أَيْ الرَّجُلِ (حُكُومَةٌ وَفِي قَوْلٍ دِيَةٌ) كَالْمَرْأَةِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِانْتِفَاءِ الْمَنْفَعَةِ فِيهِ (وَفِي أُنْثَيَيْنِ) أَيْ جِلْدَتَيْ الْبَيْضَتَيْنِ (دِيَةٌ وَكَذَا ذَكَرَ) ، لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «فِي الذَّكَرِ وَفِي الْأُنْثَيَيْنِ الدِّيَةُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ (وَلَوْ) كَانَ الذَّكَرُ (لِصَغِيرٍ وَشَيْخٍ وَعِنِّينٍ) فَفِيهِ دِيَةٌ (وَحَشَفَةٌ كَذَكَرٍ) ، فَفِيهَا دِيَةٌ لِأَنَّ مُعْظَمَ مَنَافِعِ الذَّكَرِ وَهِيَ لَذَّةُ الْمُبَاشَرَةِ تَتَعَلَّقُ بِهَا، (وَبَعْضُهَا بِقِسْطِهِ مِنْهَا وَقِيلَ مِنْ الذَّكَرِ) لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِكَمَالِ الدِّيَةِ (وَكَذَا حُكْمُ بَعْضِ مَارِنٍ وَحَلَمَةٍ) أَيْ يَكُونُ بِقِسْطِهِ مِنْ الْمَارِنِ وَالْحَلَمَةِ وَقِيلَ بِقِسْطِهِ مِنْ جَمِيعِ الْأَنْفِ وَالثَّدْيِ بِنَاءً عَلَى انْدِرَاجِ حُكُومَةِ قَصَبَةِ الْأَنْفِ وَحُكُومَةِ الثَّدْيِ فِي دِيَةِ الْمَارِنِ وَدِيَةِ الْحَلَمَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ.
(وَفِي الْأَلْيَيْنِ) وَهُمَا مَوْضِعُ الْقُعُودِ (الدِّيَةُ) كَالْأُنْثَيَيْنِ وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ فَفِي أَلْيَيْهَا دِيَتُهَا وَفِي الْوَاحِدَةِ النِّصْفُ وَلَوْ قَطَعَ بَعْضَ إحْدَاهُمَا وَجَبَ قِسْطُهُ إنْ عَرَفَ قَدْرَهُ وَإِلَّا فَالْحُكُومَةُ (وَكَذَا شَفْرَاهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ وَهُمَا حَرْفَا الْفَرْجِ فِيهِمَا دِيَتُهَا كَالْأَلْيَيْنِ (وَكَذَا حُكْمُ سَلْخِ جِلْدٍ) فِيهِ دِيَةُ الْمَسْلُوخِ مِنْهُ (إنْ بَقِيَ) فِيهِ (حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ وَحَزَّ غَيْرُ السَّالِخِ رَقَبَتَهُ) بَعْدَ السَّلْخِ أَيْ إنْ فُرِضَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَالسَّلْخُ قَاتِلٌ لَهُ وَجُعِلَ فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ كَوَاحِدٍ وَجَبَتْ فِيهِ مِنْ الْبَدَنِ كَاللِّسَانِ وَالذَّكَرِ.
فَرْعٌ: فِي إزَالَةِ الْمَنَافِعِ (فِي الْعَقْلِ) أَيْ إزَالَتِهِ (دِيَةٌ) رَوَى الْبَيْهَقِيُّ حَدِيثَ «فِي الْعَقْلِ الدِّيَةُ» ، وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ وَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا إنْ زَالَ بِجِنَايَةٍ لَا أَرْشَ لَهَا، وَلَا حُكُومَةَ كَأَنْ ضَرَبَ رَأْسَهُ أَوْ لَطَمَهُ (فَإِنْ زَالَ بِجُرْحٍ لَهُ أَرْشٌ أَوْ حُكُومَةٌ وَجَبَا) أَيْ الدِّيَةُ وَالْأَرْشُ أَوْ الْحُكُومَةُ (وَفِي قَوْلٍ يَدْخُلُ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: (أَيْ الرَّجُلِ) وَلَوْ احْتِمَالًا فَشَمِلَ الْخُنْثَى. قَوْلُهُ: (أَيْ جِلْدَتَيْ إلَخْ) تَقَدَّمَ مَا فِيهِ وَمَحَلُّ وُجُوبِ الدِّيَةِ إنْ سَقَطَ الْبَيْضَتَانِ، وَإِلَّا فَفِي الْجِلْدَتَيْنِ حُكُومَةٌ وَلَوْ سَلَّ الْبَيْضَتَيْنِ فَدِيَةٌ نَاقِصَةٌ حُكُومَةُ الْجِلْدَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا ذَكَرَ) بِقَطْعِهِ أَوْ إعْلَالِهِ وَفِي تَعَذُّرِ الْجِمَاعِ بِهِ حُكُومَةٌ، فَلَوْ قَطَعَهُ شَخْصٌ بَعْدَ ذَلِكَ لَزِمَهُ دِيَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَفِيهَا دِيَةٌ) وَلَا يُزَادُ بِقَطْعِ الذَّكَرِ مَعَهَا شَيْءٌ كَمَا عُلِمَ.
قَوْلُهُ: (بِقِسْطِهِ مِنْهَا) فَلَوْ اخْتَلَّ مَعَهُ مَجْرَى الْبَوْلِ وَجَبَ الْأَكْثَرُ مِنْ قِسْطِ الدِّيَةِ وَحُكُومَةِ فَسَادِ الْمَجْرَى، كَمَا فِي الرَّوْضَةِ.
قَوْلُهُ: (وَفِي الْأَلْيَيْنِ) وَمِثْلُهُمَا اللَّحْمَتَانِ النَّاتِئَانِ بِجَنْبِ سِلْسِلَةِ الظَّهْرِ فَفِيهِمَا الدِّيَةُ. قَوْلُهُ: (وَخَرَّ غَيْرُ السَّالِخِ رَقَبَتَهُ) أَوْ خَرَّهَا السَّالِخُ وَاخْتَلَفَ الْجِنَايَةُ عَمْدًا وَغَيْرُهُ، وَلَوْ نَبَتَ الْجِلْدُ اُسْتُرِدَّتْ الدِّيَةُ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا
قَوْلُهُ: (فَرْعٌ) التَّعْبِيرُ بِهِ أَنْسَبُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْفَصْلِ، كَمَا لَا يَخْفَى وَزَادَ التَّرْجَمَةَ بِهِ لِطُولِ الْكَلَامِ قَبْلَهُ، وَهُوَ فِي إزَالَةِ الْمَعَانِي الْمُعَبَّرِ عَنْهَا بِالْمَنَافِعِ قَوْلُهُ: (الْمَنَافِعِ) ذَكَرَ مِنْهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَمَحَلُّ الْوُجُوبِ فِيهَا إنْ لَمْ يَرْجُ عَوْدَهَا بِقَوْلِ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ، فَإِنْ لَمْ تَعُدْ أَوْ مَاتَ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ قَدَّرُوهُ وَجَبَتْ الدِّيَةُ وَإِلَّا فَلَا كَمَا مَرَّ قَوْلُهُ: (فِي الْعَقْلِ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُعَقِّلُ صَاحِبَهُ أَيْ يَمْنَعُهُ عَنْ ارْتِكَابِ مَا لَا يَلِيقُ وَالْكَلَامُ فِي الْعَقْلِ الْغَرِيزِيِّ إذَا زَالَ كُلُّهُ، وَهُوَ مَا عَلَيْهِ التَّكْلِيفُ وَقَدْ مَرَّ أَوَّلَ الْكِتَابِ أَنَّهُ غَرِيزَةٌ يَتْبَعُهَا الْعِلْمُ بِالضَّرُورِيَّاتِ عِنْدَ سَلَامَةِ الْآلَاتِ أَيْ الْحَوَاسِّ، وَمَحَلُّهُ الْقَلْبُ عَلَى الرَّاجِحِ وَلَهُ شُعَاعٌ مُتَّصِلٌ بِالدِّمَاغِ وَقِيلَ مَحَلُّهُ الدِّمَاغُ، وَعَلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَجَمَاعَةٌ وَقِيلَ مَحَلُّهُ هُمَا مَعًا، وَقِيلَ لَا مَحَلَّ لَهُ قَالَهُ الْإِمَامُ فَإِنْ زَالَ بَعْضُهُ وَعَلِمَ كَأَنْ صَارَ يُجَنُّ يَوْمًا، وَيُفِيقُ يَوْمًا وَجَبَ قِسْطُهُ، وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ كَمَا فِي الْعَقْلِ الْمُكْتَسِبِ، وَهُوَ مَا بِهِ حُسْنُ التَّصَرُّفِ. قَوْلُهُ: (أَيْ إزَالَتُهُ) كَذَا عَبَّرَ بِهِ هُنَا، وَفِي الشَّمِّ وَعَبَّرَ فِي الْبَصَرِ بِالْإِذْهَابِ مَعًا وَالْإِزَالَةِ وَفِي السَّمْعِ وَغَيْرِهِ بِالْإِبْطَالِ فَقِيلَ هُوَ تَفَنُّنٌ فِي التَّعْبِيرِ بِدَلِيلِ تَعْبِيرِهِ أَوَّلًا فِي الْجَمِيعِ بِإِزَالَةِ الْمَنَافِعِ وَبِدَلِيلِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يُعَبِّرْ بِالْإِبْطَالِ، وَلَا بِالْمَذْهَبِ وَقِيلَ هُوَ الْأَقْعَدُ إنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ الثَّلَاثَةَ قَدْ يَصِحُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا فِي شَيْءٍ لَا يَصِحُّ فِيهِ غَيْرُهُ مِنْهَا، كَمَا يُقَالُ لِمَنْ صَرَفَ مَالَهُ فِي شَيْءٍ أَذْهَبَ مَالَهُ فِي كَذَا وَلَا يُقَالُ أَبْطَلَهُ، وَلَا أَزَالَهُ وَيُقَالُ لِمَنْ أَفْسَدَ صَلَاتَهُ أَبْطَلَهَا، وَلَا يُقَالُ أَذْهَبَهُ وَلَا أَزَالَهَا وَيُقَالُ لِمَنْ نَقَلَ شَيْئًا مِنْ مَحَلٍّ إلَى آخَرَ أَزَالَهُ، وَلَا يُقَالُ أَبْطَلَهُ وَلَا أَذْهَبَهُ، فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ وَالشَّارِحَ نَظَرَا إلَى مِثْلِ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (كَأَنْ ضَرَبَ رَأْسَهُ أَوْ لَطَمَهُ) أَيْ وَأَمْكَنَ زَوَالُهُ بِذَلِكَ وَإِلَّا كَضَرْبِهِ بِقَلَمٍ فَزَوَالُهُ بِهَا مُوَافَقَةُ قَدْرٍ لَا ضَمَانَ مَعَهَا فَتَأَمَّلْهُ قَوْلُهُ: (فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ غَيْرِهِ بَعْدَ هَذَا الَّذِي يَلْتَقِمُهُ الْمُرْضِعُ اهـ قَالَ الْإِمَامُ وَلَوْنُهَا فِي الْغَالِبِ يُخَالِفُ لَوْنَ الثَّدْيِ وَحَوْلُهَا دَائِرَةٌ عَلَى لَوْنِهَا وَهِيَ مِنْ الثَّدْيِ لَا مِنْ الْحَلَمَةِ.
قَوْلُهُ: (وَعِنِّينٍ) أَيْ لِأَنَّ الْعُنَّةَ ضَعْفٌ فِي الْقَلْبِ لَا فِي نَفْسِ الذَّكَرِ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّ مُعْظَمَ مَنَافِعِ الذَّكَرِ) أَيْ فَهِيَ كَالْأَصَابِعِ مَعَ الْكَفِّ قَوْلُهُ: (مِنْهَا) أَيْ كَالسِّنِّ
قَوْلُهُ: (وَهُمَا حَرْفَا الْفَرْجِ) ، هُوَ تَابِعٌ لِلْأَزْهَرِيِّ حَيْثُ قَالَ الإسكتان نَاحِيَتَا الْفَرْجِ وَالشَّفْرَانِ أَطْرَافُهُمَا كَمَا أَنَّ أَشْفَارَ الْعَيْنِ أَهْدَابُهَا، وَقَالَ غَيْرُهُ الشَّفْرَانِ هُمَا اللَّحْمَانِ الْمُحِيطَانِ بِالْفَرْجِ إحَاطَةَ الشَّفَةِ بِالْفَمِ.
فَرْعٌ فِي الْعَقْلِ دِيَةٌ: قَدْ مَرَّ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ الْمَعَانِي قَوْلُهُ: (وَجَبَا) أَيْ لِاخْتِلَافِ الْمَحَلِّ ثُمَّ الْعَقْلُ مَحَلُّهُ الْقَلْبُ وَقِيلَ الرَّأْسُ وَقَالَ الْإِمَامُ لَا مَحَلَّ لَهُ مُعَيَّنٌ، قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ يَدْخُلُ) وَجْهُ هَذَا بِأَنَّ الْعَقْلَ يُشْبِهُ الرُّوحَ مِنْ حَيْثُ زَوَالُ التَّكْلِيفِ بِزَوَالِهِ وَيُشْبِهُ ضَوْءَ الْبَصَرِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُبْقِي الْجَمَالَ فِي الْأَعْضَاءِ مَعَ زَوَالِهِ كَمَا يَبْقَى الْجَمَالُ فِي الْحَدَقَةِ بَعْدَ ذَهَابِ الضَّوْءِ فَتَشْبِيهُهُ بِالرُّوحِ يُدْخِلُ أَرْشَ الْجِنَايَةِ فِي دِيَتِهِ إذَا كَانَ الْأَرْشُ أَقَلَّ وَلِشَبَهِهِ بِالضَّوْءِ لَا يَجْمَعُ بَيْنَ بَدَلِهِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ عَلَى الْجُرْمِ، كَمَا لَا يَجْمَعُ بَيْنَ دِيَةِ الضَّوْءِ وَأَرْشِ الْعَيْنِ الْقَاتِمَةِ وَإِنْ كَانَ