(أَوْ بَالِغًا عَاقِلًا وَلَمْ يَعْلَمْ حَالَ الطَّعَامِ) فَأَكَلَهُ فَمَاتَ (فَدِيَةٌ وَفِي قَوْلٍ قِصَاصٌ وَفِي قَوْلٍ لَا شَيْءَ) ، لِتَنَاوُلِهِ بِاخْتِيَارِهِ وَالثَّانِي قَالَ لِتَغْرِيرِهِ وَالْأَوَّلُ قَالَ يَكْفِي فِي التَّغْرِيرِ الدِّيَةُ (وَلَوْ دَسَّ سُمًّا) بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ (فِي طَعَامِ شَخْصٍ الْغَالِبُ أَكْلُهُ مِنْهُ فَأَكَلَهُ جَاهِلًا) بِالْحَالِ فَمَاتَ (فَعَلَى الْأَقْوَالِ) وَجْهُ الثَّانِي التَّسَبُّبُ وَالْأَوَّلُ قَالَ تَكْفِي فِيهِ الدِّيَةُ.

(وَلَوْ تَرَكَ الْمَجْرُوحُ عِلَاجَ جُرْحٍ مُهْلِكٍ فَمَاتَ وَجَبَ الْقِصَاصُ) وَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ تَرْكُ الْعِلَاجِ لِأَنَّ الْبُرْءَ غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِهِ لَوْ عَالَجَ، (وَلَوْ أَلْقَاهُ فِي مَاءٍ لَا يُعَدُّ مُغْرِقًا) بِسُكُونِ الْغَيْنِ (كَمُبَسَّطٍ فَمَكَثَ فِيهِ مُضْطَجِعًا) أَوْ مُسْتَلْقِيًا (حَتَّى هَلَكَ فَهَدَرٌ) لِأَنَّهُ الْمُهْلِكُ نَفْسَهُ (أَوْ) مَاءٍ (مُغْرِقٍ لَا يَخْلُصُ مِنْهُ إلَّا بِسِبَاحَةٍ) بِكَسْرِ السِّينِ أَيْ عَوْمٍ، (فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْهَا أَوْ كَانَ) مَعَ إحْسَانِهَا (مَكْتُوفًا أَوْ زَمِنًا) فَهَلَكَ (فَعَمْدٌ وَإِنْ مَنَعَ مِنْهَا عَارِضٌ كَرِيحٍ وَمَوْجٍ) فَهَلَكَ (فَشِبْهُ عَمْدٍ) فَفِيهِ الدِّيَةُ (وَإِنْ أَمْكَنَتْهُ فَتَرَكَهَا) .

ـــــــــــــــــــــــــــــSصَبِيًّا. فَضِيفَ مُقَدَّرٌ فِيهِ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَالَ لِبَالِغٍ عَاقِلٍ كُلْ هَذَا فَأَكَلَهُ، فَهُوَ هَدَرٌ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ هُوَ مَسْمُومٌ، فَإِنْ أَكْرَهَهُ عَلَى أَكْلِهِ وَجَبَ الْقَوَدُ إنْ جَهِلَ الْآكِلُ كَوْنَهُ مَسْمُومًا وَإِلَّا فَهَدَرٌ، وَإِنْ جَهِلَ كَوْنَهُ قَاتِلًا وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَى جَهْلِ، كَوْنِهِ سُمًّا إنْ خَفِيَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَعْلَمْ حَالَ الطَّعَامِ) هُوَ قَيْدٌ لِجَرَيَانِ الْأَقْوَالِ وَإِلَّا فَهَدَرٌ قَطْعًا.

قَوْلُهُ: (فَدِيَةٌ) أَيْ لِشِبْهِ الْعَمْدِ.

قَوْلُهُ: (بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ) وَبِالْكَسْرِ أَيْضًا قَوْلُهُ: (فِي طَعَامِ شَخْصٍ) أَيْ مُمَيِّزٍ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ دَسَّهُ فِي طَعَامِ نَفْسِهِ فَأَكَلَهُ مَنْ يَعْتَادُ الدُّخُولَ إلَيْهِ مَثَلًا فَمَاتَ فَهُوَ هَدَرٌ.

قَوْلُهُ: (الْغَالِبِ أَكْلُهُ مِنْهُ) قَيَّدَ لِلْخِلَافِ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لِلْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْقِصَاصِ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ أَنَّهُ شِبْهُ عَمْدٍ مُطْلَقًا فَذِكْرُ الْمَنْهَجِ لَهُ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ وَغَيْرُ الْمُمَيِّزِ يَجِبُ فِيهِ الْقَوَدُ مُطْلَقًا.

فَرْعٌ: لَوْ كَانَ فِي دِهْلِيزِهِ مَثَلًا بِئْرٌ وَدَعَا أَعْمَى أَوْ بَصِيرًا جَاهِلًا بِهَا، وَهِيَ مُغَطَّاةٌ فَوَقَعَ فِيهَا ضَمِنَهُ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا، وَلَيْسَ لَهُ مَنْدُوحَةٌ عَنْ الْمُرُورِ عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ وَإِذَا ضَمِنَ فَهُوَ بِالْقَوَدِ فِي غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَبِدِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ فِيهِ وَمِثْلُ الْبِئْرِ رَبْطُ كَلْبٍ عَقُورٍ بِبَابِهِ، وَقَالَ شَيْخُنَا لَا يَضْمَنُ هُنَا غَيْرَ الْأَعْمَى لِأَنَّ الْبَصِيرَ مُقَصِّرٌ.

فَرْعٌ: لَوْ أَنْهَشَهُ حَيَّةً ضَمِنَهُ أَوْ أَلْقَاهَا عَلَيْهِ أَوْ عَكْسُهُ فَلَا وَلَوْ فِي مَضِيقٍ وَلَوْ أَنْهَشَهُ سَبُعًا أَوْ أَلْقَاهُ عَلَيْهِ أَوْ عَكْسُهُ أَوْ أَغْرَاهُ عَلَيْهِ فِي مَضِيقٍ لَا يُمْكِنُ فِيهِ الْخُلُوصُ ضَمِنَهُ، وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ شَأْنَ الْحَيَّةِ النُّفُورُ مِنْ الْآدَمِيِّ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَرَكَ إلَخْ) هُوَ مِنْ السَّبَبِ الْعَادِيِّ وَيُقَالُ لَهُ الْعُرْفِيُّ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْبُرْءَ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ فِي نَحْوِ الْفَصْدِ لَا ضَمَانَ قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَلْقَاهُ) هُوَ مِنْ السَّبَبِ الْحِسِّيِّ قَالَ فِي شَرْحِ شَيْخِنَا إنَّهُ غَيْرُ قَيْدٍ فَلَوْ أَخَذَ نَحْوَ جِرَابٍ مِنْ عَائِمٍ عَلَيْهِ فَغَرَق ضَمِنَهُ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ قَالَ لِأَنَّهُ كَمَنْ أَخَذَ طَعَامَهُ فِي مَفَازَةٍ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا، وَقَدْ يُقَرَّقُ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ قَادِرٌ فِي الْمَفَازَةِ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَى مَحَلٍّ يَجِدُ فِيهِ مَا يَقِيهِ مِنْ الْجُوعِ وَلَيْسَ قَادِرًا فِي الْمَاءِ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَى مَحَلٍّ يَقِيهِ مِنْ الْغَرَقِ، وَلِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْمَاءِ الْإِغْرَاقَ وَلَيْسَ مِنْ شَأْنِ الْمَفَازَةِ الْإِهْلَاكُ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (فِي مَاءٍ) هُوَ مَمْدُودٌ مُفْرَدُ الْمِيَاهِ وَهُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الشَّارِحِ بَعْدَهُ، وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ سِبَاحَةٌ أَيْضًا. وَقِيلَ إنَّ مَا مَوْصُولٌ أَوْ نَكِرَةٌ بِمَعْنَى شَيْءٍ فَيَشْمَلُ نَحْوَ بَحْرٍ مِنْ زِئْبَقٍ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالْحُكْمُ وَاحِدٌ.

قَوْلُهُ: (بِسُكُونِ الْغَيْنِ) وَنُقِلَ عَنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ بِفَتْحِهَا مَعَ تَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَكْسُورَةِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ الْمُهْلِكُ نَفْسَهُ) مِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ خَلَاصِ نَفْسِهِ وَإِلَّا كَمَكْتُوفٍ فَهُوَ عَمْدٌ.

فَرْعٌ: مِثْلُ مَا لَوْ أَلْقَاهُ مَكْتُوفًا فِي مَحَلٍّ لَا مَاءَ فِيهِ ذَلِكَ الْوَقْتَ فَطَرَأَ فِيهِ الْمَاءُ فَغَرَق بِهِ فَإِنْ غَلَبَ وُجُودُ الْمَاءِ فِيهِ فَعَمْدٌ أَوْ نَدَرَ، فَشِبْهٌ عَمْدٍ أَوْ عَرَضَ نَحْوُ سَيْلٍ فَخَطَأٌ.

قَوْلُهُ: (عَوْمٍ) هُوَ عِلْمٌ لَا يَنْسَى. قَوْلُهُ: (عَارِضٌ فَشِبْهُ عَمْدٍ) خَرَجَ مَا لَوْ كَانَ مَوْجُودًا حَالَ الْإِلْقَاءِ فَهُوَ عَمْدٌ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَمْكَنَتْهُ) وَيُصَدَّقُ الْوَارِثُ إذَا ادَّعَى عَدَمَ الْإِمْكَانِ أَوْ وُجُودَ الْعَارِضِ الْمُتَقَدِّمِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: (أَوْ بَالِغًا عَاقِلًا وَلَمْ يَعْلَمْ حَالَ الطَّعَامِ فَدِيَةٌ) أَيْ دِيَةُ شِبْهِ عَمْدٍ قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ قِصَاصٌ) احْتَجَّ لَهُ بِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد فِي قِصَّةِ الْيَهُودِيَّةِ الَّتِي سَمَّتْ مِنْ أَنَّهَا لَمَّا قُتِلَتْ مَاتَ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَأَجَابَ الْأَوَّلَ بِأَنَّهُ مُرْسَلٌ وَالْمَحْفُوظُ مَا خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ عَدَمِ قَتْلِهَا لَكِنْ جَمَعَ الْبَيْهَقِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهَا أَوَّلًا، فَلَمَّا مَاتَ بِشْرٌ قَتَلَهَا قَالَ فِي الْبَحْرِ الِاسْتِدْلَال بِهِ ضَعِيفٌ فَإِنَّهَا إنَّمَا قَدَّمَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ أَضَافَ أَصْحَابَهُ، وَمَا هَذَا سَبِيلُهُ لَا يَلْزَمُ فِيهِ قِصَاصٌ اهـ. نَعَمْ الْقَوْلُ بِالْقِصَاصِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَرَجَّحَهُ الرُّويَانِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَالصَّيْمَرِيُّ.

قَوْلُهُ: (لِتَنَاوُلِهِ بِاخْتِيَارِهِ) فَتَغْلِبُ الْمُبَاشَرَةُ قَوْلُهُ: (وَلَوْ دَسَّ سُمًّا) وَجَمْعُهُ سِمَامٌ وَسَمُومٌ قَوْلُهُ: (فَعَلَى الْأَقْوَالِ) لَكِنَّ هُنَا طَرِيقَةً قَاطِعَةً بِعَدَمِ الضَّمَانِ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَرَكَ الْمَجْرُوحُ عِلَاجَ جُرْحٍ مُهْلِكٍ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَصَدَ عِرْقَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَتَرَكَ عَصَبَ نَفْسِهِ حَتَّى مَاتَ وَأَيْضًا السَّلَامَةُ مَوْثُوقٌ بِهَا عِنْدَ الرَّبْطِ، قَوْلُهُ: (فَمَكَثَ فِيهِ مُضْطَجِعًا) أَيْ وَالْفَرْضُ إمْكَانُ الْحَرَكَةِ قَوْلُهُ: (وَإِنْ مَنَعَ مِنْهَا عَارِضٌ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ أَلْقَاهُ مَعَ قِيَامِ الرِّيَاحِ وَهَيَجَانِ الْأَمْوَاجِ وَجَبَ الْقَوَدُ وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَمْكَنَتْهُ فَتَرَكَهَا) أَيْ لِغَضَبٍ مَثَلًا اسْتَشْكَلَ هَذَا بِإِيجَابِ الْقِصَاصِ عَلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015