يَأْثَمُ الْمُصَلِّي بِالتَّأْخِيرِ إلَى ذَلِكَ وَكَذَا عَلَى الْأَدَاءِ نَظَرًا لِلتَّحْقِيقِ، وَقِيلَ لَا نَظَرًا إلَى الظَّاهِرِ لِمُسْتَنِدٍ إلَى الْحَدِيثِ.
(وَمَنْ جَهِلَ الْوَقْتَ) لِغَيْمٍ أَوْ حَبْسٍ فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (اجْتَهَدَ بِوِرْدٍ وَنَحْوِهِ) كَخِيَاطَةٍ وَقِيلَ إنْ قَدَرَ عَلَى الصَّبْرِ إلَى الْيَقِينِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ، فَقَوْلُهُ: اجْتَهَدَ، أَيْ جَوَازًا إنْ قَدَرَ وَوُجُوبًا إنْ لَمْ يَقْدِرْ، وَسَوَاءٌ الْبَصِيرُ وَالْأَعْمَى (فَإِنْ تَيَقَّنَ صَلَاتَهُ) بِالِاجْتِهَادِ (قَبْلَ الْوَقْتِ) وَعَلِمَ بَعْدَهُ (قَضَى فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي لَا اعْتِبَارًا بِظَنِّهِ، فَإِنْ عَلِمَ فِي الْوَقْتِ أَعَادَ أَيْ
ـــــــــــــــــــــــــــــSإلَخْ قِيلَ إنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ. قَوْلُهُ: (نَظَرًا إلَى الظَّاهِرِ الْمُسْتَنِدِ إلَى الْحَدِيثِ) لِأَنَّ لَفْظَ الْإِدْرَاكِ فِيهِ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ كَمَنْ أَدْرَكَ جَمِيعَهَا فِي الْوَقْتِ وَهُوَ لَا إثْمَ فِيهِ، وَهَذَا مِثْلُهُ.
قَوْلُهُ: (وَمَنْ جَهِلَ الْوَقْتَ) أَيْ جَهِلَ دُخُولَهُ لِعَدَمِ ظَنِّهِ، فَخَرَجَ مِنْ أَخْبَرَهُ بِهِ عَدْلُ رِوَايَةٍ عَنْ عِلْمٍ، أَوْ سَمِعَ أَذَانَهُ فِي الصَّحْرَاءِ، أَوْ أَذَّنَ مَأْذُونُهُ وَلَوْ صَبِيًّا مَأْمُونًا فِي ذَلِكَ، أَوْ رَأَى مِزْوَلَةً وَضَعَهَا عَارِفٌ ثِقَةٌ أَوْ أَقَرَّهَا لِأَنَّهَا كَالْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ وَمِثْلُهَا مِنْكَابٌ مُجَرَّبٌ، وَأَقْوَى مِنْهُمَا بَيْتُ الْإِبْرَةِ الْمَعْرُوفُ لِعَارِفٍ بِهِ. قَوْلُهُ: (بِوِرْدٍ وَنَحْوِهِ) لَفْظُ نَحْوِهِ قِيلَ مُسْتَدْرَكٌ لِأَنَّ مَا دَخَلَ تَحْتَهُ مِنْ الْوَرْدِ وَكَلَامُ الشَّارِحِ يُشِيرُ إلَى رَدِّهِ لِأَنَّ الْوِرْدَ مَا كَانَ بِنَحْوِ ذِكْرٍ أَوْ قِرَاءَةٍ وَنَحْوُهُ مَا كَانَ بِنَحْوِ صِنَاعَةٍ، وَمِنْهُ سَمَاعُ صَوْتِ دِيكٍ مُجَرَّبٍ، وَسَمَاعُ مَنْ لَمْ يُعْلَمْ عَدَالَتُهُ أَوْ مَنْ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ أَذَانَهُ أَوْ أَخْبَرَهُ عَنْ عِلْمٍ وَسَمَاعِ أَذَانِ ثِقَةٍ عَارِفٍ فِي الْغَيْمِ لَكِنَّ لَهُ فِي هَذِهِ تَقْلِيدَهُ، وَخَرَجَ بِالثِّقَةِ الْمَذْكُورِ الْفَاسِقُ وَمَجْهُولُ الْعَدَالَةِ وَلَوْ مَسْتُورَهَا، وَالصَّبِيُّ وَإِنْ كَانَ مَأْمُونًا عَارِفًا وَفِي صَحْوٍ، وَمَا نُقِلَ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَالْهَرَوِيِّ مِنْ قَبُولِ قَوْلِ الصَّبِيِّ فِيمَا طَرِيقُهُ الْمُشَاهَدَةُ كَرُؤْيَةِ النَّجَاسَةِ وَدَلَالَةِ الْأَعْمَى عَلَى الْقِبْلَةِ وَخُلُوِّ الْمَوْضِعِ عَنْ الْمَاءِ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ وَالشَّمْسِ وَغُرُوبِهِمَا لَا فِيمَا طَرِيقُهُ الِاجْتِهَادُ كَالْإِفْتَاءِ لَمْ يَعْتَمِدْهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ.
قَوْلُهُ: (جَوَازًا إلَخْ) هُوَ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْمِيَاهِ، فَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ تَرْكُ الِاجْتِهَادِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى غَيْرِهِ لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهُ بِهِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ تَرْكُهُ مَعَ الْعَجْزِ، وَمَتَى وَقَعَ كَانَ وَاجِبًا، وَالْقُدْرَةُ تَعُمُّ مَا كَانَ بِالصَّبْرِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، وَمَا كَانَ بِغَيْرِهِ كَوُجُودِ مُخْبِرٍ عَنْ عِلْمٍ عِنْدَهُ، أَوْ فِي مَحَلٍّ يَجِبُ طَلَبُ الْمَاءِ مِنْهُ، وَتَمَكَّنَ مِنْ سُؤَالِهِ بِلَا مَشَقَّةٍ، وَهُوَ هُنَا كَذَلِكَ، وَفَارَقَ مَنْعَ الِاجْتِهَادِ وَوُجُوبَ السُّؤَالِ فِي مِثْلِهِ فِي الْقِبْلَةِ بِتَكَرُّرِ الْوَقْتِ، وَقَوْلُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ بِجَوَازِ التَّقْلِيدِ لَهُ وَلَوْ لِأَعْمَى أَقْوَى إدْرَاكًا مِنْهُ وَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الِاجْتِهَادِ كَالْبَصِيرِ الْعَاجِزِ لِعَجْزِ الْبَصِيرِ حَقِيقَةً، وَالْأَعْمَى فِي الْجُمْلَةِ يَقْتَضِي أَنَّ التَّقْلِيدَ لَا يَجِبُ عَلَى الْأَعْمَى الْعَاجِزِ، وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ تَقْلِيدُ الْمُجْتَهِدِ الْبَصِيرِ الْقَادِرِ لِمُجْتَهِدٍ آخَرَ، وَمُقْتَضَى مَا بَعْدُ عَنْ النَّوَوِيِّ جَوَازُهُ لَهُ كَمَا مَرَّ، وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَنَّهُمَا إنْ كَانَا عَاجِزَيْنِ وَجَبَ التَّقْلِيدُ أَوْ قَادِرَيْنِ تَخَيَّرَا بَيْنَ تَقْلِيدِ الْمُجْتَهِدِ وَالِاجْتِهَادِ، وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ مَنْعِ تَقْلِيدِ الْقَادِرِ عَلَى الِاجْتِهَادِ لِمُجْتَهِدٍ لِلْمَشَقَّةِ هُنَا، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَنْعَ تَقْلِيدِ الْأَعْمَى لِغَيْرِهِ فِي الْأَوَانِي مَا لَمْ يَتَحَيَّرْ.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ شَيْخُنَا: مَعْنَى الِاجْتِهَادِ بِالْوِرْدِ أَنَّهُ إذَا فَرَغَ مِنْ الْوَرْدِ يُصَلِّي مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ لِأَنَّ الْوِرْدَ سَبَبٌ لِلِاجْتِهَادِ تَأَمَّلْ، وَلِلْمُنَجِّمِ الْعَمَلُ بِحِسَابِهِ وُجُوبًا كَمَا فِي الصَّوْمِ وَقِيَاسُهُ أَنَّ مَنْ صَدَّقَهُ مِثْلُهُ، وَقَوْلُ الْمَنْهَجِ إنَّهُ كَالْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ أَيْ بَعْدَ إخْبَارِهِ لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ الِاجْتِهَادُ حِينَئِذٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَيَقَّنَ) أَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ أَنَّ صَلَاتَهُ كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا قَبْلَ الْوَقْتِ سَوَاءٌ عَلِمَ فِي الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ، وَتَقْيِيدُهُ بِقَوْلِهِ: وَعَلِمَ بَعْدَهُ بَيَانٌ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ كَمَا ذَكَرَهُ وَلِتَسْمِيَتِهَا قَضَاءً.
(فَرْعٌ) يَجِبُ قَضَاءٌ عَلَى مَنْ جَهِلَ وُجُوبَ الصَّلَاةِ أَوْ الصَّوْمِ لِأَنَّهُ لَيْسَ عُذْرًا فَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ أَيْضًا.
ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ) مُحَصِّلُ مَا فِي الْإِسْنَوِيِّ أَنَّ أَذَانَ الظُّهْرِ كَصَلَاتِهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالرَّابِعُ أَنَّ مَا وَقَعَ فِي الْوَقْتِ أَدَاءٌ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى هَذَا يَنْوِي الْأَدَاءَ فَقَطْ نَظَرًا إلَى الِافْتِتَاحِ، قَالَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَعَلَى الْقَضَاءِ يَأْثَمُ إلَخْ) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ: وَعَلَى هَذَا الْقَضَاءُ وَمَرْجِعُ الْإِشَارَةِ التَّحْقِيقُ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (اجْتَهَدَ بِوِرْدٍ وَنَحْوِهِ) لَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ عَنْ عِيَانٍ كَرُؤْيَةِ الْفَجْرِ طَالِعًا امْتَنَعَ الِاجْتِهَادُ، وَمِنْهُ أَذَانُ الْمُؤَذِّنِ فِي الصَّحْوِ إذَا كَانَ ثِقَةً عَارِفًا، وَأَمَّا فِي يَوْمِ الْغَيْمِ فَقَدْ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ اعْتِمَادَهُ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لِأَنَّهُ لَا يَتَقَاعَدُ عَنْ الدِّيكِ، انْتَهَى. قُلْت ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ.
(فَرْعٌ) لَوْ صَلَّى مِنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ أَعَادَ، وَلَوْ ظَنَّ دُخُولَ الْوَقْتِ وَتَبَيَّنَ وُقُوعَهَا فِيهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَضَى فِي الْأَظْهَرِ) اعْلَمْ أَنَّ لَنَا خِلَافًا فِيمَا لَوْ تَبَيَّنَ وُقُوعَهَا بَعْدَ الْوَقْتِ أَهِيَ تَقَعُ قَضَاءً أَمْ أَدَاءً؟ . وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، فَالْأَظْهَرُ هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَضَاءِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ