لَا يُمَيِّزُ مُقَابِلُهُ قَوْلُهُ بَعْدُ وَمُرَاهِقٌ مُتَيَقِّظٌ.
(وَلَوْ كَانَ) الصَّبِيُّ الْمُصَيَّحُ عَلَيْهِ (بِأَرْضٍ) فَمَاتَ (أَوْ صَاحَ عَلَى بَالِغٍ بِطَرَفِ سَطْحٍ) وَنَحْوِهِ فَسَقَطَ وَمَاتَ (فَلَا دِيَةَ) فِيهِمَا (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي فِي كُلٍّ مِنْهُمَا الدِّيَةُ لِأَنَّ الصِّيَاحَ حَصَلَ بِهِ فِي الصَّبِيِّ الْمَوْتُ وَفِي الْبَالِغِ عَدَمُ التَّمَاسُكِ الْمُفْضِي إلَيْهِ، وَدَفَعَ بِأَنَّ مَوْتَ الصَّبِيِّ بِمُجَرَّدِ الصِّيَاحِ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ، وَعَدَمُ تَمَاسُكِ الْبَالِغِ بِهِ خِلَافُ الْغَالِبِ مِنْ حَالِهِ، فَيَكُونُ مَوْتُهُمَا مُوَافَقَةَ قَدَرٍ (وَشَهْرُ سِلَاحٍ كَصِيَاحٍ) ، فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ (وَمُرَاهِقٌ مُتَيَقِّظٌ كَبَالِغٍ) فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ.
(وَلَوْ صَاحَ عَلَى صَيْدٍ فَاضْطَرَبَ صَبِيٌّ) لَا يُمَيِّزُ عَلَى طَرَفِ سَطْحٍ (وَسَقَطَ) وَمَاتَ (فَدِيَةٌ مُخَفَّفَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ) فِيهِ لِتَأْثِيرِهِ خَطَأً
(وَلَوْ طَلَبَ سُلْطَانٌ مَنْ ذُكِرَتْ) عِنْدَهُ (بِسُوءٍ فَأَجْهَضَتْ) أَيْ أَلْقَتْ جَنِينًا فَزَعًا مِنْهُ (ضُمِنَ الْجَنِينُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ وَجَبَ ضَمَانُهُ وَسَيَأْتِي أَنَّ فِيهِ الْغُرَّةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ.
(وَلَوْ وَضَعَ صَبِيًّا فِي مَسْبَعَةٍ) أَيْ مَوْضِعِ السِّبَاعِ (فَأَكَلَهُ سَبُعٌ فَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِ لَهُ أَمْكَنَهُ انْتِقَالٌ أَوْ لَا (وَقِيلَ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ انْتِقَالٌ) عَنْ مَوْضِعِ الْهَلَاكِ (ضَمِنَ) لِأَنَّ الْوَضْعَ وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ يُعَدُّ إهْلَاكًا عُرْفًا، وَالْأَوَّلُ قَالَ لَيْسَ بِإِهْلَاكٍ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُلْجِئُ السَّبُعُ إلَيْهِ وَلَوْ كَانَ الْمَوْضُوعُ بَالِغًا فَلَا ضَمَانَ قَطْعًا
(وَلَوْ تَبِعَ بِسَيْفٍ هَارِبًا مِنْهُ فَرَمَى نَفْسَهُ بِمَاءٍ أَوْ نَارٍ أَوْ مِنْ سَطْحٍ) فَهَلَكَ (فَلَا ضَمَانَ) لَهُ عَلَى التَّابِعِ لِأَنَّهُ بَاشَرَ إهْلَاكَ نَفْسِهِ قَصْدًا (فَلَوْ وَقَعَ) فِيمَا ذُكِرَ (جَاهِلًا) بِهِ (لِعَمًى أَوْ ظُلْمَةٍ ضَمِنَ) التَّابِعُ لَهُ لِإِلْجَائِهِ إلَى الْهَرَبِ الْمُفْضِي إلَى الْهَلَاكِ.
(وَكَذَا لَوْ انْخَسَفَ بِهِ سَقْفٌ فِي هَرَبِهِ) فَهَلَكَ أَيْ ضَمِنَهُ التَّابِعُ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا ذُكِرَ، وَالثَّانِي لَا لِعَدَمِ شُعُورِهِ بِالْمُهْلِكِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُتَيَقِّظَ هُوَ قَوِيُّ التَّمْيِيزِ، وَمَا فِي الْخَطِيبِ وَغَيْرِهِ الْمُخَالِفِ لِهَذَا غَيْرُ مُنَاسِبٍ فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْهُ.
قَوْلُهُ: (بَالِغٍ) أَيْ قَوِيِّ التَّمْيِيزِ فَالْمَجْنُونُ وَالْمُبَرْسَمُ وَالْمَعْتُوهُ، وَالنَّائِمُ الْمُوَسْوِسُ كَغَيْرِ الْمُمَيِّزِ. قَوْلُهُ: (فَلَا دِيَةَ وَلَا قِصَاصَ) بِلَا خِلَافٍ وَسَوَاءٌ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ الْوَاقِفُ وَالْجَالِسُ وَالْمُضْطَجِعُ وَغَيْرُهُمْ. قَوْلُهُ: (وَشَهْرُ سِلَاحٍ) أَيْ عَلَى بَصِيرٍ يَرَاهُ وَالتَّهْدِيدُ كَشَهْرِ السِّلَاحِ وَلَوْ عَلَى أَعْمَى.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ صَاحَ) حَلَالٌ أَوْ مُحْرِمٌ عَلَى صَيْدٍ أَيْ مَثَلًا فَاضْطَرَبَ صَبِيٌّ وَمَاتَ فَدِيَةُ خَطَأٍ قَوْلُهُ: (لَا يُمَيِّزُ) بِالْمَعْنَى السَّابِقِ وَالصَّبِيُّ مِثَالٌ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ طَلَبَ سُلْطَانٌ) أَوْ غَيْرُهُ عَلَى لِسَانِهِ بِإِذْنِهِ أَوْ كَاذِبًا وَالْمُرَادُ بِالسُّلْطَانِ مَنْ تُخْشَى سَطْوَتُهُ. قَوْلُهُ: (مَنْ ذَكَرْت إلَخْ) فَغَيْرُهَا بِالْأَوْلَى قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا، وَمِثْلُ الطَّلَبِ الْمَذْكُورِ مَا لَوْ أَخْبَرَهَا بِمَوْتِ نَحْوَ وَلَدِهَا، أَوْ قَذَفَهَا فَأَجْهَضَتْ فَيَضْمَنُ الْجَنِينَ فَقَطْ لَا أُمَّهُ فِيهِمَا اهـ.
وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ فَيَضْمَنُهَا أَيْضًا لِأَنَّ الْإِجْهَاضَ سَبَبٌ ظَاهِرٌ لِلْهَلَاكِ كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: (ضَمِنَ الْجَنِينَ) وَكَذَا أُمُّهُ إنْ مَاتَتْ بِالْإِجْهَاضِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْعَاقِلَةِ) أَيْ عَاقِلَةِ السُّلْطَانِ إنْ كَانَ بِأَمْرِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ الطَّالِبُ بِظُلْمِهِ، وَإِلَّا فَعَلَى عَاقِلَةِ الطَّالِبِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُكْرَهًا، وَإِلَّا فَعَلَى عَاقِلَتِهِمَا مَعًا كَمَا فِي الْجَلَّادِ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ وَضَعَ صَبِيًّا) أَيْ حُرًّا إذْ الرَّقِيقُ يُضْمَنُ بِوَضْعِ الْيَدِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (فِي مَسْبَعَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ كَمَا يَدُلُّ لَهُ التَّفْسِيرُ الْمَذْكُورُ، وَقِيلَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ. قَوْلُهُ: (مَوْضِعُ السِّبَاعِ) جَمْعُ سَبُعٍ وَالْمُرَادُ بِهِ الْحَيَوَانُ الضَّارِي فَيَشْمَلُ نَحْوَ كَلْبٍ عَقُورٍ. قَوْلُهُ: (أَمْ لَا) أَيْ أَمْ لَمْ يُمْكِنْهُ التَّخَلُّصُ بِذَاتِهِ لِصِغَرٍ أَوْ هَرَمٍ، فَإِنْ كَتَّفَهُ مَثَلًا ضَمِنَهُ وَكَذَا لَوْ أَلْقَى أَحَدَهُمَا عَلَى الْآخَرِ، وَهُمَا فِي مَضِيقٍ لَا فِي مُتَّسَعٍ لِأَنَّ السَّبُعَ يَنْفِرُ مِنْ الْإِنْسَانِ بِطَبْعِهِ فِي الْمُتَّسَعِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا لَوْ أَغْرَى نَحْوَ أَعْجَمِيٍّ وَلَوْ أَنْهَشَهُ حَيَّةً لَا إنْ أَلْقَى أَحَدَهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَلَوْ فِي مَضِيقٍ لِأَنَّهَا تَنْفِرُ مُطْلَقًا، وَالضَّمَانُ فِي هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ بِالْقَوَدِ وَقَالَ شَيْخُنَا فِي السَّبُعِ شِبْهُ عَمْدٍ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُلْجِئُ السَّبُعَ إلَخْ) لَعَلَّهُ احْتِرَازٌ عَنْ إلْقَاءِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ، قَوْلُهُ: (فَلَا ضَمَانَ) وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ غَيْرَ مَسْبَعَةٍ، وَإِنْ أَكَلَهُ سَبُعٌ قَطْعًا.
تَنْبِيهٌ: لَوْ تَلِفَ الصَّبِيُّ بِغَيْرِ السَّبُعِ كَحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ جُوعٍ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ يَضْمَنُهُ كَالْغَرَقِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (ضَمِنَ) أَيْ بِدِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ عَلَى هَذَا الْمَرْجُوحِ.
قَوْلُهُ: (الْمُفْضِي إلَخْ) أَيْ مَعَ عَدَمِ قَصْدِهِ لِهَلَاكِ نَفْسِهِ.
قَوْلُهُ: (انْخَسَفَ بِهِ سَقْفٌ) لَا بِفِعْلِ الْهَارِبِ وَإِلَّا كَأَنْ أَلْقَى نَفْسَهُ عَلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ. قَوْلُهُ: (ضَمِنَهُ التَّابِعُ لَهُ) أَيْ بِدِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ. قَوْلُهُ: (لِمَا ذُكِرَ) وَهُوَ إلْجَاؤُهُ إلَى الْهَرَبِ إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا لِعَدَمِ شُعُورِهِ) أَيْ التَّابِعِ فَلَوْ شَعَرَ بِهِ كَأَنْ عَلِمَ سَخَافَةَ السَّقْفِ أَوْ ثِقَلَ الْهَارِبِ ضَمِنَهُ قَطْعًا.
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: (لَا يُمَيِّزُ إلَخْ) يُرِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ التَّمْيِيزِ مَنْ لَيْسَ مُرَاهِقًا مُسْتَيْقِظًا حَاوَلَ بِذَلِكَ دَفْعَ مَا قِيلَ مَفْهُومُ عِبَارَتِهِ فِي الْمُمَيِّزِ غَيْرِ الْمُرَاهِقِ مُتَدَافِعٌ.
تَنْبِيهٌ: فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ صَاحَ بِدَابَّةِ الْغَيْرِ أَوْ هَيَّجَهَا بِوَثْبَةٍ وَنَحْوِهَا، فَسَقَطَتْ فِي مَاءٍ أَوْ وَهْدَةٍ وَجَبَ الضَّمَانُ كَالصَّبِيِّ.
كَانَ الصَّبِيُّ الْمُصَيَّحُ عَلَيْهِ بِأَرْضٍ فَمَاتَ قَوْلُهُ: (فَلَا دِيَةَ) اقْتِصَارُهُ عَلَى الدِّيَةِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا قَائِلَ هُنَا بِالْقِصَاصِ
قَوْلُهُ: (وَلَوْ صَاحَ) أَيْ وَلَوْ مُحْرِمًا عَلَى صَيْدٍ غَيْرِ الصَّيْدِ مِنْ الْآدَمِيِّ مِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ
قَوْلُهُ: (ضَمِنَ الْجَنِينَ) أَيْ لِأَنَّ عَلِيًّا أَشَارَ بِهِ إلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَدَفَعُوا إلَيْهِ فَكَانَ إجْمَاعًا وَلَوْ مَاتَتْ هِيَ فَلَا شَيْءَ فِيهَا إلَّا إذَا مَاتَتْ بِالْإِجْهَاضِ، فَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَتُهَا وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ إذَا طَلَبَتْ امْرَأَةٌ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ حَمْلِهَا وَيَكْشِفَ الْحَالَ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ بَاشَرَ) أَيْ وَالْمُبَاشَرَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى السَّبَبِ.
قَوْلُهُ (وَكَذَا لَوْ انْخَسَفَ بِهِ سَقْفٌ) قَيَّدَ الْإِمَامُ هَذَا بِمَا إذَا كَانَ الِانْخِسَافُ بِسَبَبِ ضَعْفِ السَّقْفِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَلْقَى