[باب الاستبراء]

بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ هُوَ التَّرَبُّصُ بِالْمَرْأَةِ مُدَّةً بِسَبَبِ مِلْكِ الْيَمِينِ، حُدُوثًا أَوْ زَوَالًا لِتُعْرَفَ بَرَاءَةُ رَحِمِهَا مِنْ الْحَمْلِ أَوْ تَعَبُّدًا (يَجِبُ بِسَبَبَيْنِ أَحَدُهُمَا مِلْكُ أَمَةٍ بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ سَبْيٍ أَوْ رَدٍّ بِعَيْبٍ أَوْ تَحَالُفٍ أَوْ إقَالَةٍ) أَوْ قَبُولِ وَصِيَّةٍ (سَوَاءٌ بِكْرٌ وَمَنْ اسْتَبْرَأَهَا الْبَائِعُ قَبْلَ الْبَيْعِ وَمُنْتَقِلَةٌ مِنْ صَبِيٍّ وَامْرَأَةٌ وَغَيْرُهَا) أَيْ غَيْرُ الْمَذْكُورَاتِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ الصَّغِيرَةُ وَالْآيِسَةُ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ «قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَبَايَا أَوْطَاسٍ، وَلَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَقَاسَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، غَيْرَ الْمَسْبِيَّةِ عَلَيْهَا بِجَامِعِ حُدُوثِ الْمِلْكِ وَأَخَذَ مِنْ الْإِطْلَاقِ فِي الْمَسْبِيَّةِ، أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبِكْرِ وَغَيْرِهَا، وَأَلْحَقَ مَنْ لَا تَحِيضُ مِنْ الْآيِسَةِ وَالصَّغِيرَةِ، بِمَنْ تَحِيضُ فِي اعْتِبَارِ قَدْرِ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ غَالِبًا، وَهُوَ شَهْرٌ كَمَا سَيَأْتِي.

(وَيَجِبُ) الِاسْتِبْرَاءُ (فِي مُكَاتَبَةٍ عُجِّزَتْ) أَيْ عَجَّزَهَا السَّيِّدُ لِعَوْدِ مِلْكِ الِاسْتِمْتَاعِ بَعْدَ زَوَالِهِ بِالْكِتَابَةِ وَكَذَا لَوْ فُسِخَتْ الْكِتَابَةُ، يَجِبُ (وَكَذَا مُرْتَدَّةٌ) عَادَتْ إلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا، (فِي الْأَصَحِّ) لِعَوْدِ مِلْكِ الِاسْتِمْتَاعِ بَعْدَ زَوَالِهِ بِالرِّدَّةِ، وَالثَّانِي لَا يَجِبُ لِأَنَّ الرِّدَّةَ لَا تُنَافِي الْمِلْكَ بِخِلَافِ، الْكِتَابَةِ.

(لَا مَنْ خَلَتْ مِنْ صَوْمٍ أَوْ اعْتِكَافٍ أَوْ إحْرَامٍ) بَعْدَ حُرْمَتِهَا عَلَى السَّيِّدِ بِذَلِكَ لِإِذْنِهِ فِيهِ. فَإِنَّهَا يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا لِأَنَّ حُرْمَتَهَا بِذَلِكَ لَا تُخِلُّ بِالْمِلْكِ، بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ (وَفِي الْإِحْرَامِ وَجْهٌ) أَنَّهُ يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ بَعْدَ الْحِلِّ مِنْهُ كَالرِّدَّةِ لِتَأَكُّدِ الْحُرْمَةِ بِهِ

ـــــــــــــــــــــــــــــSبَابُ الِاسْتِبْرَاءِ هُوَ بِالْمَدِّ لُغَةً طَلَبُ الْبَرَاءَةِ وَشَرْعًا مَا سَيَذْكُرُهُ وَهُوَ فِي الْأَمَةِ كَالْعِدَّةِ فِي الزَّوْجَةِ، وَلِذَلِكَ عَقِبَهَا وَخُصَّ بِهَذَا الِاسْمِ لِأَنَّهُ اعْتَبَرَ أَقَلَّ مَا يَدُلُّ عَلَى الْبَرَاءَةِ، قَوْلُهُ: (التَّرَبُّصُ بِالْمَرْأَةِ) الْأَوْلَى تَرَبُّصُ الْمَرْأَةِ وَالْمُرَادُ بِهَا الْأَمَةُ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهَا لَكَانَ أَنْسَبُ قَوْلُهُ: (بِسَبَبِ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْأَصْلُ وَالْمُرَادُ حِلُّ الِاسْتِمْتَاعُ كَمَا سَيَأْتِي، وَلَوْ بِلَا حُدُوثٍ أَوْ زَوَالٍ أَوْ إرَادَةِ تَزْوِيجٍ كَمَا فِي الْمُكَاتَبَةِ وَنَحْوِهَا وَتَزْوِيجِ مَوْطُوءَتِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ تَعَبُّدًا) عَطْفٌ عَلَى تَعَرُّفٍ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (بِسَبَبَيْنِ) أَيْ بِأَحَدِ سَبَبَيْنِ أَصَالَةً كَمَا مَرَّ فَلَا يَرِدُ وَطْءُ أَمَةِ غَيْرِهِ بِظَنِّهَا أَمَتَهُ قَوْلُهُ: (أَمَةٍ) وَلَوْ احْتِمَالًا فَشَمَلَ الْخُنْثَى وَهَلْ يَكْفِي اسْتِبْرَاؤُهُ قَبْلَ اتِّضَاحِهِ رَاجِعْهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ مَا فِي الْمَجُوسِيَّةِ الْآتِيَةِ قَوْلُهُ: (أَوْ هِبَةٍ) أَيْ مَعَ قَبْضٍ أَوْ إرْثٍ وَلَوْ قَبْلَ قَبْضٍ أَوْ بَيْعٍ بَعْدَ لُزُومِهِ لَا قَبْلَهُ، قَوْلُهُ: (أَوْ سَبْيٍ) أَيْ بَعْدَ قِسْمَةٍ أَوْ اخْتِيَارِ تَمَلُّكٍ كَمَا فِي الْجِهَادِ.

تَنْبِيهٌ: قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ يَجُوزُ وَطْءُ السَّرَارِي الْمَجْلُوبَةِ الْآنَ مِنْ الرُّومِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَنْ جَلَبَهَا لَا تَخْمِيسَ عَلَيْهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ ذَكَرْنَاهُ فِي مَحَلِّهِ مِنْ كِتَابِ الْجِهَادِ، قَوْلُهُ: (أَوْ رَدٍّ بِعَيْبٍ) خَرَجَ بِذَلِكَ أَمَةٌ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِيهَا وَرَدَّهَا الْمُسَلِّمُ لِعَدَمِ وُجُودِ الصِّفَةِ فِيهَا، فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا وَمَا فِي الرَّوْضَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ قَوْلُهُ: (أَوْ قَبُولِ وَصِيَّةٍ) أَوْ رُجُوعِ مُقْرِضٍ أَوْ بَائِعٍ مُفْلِسٍ أَوْ وَالِدٍ فِي هِبَةِ فَرْعِهِ، أَوْ أَمَةِ قِرَاضٍ بَعْدَ فَسْخِهِ لَا أَمَةِ تِجَارَةٍ بَعْدَ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ كَمَا مَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَتَوَقَّفَ فِيهَا شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَالتَّوَقُّفُ ظَاهِرٌ خُصُوصًا مَعَ بَقَائِهَا عَلَى التِّجَارَةِ فَرَاجِعْ وَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ اسْتَبْرَأَهَا الْبَائِعُ) وَيَجُوزُ فِي هَذِهِ تَزْوِيجِهَا مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي وَمِنْهُ إنْ أَعْتَقَهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ وَمِثْلُهَا الْمَمْلُوكَةُ مِنْ سَبِيٍّ أَوْ امْرَأَةٍ قَوْلُهُ: (فِيهَا) الْأَوْلَى فِيهِ لِأَنَّهُ عَائِدٌ إلَى الْغَيْرِ، وَيَحْتَمِلُ عَوْدُ الضَّمِيرِ لِجَمِيعِ الْمَذْكُورَاتِ قَوْلُهُ: (أَوْطَاسٍ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا اسْمُ وَادٍ مِنْ هَوَازِنَ عِنْدَ حُنَيْنٍ قَوْلُهُ: (وَأَلْحَقَ) أَيْ الشَّافِعِيُّ أَيْ قَاسَ كَمَا ذَكَرَهُ قَبْلَهُ وَالْمُغَايَرَةُ تَفَنُّنٌ

، قَوْلُهُ: (فِي مُكَاتَبَةٍ) أَيْ كِتَابَةٍ صَحِيحَةٍ وَكَذَا أَمَةُ مُكَاتَبٍ عَجَزَ، قَوْلُهُ: (عُجِّزَتْ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ مَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ بِدَلِيلِ تَفْسِيرِ الشَّارِحِ الْمَذْكُورِ، قَوْلُهُ: (وَكَذَا مُرْتَدَّةٌ) وَكَذَا رِدَّةُ السَّيِّدِ أَوْ هُمَا مَعًا. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَوْ أَسْلَمَتْ أَمَةُ كَافِرٍ ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَهَا وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ، قَوْلُهُ: (لِعَوْدِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِحُدُوثِ الْمِلْكِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِلْكُ الِاسْتِمْتَاعِ لَا مِلْكُ الْيَمِينِ فَتَأَمَّلْهُ قَالَ شَيْخُنَا، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ حَيْثُ حِلُّ التَّمَتُّعِ وَأَمَّا التَّزْوِيجُ فَإِنْ كَانَ قَدْ وَطِئَ قَبْلَ الْكِتَابَةِ أَوْ الرِّدَّةِ وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ وَإِلَّا فَلَا فَرَاجِعْهُ

قَوْلُهُ: (بِذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ الصَّوْمِ وَالِاعْتِكَافِ وَالْإِحْرَامِ وَلَوْ أَشْتَرَاهَا كَذَلِكَ كَفَى الِاسْتِبْرَاءُ فِي زَمَنِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى زَوَالِهِ. قَوْلُهُ: (لِإِذْنِهِ) قَيْدٌ لِلْحُرْمَةِ فَلَوْ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ]

ِ قَوْلُهُ: (أَوْ سَبْيٍ) أَيْ مَعَ الْقِسْمَةِ ثُمَّ مَحَلُّ الِاكْتِفَاءِ بِالِاسْتِبْرَاءِ إذَا كَانَ الْحِلِّ يُعْقِبُهُ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الْمَجُوسِيَّةِ، وَنَحْوُهُ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى مُحْرِمَةً وَجَعَلَ الِاسْتِبْرَاءَ زَمَنَ الْإِحْرَامِ لَمْ يَكْفِ وَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَتِهِ، قَوْلُهُ: (وَمَنْ اسْتَبْرَأَهَا الْبَائِعُ) أَيْ لَكِنْ هَذِهِ يَجُوزُ تَزْوِيجُهَا لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي وَلَهُ إنْ أَعْتَقَهَا مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ اسْتِبْرَاءٍ، وَكَذَا الْمَمْلُوكَةُ مِنْ صَبِيٍّ أَوْ امْرَأَةٍ بِخِلَافِ الْمُسْتَوْلَدَةِ إذَا اسْتَبْرَأَهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا لَا يَصِحُّ نِكَاحُهَا لِغَيْرِهِ، إلَّا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ لِشَبَهِهَا بِالْحَرَائِرِ كَمَا سَيَأْتِي.

، قَوْلُهُ: (لِعَوْدِ مِلْكِ الِاسْتِمْتَاعِ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ لِأَنَّهَا بِالْكِتَابَةِ كَالْخَارِجَةِ عَنْ مِلْكِهِ فِي تَحْرِيمِ الِاسْتِمْتَاعِ وَإِيجَابِ الْمَهْرِ بِوَطْئِهَا، قَوْلُهُ: (وَكَذَا مُرْتَدَّةٌ) لَوْ أَسْلَمَتْ جَارِيَةُ الْكَافِرِ ثُمَّ أَسْلَمَ الْبُلْقِينِيُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ، وَلَوْ زَوَّجَ الشَّخْصُ أَمَتَهُ فَطَلُقَتْ وَاعْتَدَّتْ وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ إنْ لَمْ تَكُنْ مُسْتَوْلَدَةً وَإِلَّا فَلَا لِشَبَهِهَا بِالْحَرَائِرِ.

، قَوْلُهُ: (بَعْدَ حُرْمَتِهَا عَلَى السَّيِّدِ بِذَلِكَ) ، اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الَّتِي اشْتَرَاهَا مُحْرِمَةً وَنَحْوِهَا فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي الِاسْتِبْرَاءُ قَبْلَ زَوَالِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُصَدِّقُ أَنَّ تَحْرِيمَهَا عَلَى السَّيِّدِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015