(أَوْ اسْتِدْخَالِ مَنِيِّهِ) لِأَنَّهُ كَالْوَطْءِ (وَإِنْ تَيَقَّنَ بَرَاءَةَ الرَّحِمِ) كَمَا فِي الصَّغِيرِ تَعَبُّدًا (لَا بِخَلْوَةٍ فِي الْجَدِيدِ) وَالْقَدِيمُ تُقَامُ مَقَامَ الْوَطْءِ، لِأَنَّهَا مَظِنَّتُهُ (وَعِدَّةُ حُرَّةٍ ذَاتِ أَقْرَاءٍ) بِأَنْ كَانَتْ تَحِيضُ (ثَلَاثَةٌ) قَالَ تَعَالَى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] (وَالْقَرْءُ) الَّذِي هُوَ وَاحِدُ الْأَقْرَاءِ الَّتِي يُعْتَدُّ بِهَا. (الطُّهْرُ) أَيْ الْمُرَادُ بِهِ ذَلِكَ أَخْذًا مِنْ قَوْله تَعَالَى {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] أَيْ فِي زَمَنِهَا وَهُوَ زَمَانُ الطُّهْرِ، لِأَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْحَيْضِ حَرَامٌ، كَمَا تَقَدَّمَ وَزَمَنُ الْعِدَّةِ يَعْقُبُ زَمَنَ الطَّلَاقِ وَقَدْ يُرَادُ بِالْقَرْءِ الْحَيْضُ، كَمَا فِي حَدِيثِ النَّسَائِيّ وَغَيْرِهِ «تَتْرُكُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا» وَالْقَرْءُ بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الطُّهْرِ وَالْحَيْضِ، وَقِيلَ: إنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الطُّهْرِ مَجَازٌ فِي الْحَيْضِ وَيُجْمَعُ عَلَى أَقْرَاءٍ وَقُرُوءٍ وَأَقْرُؤٍ.

(فَإِنْ طَلُقَتْ طَاهِرًا) وَقَدْ بَقِيَ مِنْ زَمَنِ الطُّهْرِ شَيْءٌ (انْقَضَتْ بِالطَّعْنِ فِي حَيْضَةٍ ثَالِثَةٍ) لِحُصُولِ الْأَقْرَاءِ الثَّلَاثَةِ فِي ذَلِكَ بِأَنْ يُحْسَبَ مَا بَقِيَ مِنْ الطُّهْرِ، الَّذِي طَلُقَتْ فِيهِ قَرْءًا سَوَاءٌ جَامَعَ فِيهِ أَمْ لَا وَلَا بُعْدَ فِي تَسْمِيَةِ قُرْأَيْنِ وَبَعْضِ الثَّالِثِ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ كَمَا فُسِّرَ قَوْله تَعَالَى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] بِشَوَّالٍ وَذِي الْقَعْدَةِ وَبَعْضِ ذِي الْحِجَّةِ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ زَمَنِ الطُّهْرِ شَيْءٌ كَأَنْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ آخِرَ طُهْرِكِ، فَإِنَّمَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالطَّعْنِ فِي حَيْضَةٍ رَابِعَةٍ.

(أَوْ) طَلُقَتْ (حَائِضًا فَفِي رَابِعَةٍ) أَيْ فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالطَّعْنِ فِي حَيْضَةٍ رَابِعَةٍ لِتَوَقُّفِ حُصُولِ الْأَقْرَاءِ الثَّلَاثَةِ عَلَى ذَلِكَ، (وَفِي قَوْلٍ يُشْتَرَطُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ بَعْدَ الطَّعْنِ) فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فِي الْأُولَى وَالرَّابِعَةِ فِي الثَّانِيَةِ، لِيُعْلَمَ أَنَّهُ حَيْضٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ أَيْ الِاكْتِفَاءِ بِالطَّعْنِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ دَمُ حَيْضٍ، لَوْ انْقَطَعَ لِدُونِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَمْ يَعُدْ حَتَّى مَضَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا تَبَيَّنَّا أَنَّ الْعِدَّةَ لَمْ تَنْقَضِ بِمَا ذُكِرَ، ثُمَّ لَحْظَةُ الطَّعْنِ أَوْ الْيَوْمُ وَاللَّيْلَةُ لَيْسَتَا مِنْ الْعِدَّةِ بَلْ يَتَبَيَّنُ بِهِمَا انْقِضَاؤُهَا، وَقِيلَ: هُمَا مِنْهَا فَتَصِحُّ فِيهِمَا الرَّجْعَةُ عَلَى هَذَا دُونَ الْأَوَّلِ.

(وَهَلْ يُحْسَبُ طُهْرُ مَنْ لَمْ تَحِضْ) أَصْلًا ثُمَّ حَاضَتْ فِي أَثْنَاءِ عِدَّتِهَا بِالْأَشْهُرِ (قَرْءًا قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَرْءَ انْتِقَالٌ مِنْ طُهْرٍ إلَى حَيْضٍ أَمْ طُهْرٌ مُحْتَوَشٌ) بِفَتْحِ الْوَاوِ (بِدَمَيْنِ) إنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ فَيُحْسَبُ وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالطَّعْنِ فِي حَيْضَةٍ ثَالِثَةٍ أَوْ، بِالثَّانِي فَلَا يُحْسَبُ، وَإِنَّمَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالطَّعْنِ فِي حَيْضَةٍ رَابِعَةٍ (وَالثَّانِي أَظْهَرُ) فَكَذَا الْمَبْنِيُّ عَلَيْهِ وَهَذَا الْخِلَافُ فِي كَيْفِيَّةِ اعْتِبَارِ الطُّهْرِ الْمُفَسَّرِ بِهِ الْقَرْءُ هَلْ هُوَ طُهْرٌ بَيْنَ دَمَيْنِ، أَوْ طُهْرٌ يَنْتَقِلُ مِنْهُ إلَى دَمٍ، سَوَاءٌ سَبَقَهُ دَمٌ آخَرُ أَمْ لَا؟ ثُمَّ تَوَسَّعَ عَلَى الثَّانِي وَاعْتَبَرَ نَفْسَ

ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: (حُرَّةٍ) وَلَوْ بِظَنِّهِ، أَوْ فِي الْوَاقِعِ فَلَوْ وَطِئَ أَمَةً يَظُنُّهَا حُرَّةً اعْتَدَّتْ كَحُرَّةٍ نَظَرًا لِظَنِّهِ، أَوْ حُرَّةً يَظُنُّهَا أَمَةً فَكَحُرَّةٍ نَظَرًا لِلْوَاقِعِ. قَوْلُهُ: (بِفُرْقَةِ حَيٍّ) وَمِنْهَا مَسْخُهُ حَيَوَانًا قَوْلُهُ: (وَفَسْخٍ) مِنْهُ، أَوْ مِنْهَا بِالْعَيْبِ مَثَلًا.

قَوْلُهُ: (كَلِعَانٍ وَرَضَاعٍ) هُمَا انْفِسَاخٌ كَالرِّدَّةِ لَا فَسْخٌ فَإِنْ كَانَا مِثَالَيْنِ لِلْفَسْخِ فَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَعُمُّ الِانْفِسَاخَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ وَطْءٍ) وَلَوْ فِي دُبُرٍ أَوْ بِذَكَرِ خَصِيٍّ، أَوْ صَغِيرٍ يُمْكِنُ وَطْؤُهُ كَمَا يَأْتِي، أَوْ فِي ذَكَرٍ أَشَلَّ أَوْ زَائِدٍ عَلَى سَمْتِ الْأَصْلِيِّ فَقَطْ، وَضَبَطَ الزَّرْكَشِيُّ الْوَطْءَ الْمُوجِبَ لِلْعِدَّةِ بِمَا لَا يُوجِبُ الْحَدَّ عَلَى الْوَاطِئِ، وَإِنْ أَوْجَبَهُ عَلَى الْمَوْطُوءَةِ، نَعَمْ قَالَ شَيْخُنَا لَا تَجِبُ الْعِدَّةُ بِوَطْءِ الْمُكْرَهِ. وَيَلْحَقُهُ الْوَلَدُ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ سُقُوطَ الْحَدِّ عَنْهُ لِشُبْهَةِ الْإِكْرَاهِ لَا أَنَّهُ مُبَاحٌ لَهُ بَلْ هُوَ آثِمٌ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (أَوْ اسْتِدْخَالِ مَنِيِّهِ) وَلَوْ فِي الدُّبُرِ أَوْ مِنْ مَجْبُوبٍ، أَوْ خَصِيٍّ، أَوْ غَيْرِ مُسْتَحْكِمٍ لَا مِنْ مَمْسُوحٍ وَالْمُرَادُ الْمَنِيُّ الْمُحْتَرَمُ بِأَنْ لَا يَكُونَ حَالَ خُرُوجِهِ مُحَرَّمًا لِذَاتِهِ فِي ظَنِّهِ أَوْ فِي الْوَاقِعِ فَشَمِلَ الْخَارِجَ بِوَطْءِ زَوْجَتِهِ فِي الْحَيْضِ مَثَلًا، أَوْ بِاسْتِمْنَائِهِ بِيَدِهَا، أَوْ بِوَطْءِ أَجْنَبِيَّةٍ يَظُنُّهَا حَلِيلَتَهُ، أَوْ عَكْسِهِ، أَوْ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ كَنِكَاحٍ فَاسِدٍ، أَوْ بِوَطْءِ الْأَبِ أَمَةَ وَلَدِهِ، وَلَوْ مَعَ عِلْمِهِ بِهَا، فَإِذَا اسْتَدْخَلَتْهُ امْرَأَةٌ وَلَوْ أَجْنَبِيَّةً عَالِمَةً بِحَالِهِ وَجَبَ بِهِ الْعِدَّةُ، وَلَحِقَهُ بِهِ الْوَلَدُ الْحَاصِلُ مِنْهُ كَالْحَاصِلِ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ الْحَرَامُ فِي ظَنِّهِ، وَالْوَاقِعُ مَعًا كَالزِّنَى وَالِاسْتِمْنَاءِ بِيَدِ غَيْرِ حَلِيلَتِهِ، وَأَلْحَقَ بِهِ شَيْخُنَا الْخَارِجَ بِالنَّظَرِ، أَوْ الْفِكْرِ الْمُحَرَّمِ، فَلَا عِبْرَةَ بِاسْتِدْخَالِهِ وَلَوْ مِنْ زَوْجَتِهِ، وَإِنْ ظَنَّتْهُ غَيْرَ مُحَرَّمٍ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا لَكِنْ تَقَدَّمَ عَنْ الزَّرْكَشِيّ أَنَّ الْوَلَدَ الْحَاصِلَ بِهِ مِنْ زَوْجَتِهِ لَاحِقٌ بِهِ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ حَيْثُ الْفِرَاشُ وَبِمَا ذُكِرَ عُلِمَ أَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ إسْقَاطُ الضَّمِيرِ فِي مَنِيِّهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الصَّغِيرَةِ) أَيْ الَّتِي يُمْكِنُ وَطْؤُهَا، وَإِلَّا فَلَا عِدَّةَ بِهِ وَكَذَا الصَّغِيرُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهُ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمُتَوَلِّي فِي الْأُولَى وَالزَّرْكَشِيُّ فِي الثَّانِيَةِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَعِدَّةُ حُرَّةٍ) وَلَوْ فِي ظَنِّهِ، وَإِنْ خَالَفَ الْوَاقِعَ، أَوْ عَكْسُهُ كَمَا مَرَّ، أَوْ الْتَحَقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَاسْتُرِقَّتْ وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ. قَوْلُهُ: (ذَاتِ أَقْرَاءٍ) وَلَوْ بِإِقْرَارِهَا وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ كَانَتْ تَحِيضُ) وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا مِنْ زِنًى وَلَوْ احْتِمَالًا فَيَصِحُّ نِكَاحُهَا بَعْدَ الْأَقْرَاءِ، وَيَجُوزُ وَطْؤُهَا وَلَوْ مَعَ الْحَمْلِ، وَإِنْ انْتَفَى الْحَدُّ فِي الْمُحْتَمِلِ لِلشُّبْهَةِ. قَوْلُهُ: (ثَلَاثَةٌ) وَلَوْ مُسْتَحَاضَةً غَيْرَ مُتَحَيِّرَةٍ بِأَقْرَائِهَا الْمَرْدُودَةِ إلَيْهَا، وَإِنْ جَلَبَتْ الْحَيْضَ بِدَوَاءٍ. قَوْلُهُ: (وَالْقَرْءُ بِضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِهَا مُشْتَرَكٌ) قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَعَلَيْهِ أَجْمَعَ أَهْلُ اللُّغَةِ.

قَوْلُهُ: (وَيُجْمَعُ إلَخْ) وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ إنَّ الطُّهْرَ جَمْعُهُ قُرُوءٌ كَمَا فِي الْآيَةِ، وَالْحَيْضُ جَمْعُهُ أَقْرَاءٌ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ.

قَوْلُهُ: (فِي حَيْضَةٍ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا عِبْرَةَ بِالطَّعْنِ فِي النِّفَاسِ فِيمَا هُنَا وَمَا يَأْتِي.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ لَحْظَةُ الطَّعْنِ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، أَوْ الْيَوْمُ وَاللَّيْلَةُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي.

قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الْوَاوِ) لِأَنَّهُ أَحَاطَ بِهِ غَيْرُهُ وَبِكَسْرِهَا لِلْحَيْطِ بِغَيْرِهِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQالصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ فِي الْقَدِيمِ، قَوْلُهُ: (وَالْقَرْءُ الطُّهْرُ) قَالَ الْغَزَالِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَشْهَدُ لِذَلِكَ أَنَّ الْعِدَّةَ وَجَبَتْ تَرَبُّصًا عَنْ النِّكَاحِ وَذَلِكَ جَدِيرٌ بِأَنْ يَكُونَ فِي وَقْتِ الِاسْتِمْتَاعِ بِالنِّكَاحِ، وَهُوَ حَالَةُ الطُّهْرِ دُونَ الْحَيْضِ، قَوْلُهُ: (الَّذِي هُوَ إلَخْ) . يُرِيدُ أَنَّ الَّذِي يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالطُّهْرِ هُوَ هَذَا، وَإِلَّا فَالْقَرْءُ لُغَةً سَيَأْتِي تَفْسِيرُهُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ، قَوْلُهُ: (وَالْقَرْءُ بِالْفَتْحِ إلَخْ) يُرِيدُ أَنَّ مَا مَضَى تَفْسِيرٌ مُرَادٌ وَهَذَا تَفْسِيرُهُ اللُّغَوِيُّ

قَوْلُهُ: (وَقَدْ بَقِيَ) أَيْ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ، وَإِنْ كَانَتْ الْعِبَارَةُ صَادِقَةً بِغَيْرِهِ أَيْضًا

قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ إلَخْ) هَذَا الْخِلَافُ جَارٍ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ الْمُعَلَّقَةِ عَلَى الْحَيْضِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015