أَيْ بِأَنَّهُ كَافِرٌ قَطَعَ جَمِيعُ الْعِرَاقِيِّينَ وَنَقَلَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي كِتَابِهِ الْمُجَرَّدِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ فِي الْمَذْهَبِ.

(وَفِي زَوَالِ مِلْكِهِ عَنْ مَالِهِ بِهَا) أَيْ الرِّدَّةِ (أَقْوَالٌ أَظْهَرُهَا إنْ هَلَكَ مُرْتَدًّا بِأَنَّ زَوَالَهُ بِهَا وَإِنْ أَسْلَمَ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَزُلْ) ، وَالْأَوْلَى زَوَالُهُ بِهَا وَالثَّانِي عَدَمُ زَوَالِهِ بِهَا (وَعَلَى الْأَقْوَالِ يُقْضَى مِنْهُ دَيْنٌ لَزِمَهُ قَبْلَهَا، وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْهُ) مُدَّةَ الِاسْتِتَابَةِ (وَالْأَصَحُّ يَلْزَمُهُ غُرْمُ إتْلَافِهِ) مَالَ غَيْرِهِ (فِيهَا وَنَفَقَةُ زَوْجَاتٍ وَقَفَ نِكَاحَهُنَّ وَقَرِيبٍ) ، وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ زَوَالِ مِلْكِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا حِكَايَةُ الْخِلَافِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ (وَإِذَا وَقَفْنَا مِلْكَهُ فَتَصَرُّفُهُ إنْ احْتَمَلَ الْوَقْفَ كَعِتْقٍ وَتَدْبِيرٍ وَوَصِيَّةِ مَوْقُوفٍ إنْ أَسْلَمَ نَفْسَهُ) بِالْمُعْجَمَةِ (وَإِلَّا فَلَا وَبَيْعُهُ وَهِبَتُهُ وَرَهْنُهُ وَكِتَابَتُهُ بَاطِلَةٌ) فِي الْجَدِيدِ (وَفِي الْقَدِيمِ مَوْقُوفَةٌ) إنْ أَسْلَمَ حُكِمَ بِصِحَّتِهَا وَإِلَّا فَلَا (وَعَلَى الْأَقْوَالِ يُجْعَلُ مَالُهُ مَعَ عَدْلٍ وَأَمَتُهُ عِنْدَ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُسْلِمِينَ بِهِ وَإِنْ قُلْنَا بِبَقَاءِ مِلْكِهِ (وَيُؤَجَّرُ مَالُهُ) كَعَقَارِهِ وَرَقِيقِهِ (وَيُؤَدِّي مُكَاتَبُهُ النُّجُومَ إلَى الْقَاضِي) حِفْظًا لَهَا.

ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: (أَبُو الطَّيِّبِ) هُوَ إمَامُ الْعِرَاقِيِّينَ فَصَحَّ نِسْبَةُ النَّقْلِ إلَيْهِمْ.

تَنْبِيهٌ: لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ بِالنِّسْبَةِ لِأَحْكَامِ الدُّنْيَا أَمَّا الْآخِرَةُ فَمَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِ الْمُرْتَدِّينَ أَوْ الْكُفَّارِ الْأَصْلِيِّينَ قَبْلَ بُلُوغِهِ، فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ عَلَى الرَّاجِحِ خَادِمٌ لِأَهْلِهَا.

قَوْلُهُ: (عَنْ مَالِهِ) أَيْ الْمَالِ الْمُعَرَّضِ لِلزَّوَالِ الْمَوْجُودِ قَبْلَ الرِّدَّةِ لَا نَحْوُ أُمِّ وَلَدٍ وَمُكَاتَبٌ وَلَا مَا مَلَكَهُ حَالَ الرِّدَّةِ بِنَحْوِ اصْطِيَادٍ لِأَنَّ فِيهِ وَجْهَيْنِ هَلْ يَمْلِكُهُ أَوْ بَاقٍ عَلَى إبَاحَتِهِ.

فَرْعٌ: لَا بُدَّ مِنْ ضَرْبِ الْحَجَرِ عَلَى الْمُرْتَدِّ مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ لِأَجْلِ أَهْلِ الْفَيْءِ وَلَا يَصِيرُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِنَفْسِ الرِّدَّةِ. قَوْلُهُ: (يَقْضِي إلَخْ) وَلَوْ فِي حَالِ حَيَاتِهِ فَيَقْضِيهِ الْحَاكِمُ وَإِلَّا قُلْنَا بِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ فَهُوَ كَالتَّرِكَةِ لَا يَمْنَعُ انْتِقَالَهَا لِلْوَارِثِ قَضَاءُ دَيْنِ الْمَيِّتِ مِنْهَا فَلَا إشْكَالَ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَالْأَظْهَرِ.

قَوْلُهُ: (قَبْلَهَا) وَلَوْ بِغَيْرِ إتْلَافٍ.

قَوْلُهُ: (وَيَلْزَمُهُ غُرْمُ إتْلَافِهِ فِيهَا) أَيْ الرِّدَّةِ نَفْسًا وَمَالًا وَتَقْيِيدُ الشَّارِحِ لَهُ بِالْمَنَالِ نَظَرًا لِلظَّاهِرِ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَنَفَقَةُ زَوْجَاتِهِ إلَخْ) أَيْ نَفَقَةُ الْمُوسِرِينَ قَوْلُهُ: (وَقَرِيبٍ) وَإِنْ تَعَدَّدَ وَتَجَدَّدَ وَكَذَا أُمُّ وَلَدٍ وَرَقِيقٌ.

قَوْلُهُ: (وَحِكَايَةُ الْخِلَافِ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ قُلْنَا بِبَقَاءِ مِلْكِهِ لَزِمَهُ مَا ذُكِرَ قَطْعًا.

قَوْلُهُ: (وَتَدْبِيرٍ) وَإِيلَادٍ قَوْلُهُ: (الْأَقْوَالِ) كُلِّهَا الْمُتَقَدِّمَةِ عِنْدَ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ أَوْ نَحْوِ مَحْرَمٍ.

قَوْلُهُ: (إلَى الْقَاضِي) لَا لَهُ لِفَسَادِ قَبْضِهِ وَيُعْتَقُ إذَا أَدَّى وَلَوْ أَدَّى زَكَاةَ مَالِهِ حَالَ رِدَّتِهِ اعْتَدَّ بِهِ وَإِنْ أَسْلَمَ وَنِيَّتُهُ لِلتَّمْيِيزِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQصَادِقٌ بِمَا رَجَّحَهُ وَبِالْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ وَمَحَلُّ ذَلِكَ كُلُّهُ. إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَحَدٌ مِنْ أُصُولِهِ مُسْلِمٌ، قَوْلُهُ: (عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ) وَجْهُ سِيَاقِهَا أَنَّ الَّذِي نَقَلَ الِاتِّفَاقَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْمَنْسُوبُ لِلْعِرَاقِيِّينَ الْقَطْعُ بِذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (أَظْهَر إلَخْ) وَجْهُ ذَلِكَ الْقِيَاسِ عَلَى بُضْعِ امْرَأَتِهِ بَعْدَ الدُّخُولِ وَوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ الْعِصْمَةَ تَزُولُ بِالرِّدَّةِ فَكَذَا الْمَالُ وَوَجْهُ الثَّالِثِ أَنَّ الْكُفْرَ لَا يُنَافِي الْمِلْكَ، وَاعْلَمْ أَنَّ الثَّانِي رَجَّحَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ وَنُسِبَ لِلْمُصَنِّفِ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ لِأَنَّ حُرْمَةَ النَّفْسِ أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَةِ الْمَالِ، وَقَدْ زَالَتْ لِكُفْرِهِ فَكَذَا حُرْمَةُ مِثْلِهِ بِالْأَوْلَى ثُمَّ إنَّ الْأَصْحَابَ جَعَلُوا مَعْنَى الزَّوَالِ مُمَاثِلًا لِانْفِسَاخِ النِّكَاحِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِالرِّدَّةِ إلَّا الْمَاوَرْدِيُّ فَنُقِلَ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّ مَعْنَاهُ زَوَالُ التَّصَرُّفِ لِأَنَّهُ زَالَ فِي نَفْسِهِ، وَإِلَّا لَمْ يُعَدْ قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ وَهُوَ حَسَنٌ جِدًّا لَكِنَّهُ غَرِيبٌ ثُمَّ الظَّاهِرُ جَرَيَانُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ فِيمَا اكْتَسَبَهُ بَعْدَ الرِّدَّةِ، بِاصْطِيَادٍ وَنَحْوِهِ وَحِينَئِذٍ فَعَلَى قَوْلِ الزَّوَالِ هَلْ يَنْتَقِلُ صَيْدُهُ لِأَهْلِ الْفَيْءِ، أَمْ نَقُولُ الصَّيْدُ بَاقٍ عَلَى إبَاحَتِهِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْمِلْكِ ذَهَبَ الْمُتَوَلِّي إلَى الثَّانِي، وَيُحْتَمَلُ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ كَمَا فِي الْعَبْدِ يُكْتَسَبُ لِسَيِّدِهِ لَكِنْ يَلُوحُ فَارِقٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يَقْصِدُ بِالْكَسْبِ أَهْلَ الْفَيْءِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ.

قَوْلُهُ: (وَالْأَوَّلُ إلَخْ) كَأَنَّ وَجْهَ التَّعْبِيرِ بِالْأَوَّلِ أَنَّهَا مَحْكِيَّةٌ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ عَلَى وَجْهٍ جُعِلَ هَذَا أَوَّلًا وَمَا فِي الْمَتْنِ ثَالِثًا فَلْيُرَاجَعْ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ.

قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْأَقْوَالِ) أَمَّا عَلَى قَوْلِ الْوَقْفِ وَالْبَقَاءِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ الزَّوَالِ فَلِأَنَّ غَايَةَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْمُرْتَدُّ كَالْمَيِّتِ تُقْضَى دُيُونُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَإِذَا مَاتَ وَهُنَاكَ دَيْنٌ هَلْ نَقُولُ انْتَقَلَ الْكُلُّ لِأَهْلِ الْفَيْءِ، وَالدَّيْنُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ أَمْ الْمُنْتَقِلُ مَا عَدَا قَدْرَ الدَّيْنِ الْقِيَاسُ الْأَوَّلُ، قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ عَلَى الْأَقْوَالِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْأَصْحَابُ إلَّا عَلَى قَوْلِ الزَّوَالِ.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا وَقَفَا إلَخْ) أَيْ أَمَّا لَوْ أَزَلْنَاهُ فَوَاضِحٌ وَإِنْ أَبْقَيْنَاهُ مَنَعْنَا تَصَرُّفَهُ نَظَرًا لِأَهْلِ الْفَيْءِ فَيَضْرِبُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ الْحَجْرَ، وَلَكِنْ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ إلَى أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (فِي الْجَدِيدِ) هُمَا الْقَوْلُ فِي وَقْفِ الْعُقُودِ قَوْلُهُ: (وَإِنْ قُلْنَا بِبَقَائِهِ) وَلَا يَكْفِي عَلَى هَذَا الْقَوْلِ بِالْجَعْلِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ ضَرْبِ الْقَاضِي الْحَجْرَ عَلَيْهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015