ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (قَضَى) مَعَ مَسْحِهِ بِالْمَاءِ (عَلَى الْمَشْهُورِ) لِانْتِفَاءِ شَبَهِهِ حِينَئِذٍ بِالْخُفِّ. وَالثَّانِي لَا يَقْضِي لِلْعُذْرِ.
وَالْخِلَافُ فِي الْقِسْمَيْنِ فِيمَا إذَا كَانَ السَّاتِرُ عَلَى غَيْرِ مَحَلِّ التَّيَمُّمِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى مَحَلِّهِ قَضَى قَطْعًا لِنَقْصِ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ جَزَمَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَنَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ كَالرَّافِعِيِّ عَنْ جَمَاعَةٍ، ثُمَّ قَالَ: إطْلَاقُ الْجُمْهُورِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ، انْتَهَى. وَابْنُ الْوَكِيلِ قَالَ: الْخِلَافُ فِي الْقَضَاءِ إذَا لَمْ نَقُلْ يَتَيَمَّمُ، فَإِنْ قُلْنَا يَتَيَمَّمُ وَتَيَمَّمَ فَلَا قَضَاءَ قَطْعًا، وَاسْتَغْنَى الْمُصَنِّفُ بِتَعْبِيرِهِ بِالْمَشْهُورِ الْمُشْعِرُ بِضَعْفِ الْخِلَافِ عَنْ تَعْبِيرِ الْمُحَرَّرِ كَالشَّرْحِ بِأَصَحِّ الطَّرِيقَيْنِ. وَالثَّانِيَةُ حَاكِيَةٌ لِلْقَوْلَيْنِ، وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ حِكَايَةُ ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، الْأَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ وُضِعَ عَلَى طُهْرٍ فَلَا إعَادَةَ وَإِلَّا وَجَبَتْ، انْتَهَى. وَعَلَى الْمُخْتَارِ السَّابِقِ لَهُ لَا تَجِبُ.
(بَابُ الْحَيْضِ) وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ مِنْ الِاسْتِحَاضَةِ وَالنِّفَاسِ (أَقَلُّ سِنِّهِ تِسْعُ سِنِينَ) قَمَرِيَّةٍ تَقْرِيبًا، فَلَوْ رَأَتْ الدَّمَ قَبْلَ تَمَامِ التِّسْعِ بِمَا لَا يَسَعُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSلَمْ يُمْكِنْهُ إمْسَاسُ مَحَلِّ الْعِلَّةِ بِالتُّرَابِ، أَنَّهُ يَجِبُ الْقَضَاءُ وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَاسْتَغْنَى إلَخْ) أَيْ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْمَشْهُورِ يُشْعِرُ بِأَنَّ مُقَابِلَهُ مِنْ الْخِلَافِ غَيْرُ قَوِيٍّ، سَوَاءٌ كَانَ طُرُقًا أَوْ أَقْوَالًا فَآثَرَ التَّعْبِيرَ بِهِ عَنْ التَّعْبِيرِ بِالْمَذْهَبِ، أَوْ الْأَظْهَرِ، كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ.
بَابُ الْحَيْضِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ مِنْ الِاسْتِحَاضَةِ وَالنِّفَاسِ، فَهُوَ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى التَّرْجَمَةِ وَلَيْسَ مَعِيبًا. وَالْحَيْضُ لُغَةً السَّيَلَانُ، يُقَالُ: حَاضَ الْوَادِي إذَا سَالَ. وَشَرْعًا دَمُ جِبِلَّةٍ أَيْ طَبِيعَةٍ يَخْرُجُ مِنْ أَقْصَى رَحِمِ الْمَرْأَةِ فِي أَوْقَاتٍ مَخْصُوصَةٍ، وَتَعَدُّدُ الْفَرْجِ يُعْتَبَرُ بِمَا فِي الْحَدَثِ وَحِكْمَتُهُ الْأَصْلِيَّةُ، أَنَّهُ لَمَّا سَالَ مَاءُ الشَّجَرَةِ حِينَ كَسَرَتْهَا حَوَّاءُ فِي الْجَنَّةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَهَا: لَأُدْمِيَنَّكِ كَمَا أَدْمَيْتهَا، فَأَوَّلُ وُجُودِهِ كَانَ فِيهَا، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ أَوَّلُ وُجُودِهِ فِي بَنِي إسْرَائِيلَ يُحْمَلُ عَلَى أَوَّلِ ظُهُورِهِ وَانْتِشَارِهِ. وَالِاسْتِحَاضَةُ. وَيُقَالُ لَهَا: دَمُ فَسَادٍ لُغَةً كَالْحَيْضِ وَشَرْعًا دَمُ عِلَّةٍ يَخْرُجُ مِنْ أَدْنَى رَحِمِ الْمَرْأَةِ مِنْ عِرْقٍ يُقَال لَهُ: الْعَاذِلُ بِمُعْجَمَةٍ أَوْ مُهْمَلَةٍ، وَبِالرَّاءِ بَدَلَ اللَّامِ مَعَ الْإِعْجَامِ.
وَالنِّفَاسُ لُغَةً الْوِلَادَةُ وَاصْطِلَاحًا الدَّمُ الْخَارِجُ عَقِبَ فَرَاغِ الرَّحِمِ مِنْ الْحَمْلِ، وَقَبْلَ مُضِيِّ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَمَا بَيْنَ التَّوْأَمَيْنِ حَيْضٌ فِي وَقْتِهِ، وَدَمُ فَسَادٍ فِي غَيْرِهِ، وَكَذَا مَا يَخْرُجُ مَعَ الْوَلَدِ وَسُمِّيَ نِفَاسًا لِأَنَّهُ عَقِبُ نَفْسٍ غَالِبًا يُقَالُ: نَفِسَتْ الْمَرْأَةُ بِضَمِّ النُّونِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا وَكَسْرِ الْفَاءِ، وَيُقَالُ لِلْحَائِضِ: نَفِسَتْ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ، وَلِلْحَيْضِ عَشْرَةُ أَسْمَاءٍ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ:
حَيْضُ نِفَاسٌ دِرَاسٌ طَمْسُ إعْصَارٍ ... ضَحِكٌ عِرَاكٌ طَمْثُ إكْبَارِ
وَاَلَّذِي يَحِيضُ مِنْ الْحَيَوَانِ ثَمَانِيَةٌ، كَمَا ذَكَرَهُ الْجَاحِظُ بِجِيمٍ ثُمَّ حَاءٍ مُهْمَلَةٍ مَكْسُورَةٍ وَظَاءٍ مُشَالَةٍ، أَرْبَعَةٌ بِاتِّفَاقٍ وَهِيَ الْمَرْأَةُ وَالْأَرْنَبُ وَالضَّبُعُ وَالْخُفَّاشُ، وَأَرْبَعَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَهِيَ النَّاقَةُ وَالْحُجْرَةُ أَيْ الْأُنْثَى مِنْ الْخَيْلِ. وَالْكَلْبَةُ وَالْوَزَغَةُ.
قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَعَلَّ مَعْنَى حَيْضِ غَيْرِ الْمَرْأَةِ رُؤْيَةُ دَمِهَا، وَلَيْسَ حَيْضًا حَقِيقَةً فَلَا يُعْتَبَرُ لَهُ أَقَلُّ وَلَا أَكْثَرُ وَلَا غَيْرُهُمَا مِنْ الْأَحْكَامِ وَقَدْ جَمَعَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ:
ثَمَانِيَةٌ فِي جِنْسِهَا الْحَيْضُ يَثْبُتُ ... وَلَكِنْ فِي غَيْرِ النِّسَاءِ لَا يُوَقَّتُ
نِسَاءٌ وَخُفَّاشٌ وَضَبُعٌ وَأَرْنَبٌ ... كَذَا نَاقَةٌ وَزَغٌ وَحُجْرَةُ كَلْبَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَضَعَ اللُّصُوقَ فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ ثُمَّ أَجْنَبَ فَهُوَ وَضَعَ عَلَى طُهْرٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَضَى عَلَى الْمَشْهُورِ) الَّذِي فِي الشَّرْحَيْنِ، وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَأَشْعَرَتْ بِهِ عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ حِكَايَةَ طَرِيقَيْنِ أَظْهَرُهُمَا الْقَطْعُ بِالْوُجُوبِ. وَالثَّانِي عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْوَضْعِ عَلَى الطُّهْرِ لِلضَّرُورَةِ بِخِلَافِ الْخُفِّ، فَكَانَ يَنْبَغِي التَّعْبِيرُ بِالْمَذْهَبِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَابْنُ الْوَكِيلِ إلَخْ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّ كَلَامَهُ هَذَا فِي الْمَوْضُوعَةِ عَلَى حَدَثٍ.
[بَابُ الْحَيْضِ]
نَقَلَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْحَيْضَ أَوَّلُ وُقُوعِهِ فِي بَنِي إسْرَائِيلَ انْتَهَى، وَقِيلَ: بَلْ وَقَعَ لِأُمِّنَا حَوَّاءَ عِنْدَ قَطْعِ