كَغَيْرِهِ، وَعُورِضَ بِأَنَّ عَدَمَ الْقَضَاءِ رُخْصَةٌ فَلَا تُنَاطُ بِسَفَرِ الْمَعْصِيَةِ، وَفِي وَجْهٍ لَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ فَلْيَتُبْ لِيَصِحَّ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْقَضَاءِ فِي الْإِقَامَةِ وَعَدَمِهِ فِي السَّفَرِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، فَلَوْ أَقَامَ فِي مَفَازَةٍ وَطَالَتْ إقَامَتُهُ وَصَلَاتُهُ بِالتَّيَمُّمِ فَلَا قَضَاءَ، وَلَوْ دَخَلَ الْمُسَافِرُ فِي طَرِيقِهِ قَرْيَةً وَعَدِمَ الْمَاءَ وَصَلَّى بِالتَّيَمُّمِ وَجَبَ الْقَضَاءُ فِي الْأَصَحِّ.

(وَمَنْ تَيَمَّمَ لِبَرْدٍ قَضَى فِي الْأَظْهَرِ) لِنُدُورِ فَقْدِ مَا يُسَخِّنُ بِهِ الْمَاءَ، وَالثَّانِي لَا يَقْضِي مُطْلَقًا، وَيُوَافِقُهُ الْمُخْتَارُ السَّابِقُ. وَالثَّالِثُ يَقْضِي الْحَاضِرُ دُونَ الْمُسَافِرِ (أَوْ) تَيَمَّمَ (لِمَرَضٍ يَمْنَعُ الْمَاءَ مُطْلَقًا) أَيْ فِي جَمِيعِ أَعْضَاءِ الطَّهَارَةِ (أَوْ فِي عُضْوٍ وَلَا سَاتِرَ) بِذَلِكَ مِنْ جَبِيرَةٍ فَأَكْثَرَ مَثَلًا (فَلَا) يَقْضِي لِعُمُومِ الْمَرَضِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ بِجُرْحِهِ دَمٌ كَثِيرٌ) فَيَقْضِي لِعَدَمِ الْعَفْوِ عَنْ الْكَثِيرِ فِيمَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ كَمَا سَيَأْتِي فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ، وَزَادَ الْمُصَنِّفُ لَفْظَةَ كَثِيرٍ.

وَقَالَ فِي الدَّقَائِقِ: لَا بُدَّ مِنْهَا، أَيْ فِي مُرَادِ الرَّافِعِيِّ لِلْعَفْوِ عَنْ الْقَلِيلِ فِي مَحَلِّهِ، وَمَا سَيَأْتِي لَهُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ مِنْ تَشْبِيهِهِ بِدَمِ الْأَجْنَبِيِّ، فَلَا يُعْفَى عَنْهُ فِي الْأَصَحِّ مَحْمُولٌ بِقَرِينَةِ التَّشْبِيهِ عَلَى الْمُنْتَقِلِ عَنْ مَحَلِّهِ، وَرَجَّحَ الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ الْعَفْوَ عَنْ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ. (وَإِنْ كَانَ) بِالْأَعْضَاءِ أَوْ بَعْضِهَا (سَاتِرٌ) كَجَبِيرَةٍ فَأَكْثَرَ (لَمْ يَقْضِ فِي الْأَظْهَرِ إنْ وَضَعَ) السَّاتِرَ (عَلَى طُهْرٍ) لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ وَقَدْ مَسَحَهُ بِالْمَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ وُجُوبُهُ شَبِيهٌ بِالْخُفِّ، وَمَاسِحُهُ لَا يَقْضِي.

وَالثَّانِي يَقُولُ: مَسَحَهُ لِلْعُذْرِ وَهُوَ نَادِرٌ غَيْرُ دَائِمٍ. (فَإِنْ وَضَعَ) السَّاتِرَ (عَلَى حَدَثٍ وَجَبَ نَزْعُهُ) إنْ أَمْكَنَ بِأَنْ لَا يَخَافَ مِنْهُ ضَرَرًا كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لِيَتَطَهَّرَ فَيَضَعَهُ عَلَى طُهْرٍ فَلَا يَقْضِي كَمَا تَقَدَّمَ. (فَإِنْ تَعَذَّرَ) نَزْعُهُ لِخَوْفِ مَحْذُورٍ مِمَّا

ـــــــــــــــــــــــــــــSشَأْنِهَا الْفَقْدُ، فَلَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ الْفَقْدِ الْحِسِّيِّ وَالشَّرْعِيِّ وَالْعَاصِي بِهَا وَغَيْرِهِ.

قَوْلُهُ: (بِأَنَّ عَدَمَ الْقَضَاءِ رُخْصَةٌ) . قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ التَّيَمُّمَ عَزِيمَةٌ، وَيَدُلُّ لَهُ تَعْلِيلُ الْمُقَابِلِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ، وَلَعَلَّ سُكُوتَ الشَّارِحِ عَنْهُ لِذَلِكَ، وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: (أَوْ الْمَرَضِ) وَلَوْ فِي مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ، وَكَالْمَرَضِ حَيْلُولَةُ نَحْوِ سَبُعٍ أَوْ خَوْفُ رَاكِبِ سَفِينَةٍ فِي الْبَحْرِ مِنْ الْوُقُوعِ فِيهِ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لِعَدَمِ الْعَفْوِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ التَّيَمُّمَ بَاطِلٌ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ مَعَ النَّجَاسَةِ كَمَا مَرَّ. فَالْقَضَاءُ لِبُطْلَانِهِ لَا لِلدَّمِ، وَحَمَلَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ عَلَى دَمٍ طَرَأَ بَعْدَ التَّيَمُّمِ أَوْ عَلَى أَنَّ فِي مَفْهُومِ الْكَثِيرِ تَفْصِيلًا وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يُفِيدُ صِحَّةَ التَّيَمُّمِ، بَلْ عَدَمُ الْعَفْوِ صَرِيحٌ فِي بُطْلَانِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَرَجَّحَ الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ) أَيْ فَيَأْتِي مِثْلُهُ هُنَا وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِالْأَعْضَاءِ) أَيْ غَيْرِ أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ. كَمَا سَيَذْكُرُهُ وَأَخْذُ السَّاتِرِ بِقَدْرِ الِاسْتِمْسَاكِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (عَلَى طُهْرٍ) أَيْ مِنْ الْحَدَثَيْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَلَا يَكْفِي طُهْرُ عُضْوِ السَّاتِرِ. مَثَلًا خِلَافًا لِلسَّنْبَاطِيِّ تَبَعًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (عَلَى حَدَثٍ) أَيْ أَوْ عَلَى طُهْرٍ مِنْ حَيْثُ وُجُوبُ النَّزْعِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَعَذَّرَ) أَيْ فِي الْوَضْعِ عَلَى الْحَدَثِ. قَوْلُهُ: (لِنَقْصِ الْبَدَلِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ سَاتِرٌ، وَلَكِنْ

ـــــــــــــــــــــــــــــQيَشْمَلُ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ فَيَتَكَلَّفُ الشَّخْصُ التَّوَجُّهَ إلَى الْقَبْرِ لِيُعِيدَ الصَّلَاةَ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ بَعْدَ أَنْ صَلَّى عَلَيْهَا بِالتَّيَمُّمِ، وَيَحْتَمِلُ خِلَافُهُ لِلْمَشَقَّةِ. نَعَمْ نَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ ابْنُ خَيْرَانِ أَنَّ الْمُقِيمَ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ بِالتَّيَمُّمِ عَلَى الْجِنَازَةِ.

(تَنْبِيهٌ) لَوْ يَمَّمَ الْمَيِّتَ وَصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ وَجَبَ غُسْلُهُ لِأَنَّهُ خَاتِمَةُ أَمْرِهِ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ، وَلَكِنْ نَازَعَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْخَادِمِ، وَحَمَلَهُ عَلَى الْحَضَرِ.

قَوْلُ الشَّارِحِ: (الْمُتَيَمِّمُ لِفَقْدِهِ) وَلَوْ لِظَمَأٍ أَوْ سَبُعٍ أَوْ آلَةِ الِاسْتِقَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِوُجُوبِ تَيَمُّمِهِ) أَيْ وَإِذَا وَجَبَ صَارَ عَزِيمَةً لَا رُخْصَةً ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَعَلَّلَهُ الْإِمَامُ بِأَنَّهُ لَمَّا لَزِمَ فِعْلُهُ خَرَجَ عَنْ مُضَاهَاةِ الرُّخَصِ الْمَحْضَةِ، ثُمَّ مَحَلُّ هَذَا إذَا كَانَ الْفَقْدُ حِسِّيًّا، فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ مَوْجُودًا وَأَرَادَ التَّيَمُّمَ لِمَرَضٍ أَوْ عَطَشٍ أَوْ نَحْوِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ، ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَنُقِلَ عَنْ جَمَاعَةٍ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ، ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْقَضَاءِ فِي الْإِقَامَةِ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ الْعِبْرَةُ بِمَحَلِّ التَّيَمُّمِ أَوْ الصَّلَاةِ الَّذِي فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الْأَوَّلُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَجَبَ الْقَضَاءُ فِي الْأَصَحِّ) أَيْ وَإِنْ كَانَ حُكْمُ السَّفَرِ نَافِيًا.

قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالثَّالِثُ يَقْضِي الْحَاضِرُ دُونَ الْمُسَافِرِ) يَدُلُّ لَهُ قَضِيَّةُ عَمْرٍو إذْ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِالْقَضَاءِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي وَتَأْخِيرُ الْبَيَانِ جَائِزٌ.

قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِعُمُومِ الْمَرَضِ) أَيْ فَكَانَ مُسْقِطًا لِلْمَشَقَّةِ كَمَا أَنَّ الْحَيْضَ لِعُمُومِهِ أَسْقَطَ الْقَضَاءَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَمَا سَيَأْتِي لَهُ) أَيْ لِلرَّافِعِيِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى طُهْرٍ) هَلْ الْمُرَادُ طُهْرٌ كَامِلٌ أَوْ طُهْرُ ذَلِكَ الْعُضْوِ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَالْخُفِّ نَعَمْ بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ الْمُحْدِثَ حَدَثًا أَصْغَرَ لَوْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015