يَدَ نَفْسِهِ بِإِذْنِ الْإِمَامِ كَفَى أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ يُقْطَعْ حَدًّا، وَيُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي أَنَّهُ إنْ قَطَعَهَا بَعْدَ ثُبُوتِ الْمَالِ سَقَطَ الْقَطْعُ عَنْهُ أَوْ قَبْلَهُ عَدَلَ إلَى الرِّجْلِ.
قَوْلُهُ: (يَمِينُهُ) أَيْ إنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً حَالَ السَّرِقَةِ وَلَوْ شَلَّاءَ إنْ أَمِنَ نَزْفَ الدَّمِ، أَوْ نَاقِصَةً بَعْضَ الْأَصَابِعِ أَوْ زَائِدَتَهَا خِلْقَةً أَوْ عَرْضًا، وَلَوْ تَعَدَّدَتْ قُطِعَتْ الْأَصْلِيَّةُ إنْ تَمَيَّزَتْ وَإِلَّا كَفَتْ وَلَا يُقْطَعَانِ مَعًا، وَلَوْ سَرَقَ بَعْدَ ذَلِكَ قُطِعَتْ الْأُخْرَى وَلَا يُعْدَلُ إلَى الرِّجْلِ وَلَوْ تَعَذَّرَ قَطْعُ إحْدَاهُمَا عُدِلَ إلَى الرِّجْلِ، وَلَوْ زَادَتْ عَلَى اثْنَتَيْنِ فَعَلَ مَا ذُكِرَ، وَلَوْ قَطَعَ الْإِمَامُ يَدَهُ الْيُسْرَى أَوَّلًا فَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ الْإِجْزَاءُ لِأَنَّهُ حَدٌّ تَامٌّ، وَإِنْ أَسَاءَ، قَوْلُهُ: (فَرِجْلُهُ الْيُسْرَى) أَيْ بَعْدَ انْدِمَالِ يَدِهِ وُجُوبًا وَفَارَقَ الْحِرَابَةِ بِأَنَّ الْيَدَ وَالرِّجْلَ فِيهَا حَدٌّ وَاحِدٌ وَلِذَلِكَ يَجُوزُ تَقْدِيمُ قَطْعِ الرِّجْلِ عَلَى الْيَدِ فِيهَا.
قَوْلُهُ: (بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ فَقْدِ الْأَرْبَعِ وَلَوْ بِغَيْرِ قَطْعٍ، أَوْ كَانَ فِي ابْتِدَاءِ السَّرِقَةِ وَحِكْمَةُ اخْتِصَاصِ الْقَطْعِ بِالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ لِأَنَّهَا آلَاتُ السَّرِقَةِ بِالْأَخْذِ وَالْمَشْيِ، وَقُدِّمَتْ الْيَدُ لِقُوَّةِ بَطْشِهَا وَقُطِعَ مِنْ خِلَافٍ لِإِبْقَاءِ جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُقْطَعْ ذَكَرُ الزَّانِي إبْقَاءً لِلنَّسْلِ وَلَا لِسَانُ الْقَاذِفِ إبْقَاءً لِلْعِبَادَةِ وَغَيْرِهَا كَمَا مَرَّ، وَالْأَمْرُ بِقَتْلِ السَّارِقِ مَنْسُوخٌ أَوْ مُؤَوَّلٌ بِمَنْ اسْتَحَلَّ أَوْ ضَعِيفٌ بَلْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مُنْكَرٌ لَا أَصْلَ لَهُ، قَوْلُهُ: (وَيُغْمَسُ) أَيْ نَدْبًا عَلَى مَا يَأْتِي وَهَذَا فِي الْحَضَرِيِّ وَيُحْسَمُ الْبَدْوِيُّ بِالنَّارِ نَظَرًا لِلْعَادَةِ فِيهِمَا، قَوْلُهُ: (مُغْلًى) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَالْقَصْرُ مِنْ أَغْلَيْت وَفَتْحُ الْمِيمِ بِكَسْرِ اللَّامِ لَحْنٌ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ غَلَيْت.
قَوْلُهُ: (إنَّهُ حَقٌّ) أَيْ مَصْلَحَةٌ قَوْلُهُ: (فَمُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى التَّفْصِيلِ فِي مُؤْنَةِ الْجَلَّادِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ، قَوْلُهُ: (وَلِلْإِمَامِ إهْمَالُهُ) نَعَمْ إنْ كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ بِلَا كَافِلٍ وَخِيفَ هَلَاكُهُ وَجَبَ الْحَسْمُ عَلَى الْإِمَامِ، وَكَذَا عَلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ عَلِمَ وَقَدَرَ كَذَا اسْتَدْرَكَهُ بَعْضُهُمْ فَحَرِّرْهُ، قَوْلُهُ: (كَفَتْ يَمِينُهُ) وَكَذَا غَيْرُهَا.
قَوْلُهُ: (لِاتِّحَادِ السَّبَبِ) أَيْ مَعَ كَوْنِهِ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يُرَدُّ تَعَدُّدُ الْفِدْيَةِ فِي الْحَجِّ لِأَنَّهَا حَقُّ الْفُقَرَاءِ، قَوْلُهُ: (وَكَذَا لَوْ ذَهَبَتْ الْخَمْسُ) وَلَوْ مَعَ بَعْضِ الرَّاحَةِ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي) مَبْنِيٌّ هُوَ وَمَا بَعْدَهُ عَلَى الْقِيَاسِ عَلَى الْقَوَدِ وَرُدَّ بِعَدَمِ اعْتِبَارِ مُمَاثِلِهِ هُنَا، قَوْلُهُ: (وَلَوْ سَرَقَ فَسَقَطَتْ يَمِينُهُ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بَعْدَ طَلَبِ الْمَالِ وَثُبُوتِهِ وَالتَّقْيِيدِ بِيَمِينِهِ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى، وَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا بَعْدَهَا قَوْلُهُ: (سَقَطَ الْقَطْعُ) لِأَنَّ الْحَقَّ تَعَلَّقَ بِعَيْنِهَا وَقَدْ زَالَتْ، قَوْلُهُ: (وَمَنْ لَا يَمِينَ لَهُ) أَيْ حَالَ اسْتِحْقَاقِ الْقَطْعِ كَمَا عُلِمَ أَوْ تَعَذَّرَ قَطْعُهَا كَمَا مَرَّ، أَوْ شُلَّتْ وَلَمْ يُؤْمَنْ نَزْفُ الدَّمِ تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِمَا بَعْدَهَا وَكَذَا مَا بَعْدَهَا.
فَرْعٌ: لَوْ أَخْرَجَ الْمَقْطُوعُ يَدُهُ الْيُسْرَى لِلْجَلَّادِ فَقَطَعَهَا فَإِنْ قَالَ أَخْرَجْتهَا لِظَنِّي أَنَّهَا الْيَمِينُ أَوْ أَنَّهَا تُجْزِئُ أَجْزَأَتْهُ وَإِلَّا فَلَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَالْوَجْهُ ضَمَانُهَا بِمَا فِي الْقَوَدِ فِي مَسْأَلَةِ الدَّهْشَةِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَعَلَى السَّارِقِ) خَالَفَ الْحَنَفِيَّةَ فَقَالُوا إنْ قُطِعَ لَمْ يَغْرَمْ وَإِنْ غَرِمَ لَمْ يُقْطَعْ وَقَالَ مَالِكٌ إنْ كَانَ غَنِيًّا ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا. لَنَا أَنَّ الْقَطْعَ لِلَّهِ وَالْغُرْمَ لِلْآدَمِيِّ قَوْلُهُ: (وَتُقْطَعُ يَمِينُهُ) أَيْ وَلَوْ شَلَّاءَ
قَوْلُهُ: (بَعْدَ قَطْعِهَا) خَرَجَ مَا لَوْ تَكَرَّرَتْ السَّرِقَةُ قَبْلَ قَطْعِهَا كَمَا سَيَأْتِي،
قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَعْدِلُ إلَى الرِّجْلِ) أَيْ لِفَقْدِ مَا بِهِ الْبَطْشُ قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا) كَالْقِصَاصِ قَوْلُهُ: (سَقَطَ الْقَطْعُ) أَيْ لِفَقْدِ الْيَدِ.