لِأَنَّهُ أَوْلَى بِالْقِيَامِ بِشَأْنِ أَصْلِهِ لِعِظَمِ حُرْمَتِهِ، وَالثَّانِي أَنَّهَا عَلَى الْأَصْلِ اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ فِي الصِّغَرِ، وَالثَّالِثُ أَنَّهَا عَلَيْهِمَا لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْبَعْضِيَّةِ مِثَالُهُ أَبٌ وَابْنُ جَدٍّ وَابْنُ أَبٍ وَابْنُ ابْنِ أُمٍّ وَابْنٌ، (أَوْ) لَهُ (مُحْتَاجُونَ) وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى كِفَايَتِهِمْ.
(يُقَدِّمُ زَوْجَتَهُ) لِأَنَّ نَفَقَتَهَا آكَدُ (ثُمَّ الْأَقْرَبَ وَقِيلَ الْوَارِثَ) عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ فِي طَرَفَيْ الْفُرُوعِ وَالْأُصُولِ كَمَا تَقَدَّمَ.
فَصْلٌ (الْحَضَانَةُ حِفْظُ مَنْ لَا يَسْتَقِلُّ) بِأُمُورِهِ (وَتَرْبِيَتُهُ) بِمَا يُصْلِحُهُ (وَالْإِنَاثُ أَلْيَقُ بِهَا) لِأَنَّهُنَّ أَشْفَقُ وَأَهْدَى إلَى التَّرْبِيَةِ وَأَصْبَرُ عَلَى الْقِيَامِ بِهَا (وَأُولَاهُنَّ أُمٌّ) لِوُفُورِ شَفَقَتِهَا (ثُمَّ أُمَّهَاتٌ) لَهَا (يُدْلِينَ بِإِنَاثٍ) لِأَنَّهُنَّ يُشَارِكْنَهَا فِي الْإِرْثِ وَالْوِلَادَةِ (يُقَدَّمُ أَقْرَبُهُنَّ) فَأَقْرَبُهُنَّ (وَالْجَدِيدُ يُقَدَّمُ بَعْدَهُنَّ أُمُّ أَبٍ ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا الْمُدْلِيَاتُ بِإِنَاثٍ ثُمَّ أُمُّ أَبِي أَبٍ كَذَلِكَ) .
أَيْ ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا الْمُدْلِيَاتُ بِإِنَاثٍ (ثُمَّ أُمُّ أَبِي جَدٍّ كَذَلِكَ) أَيْ ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا الْمُدْلِيَاتُ بِإِنَاثٍ يُقَدَّمُ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْأُمَّهَاتِ الْمَذْكُورَةِ الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى وَقُدِّمَتْ أُمَّهَاتُ الْأُمِّ عَلَى أُمَّهَاتِ الْأَبِ لِقُوَّتِهِنَّ فِي الْإِرْثِ لِأَنَّهُنَّ لَا يَسْقُطْنَ بِالْأَبِ بِخِلَافِ أُمَّهَاتِهِ (وَالْقَدِيمُ) تُقَدَّمُ (الْأَخَوَاتُ وَالْخَالَاتُ عَلَيْهِنَّ) ، أَيْ عَلَى أُمَّهَاتِ الْأَبِ وَالْجَدِّ الْمَذْكُورَاتِ وَجْهُ الْجَدِيدِ أَنَّهُنَّ أَقْوَى قَرَابَةً لِأَنَّهُنَّ يَعْتِقْنَ عَلَى الْوَلَدِ وَوَجْهُ الْقَدِيمِ أَنَّ الْأَخَوَاتِ وَالْخَالَاتِ، يُدْلِينَ بِالْأُمِّ وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْأَبِ فَكَذَا يُقَدَّمُ مَنْ يُدْلِي بِهَا عَلَى مَنْ يُدْلِي بِهِ (وَتُقَدَّمُ) جَزْمًا (أُخْتٌ عَلَى خَالَةٍ) لِأَنَّهَا أَقْرَبُ مِنْهَا (وَخَالَةٌ عَلَى بِنْتِ أَخٍ و) بِنْتِ (أُخْتٍ) لِأَنَّهَا تُدْلِي بِالْأُمِّ بِخِلَافِهِمَا (وَبِنْتُ أَخٍ وَ) بِنْتُ (أُخْتٍ عَلَى عَمَّةٍ) كَمَا يُقَدَّمُ ابْنُ الْأَخِ فِي الْمِيرَاثِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: (أَصْلٌ وَفَرْعٌ) سَوَاءٌ بَعْدَ كُلٍّ مِنْهُمَا أَمْ لَا وَسَوَاءٌ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ إلَيْهِ، أَمْ لَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَمْثِلَةِ الشَّارِحِ الْآتِيَةِ. قَوْلُهُ: (مِثَالُهُ) أَيْ اجْتِمَاعُ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ.
قَوْلُهُ: (فَعَلَى الْفَرْعِ) وَفِي تَعَدُّدِهِ مَا تَقَدَّمَ وَكَذَا الْأَصْلُ. قَوْلُهُ: (مُحْتَاجُونَ) مِنْ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ أَوْ أَحَدِهِمَا فَذِكْرُ الزَّوْجَةِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ هُوَ مُضِرٌّ لِاقْتِضَائِهِ تَقْدِيمِهَا عَلَى نَفْسِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، قَوْلُهُ: (ثُمَّ الْأَقْرَبُ) مِنْ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ وَلَا يُقَدَّمُ أَصْلٌ عَلَى فَرْعٍ اسْتَوَيَا قُرْبًا، وَحِينَئِذٍ يُوَزَّعُ الْوَاجِبُ عَلَيْهِمَا إنْ سَدَّ مَسَدًا، وَإِلَّا أَقْرَعَ وَالْكَلَامُ فِي الْمُسْتَوَيْنِ فِي الْكَمَالِ أَوْ عَدَمِهِ، وَإِلَّا فَيُقَدَّمُ الْوَلَدُ الصَّغِيرُ أَوْ الْمَجْنُونُ ثُمَّ الْأُمُّ ثُمَّ الْأَبُ ثُمَّ الْوَلَدُ الْكَبِيرُ، وَالْأَوْجُهُ اسْتِوَاءُ أَبٍ مَجْنُونٍ مَعَ وَلَدٍ صَغِيرٍ أَوْ مَجْنُونٍ، وَيُقَدَّمُ فِي الْمُسْتَوَيْنِ أَبُو أَبٍ عَلَى أَبِي أُمٍّ وَذُو صِغَرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ ضَعْفٍ عَلَى غَيْرِهِ، كَذَا قَالَ ذَلِكَ كُلَّهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْهُ.
فَصْلٌ: فِي الْحَضَانَةِ هِيَ بِفَتْحِ الْحَاءِ لُغَةً مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْحِضْنِ بِكَسْرِهَا وَهُوَ الْجَنْبُ لِضَمِّ الْحَاضِنَةِ الْمَحْضُونَ إلَيْهِ وَيَنْتَهِي بِالْبُلُوغِ وَبَعْدَ التَّمْيِيزِ تُسَمَّى كَفَالَةً أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (الْحَضَانَةُ) أَيْ شَرْعًا قَوْلُهُ: (حِفْظُ إلَخْ) عَبَّرَ بِالْمَصَادِرِ فَأُجْرَةُ الْحَاضِنَةِ وَالْأَعْيَانِ اللَّازِمَةِ خَارِجَةٌ عَنْهَا فَهِيَ فِي مَالِ الْمَحْضُونِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ، وَلِذَلِكَ ذُكِرَتْ عَقِبَ النَّفَقَاتِ. قَوْلُهُ: (مَنْ لَا يَسْتَقِلُّ) شَمَلَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرَ وَالْبَالِغَ وَالْمَجْنُونَ وَالْحُرَّ وَالرَّقِيقَ نَعَمْ حَضَانَةُ الْمُزَوَّجَةِ لِزَوْجِهَا إنْ أَمْكَنَ وَطْءٌ كَعَكْسِهِ، وَبِنْتُ الْمَجْنُونِ تُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهَا، وَحَضَانَةُ الرَّقِيقِ لِسَيِّدِهِ وَحَضَانَةُ الْمُبَعَّضِ لِسَيِّدِهِ وَقَرِيبِهِ عَلَى مَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ مِنْ مُهَايَأَةٍ بَيْنَهُمَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ غَيْرِهِمَا، فَإِنْ تَنَازَعَا أَخَذَهُ الْحَاكِمُ مِنْهَا وَأَعْطَاهُ لِحَاضِنَةٍ وَأَلْزَمَهُمَا أُجْرَتَهَا، وَلِلرَّجُلِ حَضَانَةُ وَلَدِ أَمَتِهِ وَلَهُ نَزْعُهُ مِنْ أَبَوَيْهِ الْحُرَّيْنِ وَتَسْلِيمُهُ لِغَيْرِهِمَا لِجَوَازِ التَّفْرِيقِ. قَوْلُهُ: (بِمَا يُصْلِحُهُ) وَيَدْفَعُ عَنْهُ الضَّرَرَ بِغَسْلِ جَسَدِهِ وَثِيَابِهِ وَدُهْنِهِ وَكُحْلِهِ وَرَبْطِهِ فِي الْمَهْدِ وَتَحْرِيكِهِ لِيَنَامَ وَهَذِهِ الْحَضَانَةُ الْكُبْرَى كَمَا سَيَأْتِي، قَوْلُهُ: (وَالْإِنَاثُ بِهَا أَلْيَقُ) أَيْ مِنْ الذُّكُورِ وَالْمُرَادُ الْإِنَاثُ وَالذُّكُورُ مِنْ النَّسَبِ إذْ لَا حَقَّ فِيهَا لِمُحَرَّمِ رَضَاعٍ وَلَا مُصَاهَرَةٍ. قَوْلُهُ: (أَشْفَقُ) وَلَا نَظَرَ لِنَحْوِ عَطِيَّةٍ وَقُوَّةِ سَلْطَنَةٍ. قَوْلُهُ: (يُدْلِينَ بِالْأُمِّ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ الْخَالَاتُ وَالْأَخَوَاتُ مِنْ جِهَتِهِمَا فَقَطْ. قَوْلُهُ: (عَلَى عَمَّةٍ) وَتُقَدَّمُ بِنْتُ أُنْثَى كُلِّ جِهَةٍ عَلَى بِنْتِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُ الْمِنْهَاجِ بِوِلَايَةِ الْمَالِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ بِجِهَةِ وِلَايَةِ الْمَالِ، قَوْلُهُ: (اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ إلَخْ) رُجِّحَ أَيْضًا بِأَنَّ الْوُجُوبَ عَلَى الْآبَاءِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي قِصَّةِ هِنْدٍ وَغَيْرِهَا.
[فَصْلٌ الْحَضَانَةُ]
فَصْلٌ فِي الْحَضَانَةِ قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُنَّ أَشْفَقُ) أَيْ وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ كَوْنُهَا نَوْعَ وِلَايَةٍ وَسَلْطَنَةً وَمُؤَنُهَا عَلَى الْأَبِ كَالنَّفَقَةِ، وَلِهَذَا ذُكِرَتْ ذَيْلًا لِلنَّفَقَاتِ وَقِيلَ لَا أُجْرَةَ لَهَا بَعْدَ الْفِطَامِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ سَلَفَ أَنَّ الْأُمَّ الَّتِي تَحْتَ وَالِدِ الْمَحْضُونِ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ الرَّضَاعِ، لَكِنْ إذَا نَقَصَ الِاسْتِمْتَاعُ بِذَلِكَ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا مَعَ الْأُجْرَةِ فَهَلْ الْحَضَانَةُ كَالرَّضَاعِ فِيمَا ذَكَرَ هُوَ مُحْتَمَلٌ، قَوْلُهُ: (وَوَجْهُ الْقَدِيمِ إلَخْ) وُجِّهَ أَيْضًا بِأَنَّ الْأَخَوَاتِ اجْتَمَعْنَ مَعَ الْوَلَدِ فِي الصُّلْبِ وَالْبَطْنِ بِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ «الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ» ، قَوْلُهُ: (يُدْلِينَ بِالْأُمِّ) مِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ الْأُخْتُ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأُمٍّ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا أَقْرَبُ مِنْهَا) أَيْ وَوِرَاثَةً قَوْلُهُ: (وَبِنْتُ أَخٍ وَأُخْتٍ) خَالَفَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَقَدَّمَ الْعَمَّةَ، وَكَذَا الرُّويَانِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَظَاهِرُ النَّصِّ يَقْتَضِيهِ