فَيَصِحُّ، فِي الْأَظْهَرِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ، (وَقِيلَ بَاطِلٌ) قَطْعًا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَمْلِكُ الْمَنْفَعَةَ وَالْمُعْتَدَّةُ لَا تَمْلِكُهَا، فَكَأَنَّ الْمُطَلِّقَ بَاعَهُ وَاسْتَثْنَى مَنْفَعَتَهُ لِنَفْسِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً، وَذَلِكَ بَاطِلٌ (أَوْ مُسْتَعَارًا لَزِمَتْهَا فِيهِ فَإِنْ رَجَعَ الْمُعِيرُ وَلَمْ يَرْضَ بِأُجْرَةٍ نُقِلَتْ) بِخِلَافِ مَا إذَا رَضِيَ بِهَا فَتَلْزَمُ الْمُطَلِّقَ، وَلَا تُنْقَلُ (وَكَذَا مُسْتَأْجِرًا نَقَضَتْ مُدَّتُهُ) فَإِذَا إذَا لَمْ يَرْضَ مَالِكُهُ بِتَحْدِيدِ إجَارَةِ تُنْقَلُ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا رَضِيَ بِذَلِكَ (أَوْ) مَمْلُوكًا (لَهَا اسْتَمَرَّتْ) فِيهِ لُزُومًا (وَطَلَبَتْ الْأُجْرَةَ) مِنْ الْمُطَلِّقِ، قَالَهُ صَاحِبَا الْمُذْهَبِ وَالتَّهْذِيبِ، وَقَالَ صَاحِبُ الشَّامِلِ وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، تَتَخَيَّرُ بَيْنَ الِاسْتِمْرَارِ فِيهِ، بِإِعَارَةٍ أَوْ إجَارَةٍ وَهُوَ أَوْلَى وَبَيْنَ طَلَبِ النَّقْلِ إلَى غَيْرِهِ، (فَإِنْ كَانَ مَسْكَنُ النِّكَاحِ نَفِيسًا فَلَهُ النَّقْلُ إلَى لَائِقٍ بِهَا أَوْ خَسِيسًا فَلَهَا الِامْتِنَاعُ) مِنْ الِاسْتِمْرَارِ فِيهِ، وَطَلَبُ النَّقْلِ إلَى لَائِقٍ بِهَا، وَحَيْثُ تُنْقَلُ يَنْبَغِي أَنْ تُنْقَلَ إلَى قَرِيبٍ مِنْ الْمَنْقُولِ عَنْهُ، بِحَسَبِ مَا يُمْكِنُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، أَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ وَاسْتَبْعَدَ الْغَزَالِيُّ الْوُجُوبَ وَتَرَدَّدَ فِي الِاسْتِحْبَابِ
(وَلَيْسَ لَهُ مُسَاكَنَتُهَا وَمُدَاخَلَتُهَا) حَيْثُ فَضَّلَتْ الدَّارَ عَلَى سُكْنَى مِثْلِهَا لِمَا يَقَعُ فِيهِمَا مِنْ الْخَلْوَةِ بِهَا، وَهِيَ حَرَامٌ كَالْخَلْوَةِ بِأَجْنَبِيَّةٍ (فَإِنْ كَانَ فِي الدَّارِ مَحْرَمٌ لَهَا مُمَيِّزٌ ذَكَرٌ أَوْ) مَحْرَمٌ (لَهُ) مُمَيِّزٌ (أُنْثَى أَوْ زَوْجَةٌ أُخْرَى) كَذَلِكَ (أَوْ أَمَةٌ أَوْ امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ جَازَ) مَا ذَكَرَ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ فِيهِ لَكِنْ يُكْرَهُ، لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مَعَهُ النَّظَرُ وَلَا عِبْرَةَ بِالْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ (وَلَوْ كَانَ فِي الدَّارِ حُجْرَةٌ فَسَكَنَهَا أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ الْأُخْرَى فَإِنْ اتَّحَدَتْ الْمَرَافِقُ كَمَطْبَخٍ وَمُسْتَرَاحٍ) وَمِصْعَدًا إلَى السَّطْحِ (اُشْتُرِطَ مَحْرَمٌ) حَذَرًا مِنْ الْخَلْوَةِ فِيمَا ذَكَرَ، (وَإِلَّا فَلَا) يُشْتَرَطُ (وَيَنْبَغِي أَنْ يُغْلَقَ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ بَابٍ وَأَنْ لَا يَكُونَ مَمَرُّ إحْدَاهُمَا) يَمُرُّ فِيهِ (عَلَى الْأُخْرَى) كَمَا اشْتَرَطَهُمَا صَاحِبَا التَّهْذِيبِ وَالتَّتِمَّةِ وَغَيْرُهُمَا، حَذَرًا مِنْ الْخَلْوَةِ فِي ذَلِكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الثَّانِيَ كَمَا فِي الْبَيْتَيْنِ مِنْ الْخَانِ، (وَسُفْلٌ وَعُلْوٌ كَدَارٍ وَحُجْرَةٍ) فِيمَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّهُ إنْ اتَّحَدَتْ الْمَرَافِقُ اُشْتُرِطَ مَحْرَمٌ وَإِلَّا لَمْ يُشْتَرَطْ.
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ) أَيْ لِغَيْرِهَا نَعَمْ لَوْ سَبَقَ الْعِدَّةَ رَهْنٌ وَتَعَذَّرَ الْوَفَاءُ مِنْ غَيْرِهِ بِيعَ فِيهِ، أَوْ سَبَقَ حَجْرٌ فَلَيْسَ فَهِيَ كَالْغُرَمَاءِ، وَتُقَدَّمُ هِيَ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَالْوَرَثَةِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، وَيَصِحُّ بَيْعُهُ لَهَا مُطْلَقًا قَوْلُهُ: (فَيَصِحُّ فِي الْأَظْهَرِ) وَإِنْ تَوَقَّعَتْ الْحَيْضَ فِيهَا بِنَحْوِ بُلُوغِ تِسْعِ سِنِينَ مَثَلًا، وَإِذَا طَرَأَ الْحَيْضُ فِيهَا تَخَيَّرَ الْمُشْتَرِي. قَوْلُهُ: (قَطْعًا) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُعَبَّرَ عَنْهُ بِقِيلَ طَرِيقٌ قَاطِعٌ، وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ التَّشْبِيهِ قَبْلَهُ، وَلَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِاصْطِلَاحِهِ قَوْلُهُ: (وَالْفَرْقُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ قَوْلُهُ: (مُسْتَعَارًا) وَلَوْ بَعْدَ الْفُرْقَةِ، قَوْلُهُ: (رَجَعَ الْمُعِيرُ) أَوْ خَرَجَ عَنْ الْأَهْلِيَّةِ بِنَحْوِ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ أَوْ زَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (نُقِلَتْ) وَلَا يَلْزَمُهَا الْعَوْدُ لَهُ لَوْ رَضِيَ بَعْدَهَا قَوْلُهُ: (فَتَلْزَمُ الْمُطْلِقَ) فَهِيَ عَارِيَّةٌ لَازِمَةٌ مِنْ جِهَتِهِ بِإِلْزَامِ الشَّارِعِ، قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا إذَا رَضِيَ) فَيَلْزَمُ الْمُطْلِقَ الْأُجْرَةُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ نَقْلُهَا، قَوْلُهُ: (وَطَلَبَتْ الْأُجْرَةَ) أَيْ أُجْرَةً قَدْرَ مَا يَلِيقُ بِهَا مِنْهُ، وَسَوَاءٌ طَلَبَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ وَلِيِّهَا، فَلَوْ لَمْ تَطْلُبْهَا فَلَا أُجْرَةَ حَيْثُ كَانَتْ رَشِيدَةً، كَمَا لَوْ سَكَنَ مَعَهَا فِي بَيْتِهَا بِإِذْنِهَا مُدَّةً وَلَمْ تَطْلُبْهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَمْتِعَتُهُ فِي مَحَلٍّ وَحْدَهَا، فَإِنْ لَمْ تَأْذَنْ لَهُ فَلَهَا مُطَالَبَتُهُ بِهَا. قَوْلُهُ: (وَصَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ) أَيْ صَحَّحَ أَنَّهَا تُخَيَّرُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ أَمْكَنَ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى الْجَوَازِ دُونَ الْوُجُوبِ، بِأَنْ يُقَالَ اسْتَمَرَّتْ إنْ شَاءَتْ قَوْلُهُ: (وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ) أَيْ نَقْلُهَا إلَى الْقَرِيبِ أَيْ تَعَيَّنَ الْقَرِيبُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ
قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لَهُ) وَلَوْ فِي رَجْعِيَّةٍ. قَوْلُهُ: (وَمُدَاخَلَتُهَا) أَيْ وَلَا مُدَاخَلَتُهَا وَكَانَ الْمُنَاسِبُ لِلشَّارِحِ ذِكْرُهَا قَوْلُهُ: (حَيْثُ فُضِّلَتْ) قَيْدٌ لِلْجَوَازِ الْآتِي فَغَيْرُهَا يَمْتَنِعُ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (ذَكَرٌ) لَيْسَ قَيْدًا كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ الشَّارِحُ وَلَا بُدَّ فِي الْمَحْرَمِ وَغَيْرِهِ، مِمَّنْ يَأْتِي أَنْ يَكُونَ ثِقَةً، وَقَالَ شَيْخُنَا فِي مَحْرَمِهَا يَكْفِي أَنْ يَكُونَ لَهُ غَيْرَةٌ، وَلَوْ غَيْرَ ثِقَةٍ وَلَا بُدَّ فِيمَنْ ذَكَرَ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ بَصِيرًا، وَقَالَ شَيْخُنَا يَكْفِي أَعْمَى قَوِيُّ الْإِدْرَاكِ قَوْلُهُ: (أَوْ امْرَأَةٌ) أَوْ مَمْسُوحٌ أَوْ عَبْدُهَا قَوْلُهُ: (اُشْتُرِطَ مَحْرَمٌ) أَوْ غَيْرُهُ مِمَّنْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: (وَيَنْبَغِي) أَيْ يَجِبُ قَوْلُهُ: (أَنْ يُغْلَقَ) وَأَوْلَى مِنْهُ أَنْ يُسَمَّرَ وَأَوْلَى مِنْهُ أَنْ يُبْنَى، قَوْلُهُ: (كَمَا اشْتَرَطَهُمَا) أَيْ الْغَلْقَ وَعَدَمَ الْمُرُورِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَفِي كَلَامِهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ، قَوْلُهُ: (وَعُلْوٌ) وَالْأَوْلَى إسْكَانُهَا فِيهِ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهَا.
فَرْعٌ: يَحْرُمُ خَلْوَةُ أَمْرَدَ بِأَمْرَدَ، وَإِنْ تَعَدَّدَ أَوْ رَجُلٍ بِأَمْرَدَ وَإِنْ تَعَدَّدَ أَوْ بِنِسْوَةٍ غَيْرِ ثِقَاتٍ كَذَلِكَ، نَعَمْ إنْ لَمْ تَكُنْ رِيبَةٌ كَشَارِعٍ وَمَسْجِدٍ مَطْرُوقٍ فَلَا تَحْرُمُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَائِقًا بِهَا قَالَ وَيُخَالِفُ سَكَنَ النِّكَاحِ الَّذِي يُرَاعَى فِيهِ حَالُ الزَّوْجِ دُونَهَا لِمَا تَوَجَّهَ فِي هَذِهِ الْمَسْكَنِ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَعْدَ سَوْقِهِ فِي النَّفَقَاتِ مَا يُخَالِفُهُ. قَوْلُهُ: (وَطَلَبَتْ الْأُجْرَةَ) أَيْ أُجْرَةَ الْمَكَانِ الَّذِي يَكْفِيهَا مِنْهُ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ مَضَتْ الْمُدَّةُ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ فَلَا أُجْرَةَ كَالسُّكْنَى فِي صُلْبِ النِّكَاحِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ
قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَ فِي الدَّارِ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ فَضَلَتْ عَنْ سُكَّانِهَا ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الدَّارَ مَعَ كَوْنِهَا فَاضِلَةً لَيْسَ فِيهَا بَيْتٌ وَاحِدٌ وَإِلَّا لَاتَّحَدَتْ مَعَ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ إلَّا أَنَّ مِثْلَ هَذَا التَّصْوِيرِ لَمْ يَكْتَفُوا فِيهَا بِالْمَحْرَمِ إلَّا مَعَ بِنَاءِ حَائِلٍ. قَوْلُهُ: (ذَكَرٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَكْفِي الْأُنْثَى بِالْأَوْلَى وَلَوْ كَانَتْ أَجْنَبِيَّةً فَكَذَلِكَ تَكْفِي عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ) اسْتَشْكَلَ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي الشِّقَّيْنِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْمَحْرَمَ قَدْ لَا يَكُونُ مَعَهَا عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَلَا يُلَازِمُهَا عَلَى الدَّوَامِ وَأَمَّا عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ عِنْدَ التَّعَدُّدِ فَلِأَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ ثَمَّ سُكَّانٌ وَالْمَحْذُورُ مَوْجُودٌ فِيمَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ كَبِيرَةً ذَاتَ مَرَافِقَ وَلَيْسَ فِيهَا غَيْرُهُ، فَالْمُتَّجَهُ حَمْلُ كَلَامِهِمْ عَلَى غَيْرِهَا.
تَنْبِيهٌ: لَوْ كَانَتْ الْمَرَافِقُ عِنْدَ التَّعَدُّدِ خَارِجَ الْحُجْرَةِ فِي الدَّارِ لَمْ يَجُزْ، لِأَنَّ الْخَلْوَةَ لَا تَمْنَعُ مَعَ ذَلِكَ.