بِإِيجَابِ حَدِّ الزِّنَى عَلَيْهَا، وَيُسْتَوْفَى فِي الْمَجْنُونَةِ بَعْدَ إفَاقَتِهَا إنْ لَمْ تُلَاعِنْ، وَإِذَا كَانَ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ وَلَدٌ فَلَهُ اللِّعَانُ لِنَفْيِهِ قَطْعًا.
(وَلَوْ أَبَانَهَا) بِطَلَاقٍ، أَوْ فَسْخٍ (أَوْ مَاتَتْ ثُمَّ قَذَفَهَا بِزِنًى مُطْلَقٍ، أَوْ مُضَافٍ إلَيْهِ) زَمَنٌ عَلَى (مَا بَعْدَ النِّكَاحِ لَاعَنَ إنْ كَانَ وَلَدٌ يَلْحَقُهُ) يُرِيدُ نَفْيَهُ، وَنَفَاهُ فِي لِعَانِهِ كَمَا فِي صُلْبِ النِّكَاحِ وَيَسْقُطُ حَدُّ الْقَذْفِ عَنْهُ بِلِعَانِهِ، وَيَجِبُ بِهِ عَلَى الْبَائِنِ حَدُّ الزِّنَى الْمُضَافِ إلَى حَالَةِ النِّكَاحِ بِخِلَافِ الْمُطْلَقِ، وَيَسْقُطُ بِلِعَانِهَا أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ فَلَا يُلَاعِنُ وَيُحَدُّ وَقِيلَ: يُلَاعِنُ إنْ أَضَافَ الزِّنَى إلَى حَالَةِ النِّكَاحِ وَيَدْخُلُ فِي الْوَلَدِ الْحَمْلُ فَيُلَاعِنُ قَبْلَ انْفِصَالِهِ فِي الْأَظْهَرِ، فَإِنْ لَاعَنَ وَبَانَ أَنْ لَا حَمْلَ بَانَ فَسَادُ اللِّعَانِ (فَإِنْ أَضَافَ) الزِّنَى (إلَى مَا) أَيْ زَمَنٍ (قَبْلَ نِكَاحِهِ فَلَا لِعَانَ إنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ) وَيُحَدُّ كَقَذْفِ أَجْنَبِيَّةٍ (وَكَذَا إنْ كَانَ) وَلَدٌ (فِي الْأَصَحِّ) . وَالثَّانِي لَهُ اللِّعَانُ، لِأَنَّهُ قَدْ يَظُنُّ الْوَلَدَ مِنْ ذَلِكَ الزِّنَى فَيَنْفِيهِ بِاللِّعَانِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ كَانَ حَقُّهُ حِينَئِذٍ أَنْ يُطْلِقَ الْقَذْفَ وَلَا يُؤَرِّخَهُ (لَكِنْ لَهُ إنْشَاءُ قَذْفٍ) مُطْلَقٍ (وَيُلَاعِنُ) نَافِيًا لِلْوَلَدِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ بِلِعَانِهِ حَدُّ الْقَذْفَيْنِ. فَإِنْ لَمْ يُنْشِئْ حُدَّ وَعَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ، وَرَجَّحَهُ أَكْثَرُهُمْ كَمَا قَالَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إذَا لَاعَنَ سَقَطَ الْحَدُّ عَنْهُ بِلِعَانِهِ، وَلَا يَجِبُ بِهِ عَلَى الْبَائِنِ حَدُّ الزِّنَى فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، لِأَنَّهَا لَمْ تُلَطِّخْ فِرَاشَهُ حَتَّى يَنْتَقِمَ مِنْهَا بِاللِّعَانِ، وَحَيْثُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا فِي هَذَا، وَفِي الْمُطْلَقِ فَفِي تَأَبُّدِ حُرْمَتِهَا عَلَيْهِ وَجْهَانِ الْأَصَحُّ نَعَمْ وَعَلَى مُقَابِلِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ هَلْ يَفْتَقِرُ إلَى مُحَلِّلٍ كَالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وَجْهَانِ الصَّحِيحُ لَا وَأَسْقَطَ مِنْهَا مَسْأَلَةَ الْمَوْتِ.
(وَلَا يَصِحُّ نَفْيُ أَحَدِ تَوْأَمَيْنِ) بِأَنْ وَلَدَتْهُمَا مَعًا أَوْ أَحَدَهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ، وَبَيْنَهُمَا أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، لِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - لَمْ يُجْرِ الْعَادَةَ بِأَنْ يَجْتَمِعَ فِي الرَّحِمِ وَلَدٌ مِنْ مَاءِ رَجُلٍ وَوَلَدٌ مِنْ مَاءِ آخَرَ، فَالتَّوْأَمَانِ مِنْ مَاءِ رَجُلٍ وَاحِدٍ فِي حَمْلٍ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَنْفِيَ أَحَدَهُمَا وَلَوْ نَفَاهُمَا بِاللِّعَانِ، ثُمَّ اسْتَلْحَقَ أَحَدَهُمَا لَحِقَهُ الْآخَرُ، وَلَوْ نَفَى أَوَّلَهُمَا بِاللِّعَانِ، ثُمَّ وَلَدَتْ الثَّانِيَ فَسَكَتَ عَنْ نَفْيِهِ لَحِقَهُ الْأَوَّلُ مَعَ الثَّانِي أَمَّا إذَا كَانَ بَيْنَ وَضْعَيْ الْوَلَدَيْنِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا فَهُمَا حَمْلَانِ يَصِحُّ نَفْيُ أَحَدِهِمَا.
كِتَابُ الْعِدَدِ جَمْعُ عِدَّةٍ وَهِيَ مُدَّةٌ تَتَرَبَّصُ فِيهَا الْمَرْأَةُ لِتَعْرِفَ بَرَاءَةَ رَحِمِهَا مِنْ الْحَمْلِ
(عِدَّةُ النِّكَاحِ ضَرْبَانِ الْأَوَّلُ مُتَعَلِّقٌ بِفُرْقَةِ حَيٍّ بِطَلَاقٍ وَفَسْخٍ) كَلِعَانٍ وَرَضَاعٍ (وَإِنَّمَا تَجِبُ بَعْدَ وَطْءٍ) بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ} [الأحزاب: 49]
ـــــــــــــــــــــــــــــSوَيَسْتَوْفِيه الْقَاضِي فِيهَا وَلَا طَلَبَ لَهَا لَوْ بَلَغَتْ بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: (مَا بَعْدَ النِّكَاحِ) أَيْ بَعْدَ عَقْدِهِ فَهُوَ فِي حَالِ نِكَاحِهِ قَوْلُهُ: (فَلَا يُلَاعِنُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ.
قَوْلُهُ: (فِي الْأَظْهَرِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: (وَكَذَا إنْ كَانَ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (مُطْلَقٍ) أَوْ مُضَافٍ لِمَا بَعْدَ نِكَاحِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (الْأَصَحُّ نَعَمْ) الْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ فَلَا تَتَأَبَّدُ الْحُرْمَةُ. قَوْلُهُ: (الصَّحِيحُ) الْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ أَيْضًا فَلَا بُدَّ مِنْ تَحْلِيلٍ.
قَوْلُهُ: (يُجْمَعُ) وَفِي نُسْخَةٍ يَجْتَمِعُ وَعَلَى الْأُولَى يُقْرَأُ الْفِعْلُ مَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ بِدَلِيلِ رَفْعِ " وَلَدٌ " بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (لَحِقَهُ الْآخَرُ) وَيُحَدُّ بِقَذْفِهَا لِمُنَاقَضَةِ كَلَامِهِ.
قَوْلُهُ: (فَسَكَتَ عَنْ نَفْيِهِ) أَيْ لَمْ يَنْفَعْهُ فَوْرًا وَمِثْلُهُ لَوْ مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ انْفِصَالِ الثَّانِي، وَبَعْدَ نَفْيِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (لَحِقَهُ الْأَوَّلُ) وَلَا يُحَدُّ لِقَذْفِهَا فِي هَذِهِ؛ لِأَنَّهُ بِحُكْمِ الشُّرُوعِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَنْتِفْ الثَّانِي تَبَعًا لِلْأَوَّلِ لِقُوَّةِ النَّسَبِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِغَيْرِ اسْتِلْحَاقٍ مَعَ الْإِمْكَانِ، وَلِأَنَّهُ يَثْبُتُ بَعْدَ نَفْيِهِ وَلَا عَكْسَ. قَوْلُهُ: (سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا) فِيهِ مَعَ مَا قَبْلَهُ نَظَرٌ إذْ مَا بَيْنَ السِّتَّةِ وَدُونَهَا يَصْدُقُ بِلَحْظَةٍ، وَكَوْنُهُ مَعَهَا لَا يَجْتَمِعُ مَاءُ الرَّجُلَيْنِ وَبِدُونِهَا لَا يُحْتَمَلُ مَاؤُهُمَا تَنَاقُضٌ؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ اجْتَمَعَا فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ قَبْلَ تِلْكَ اللَّحْظَةِ اتِّفَاقًا، وَبِذَلِكَ عُلِمَ فَسَادُ قَوْلِ بَعْضِهِمْ إنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ مَنِيَّانِ لِلتَّخَلُّقِ، أَوْ أَنَّ فِي الرَّحِمِ ثُقُوبًا مُتَعَدِّدَةً إذَا نَزَلَ الْمَنِيُّ فِي وَاحِدَةٍ انْسَدَّتْ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ، وَحَرِّرْهُ وَرَاجِعْهُ مِنْ مَظَانِّهِ.
كِتَابُ الْعِدَدِ اسْمٌ مِنْ اعْتَدَّ، أَوْ جَمْعُ عِدَّةٍ بِكَسْرِ الْعَيْنِ فِيهِمَا، وَهِيَ لُغَةً مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْعَدَدِ بِفَتْحِهَا لِاشْتِمَالِهَا عَلَيْهِ غَالِبًا وَبِضَمِّهَا لِنَحْوِ أُهْبَةِ الْقِتَالِ، وَجَمْعُ هَذِهِ عُدَدٌ بِضَمِّ الْعَيْنِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَهِيَ) أَيْ شَرْعًا قَوْلُهُ: (لِتَعْرِفَ إلَخْ)
هَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِيهَا فَإِنَّ أَصْلَ مَشْرُوعِيَّتِهَا لِصِيَانَةِ الْأَنْسَابِ وَصِيَانَةِ اخْتِلَاطِ الْمِيَاهِ، وَقَدْ تَكُونُ لِلتَّعَبُّدِ، أَوْ لِلتَّفَجُّعِ كَمَا سَيَأْتِي، وَالْمُغَلَّبُ فِيهَا التَّعَبُّدُ بِدَلِيلِ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِقَرْءٍ مَعَ حُصُولِ الْبَرَاءَةِ بِهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمِثْلُهُ التَّعْزِيرُ
قَوْلُهُ: (مَا بَعْدَ النِّكَاحِ) أَيْ بَعْدَ عَقْدِهِ. قَوْلُهُ: (كَمَا فِي صُلْبِ النِّكَاحِ) قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَأَوْلَى، لِأَنَّ اللِّعَانَ حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ فَإِذَا أَثَّرَتْ مَعَ قِيَامِ الْفِرَاشِ فَبَعْدَ انْقِطَاعِهِ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَضَافَ) مِثْلُ هَذَا مَا لَوْ صَدَرَ مِنْهُ الْقَذْفُ فِي حَالِ الزَّوْجِيَّةِ، وَأَضَافَهُ إلَى مَا قَبْلَ النِّكَاحِ، قَوْلُهُ: (فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) لَعَلَّ سَبَبَ التَّعْرِيفِ أَنَّهُمَا وَجْهَانِ مَذْكُورَانِ فِي لِعَانِ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ، أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ إذَا كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ، ثُمَّ قَذَفَ، وَلَاعَنَ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ فِي وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهَا خِلَافًا، وَأَنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ الْوُجُوبِ لِعَدَمِ تَلْطِيخِ الْفِرَاشِ
قَوْلُهُ: (فَسَكَتَ عَنْ نَفْيِهِ) جَعَلَ الزَّرْكَشِيُّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ انْفِصَالِ الثَّانِي وَبَعْدَ نَفْيِ الْأَوَّلِ
[كِتَابُ الْعِدَدِ]
قَوْلُهُ: (النِّكَاحِ) خَرَجَ الْوَطْءُ فِي غَيْرِ النِّكَاحِ فَلَا عِدَّةَ فِيهِ إلَّا فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ قَوْلُهُ: (وَإِنْ تَيَقَّنَ) أَيْ لِأَنَّ الْإِنْزَالَ خَفِيٌّ فَأُدِيرَ الْأَمْرُ عَلَى السَّبَبِ الظَّاهِرِ وَطُرِدَ فِي سَائِرِ الْوَطْئَاتِ لِعُمُومِ مَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى {مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [الأحزاب: 49] ، قَوْلُهُ: (مَقَامَ الْوَطْءِ) قَالَ بِذَلِكَ عُمَرُ وَعَلِيٌّ وَقَوْلُ