وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تُفَصِّلَ، فَتَقُولَ: زَوَّجَنِي مِنْهُ وَلِيٌّ بِحُضُورِ عَدْلَيْنِ، وَرِضَايَ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا
، (وَلِلْأَبِ تَزْوِيجُ الْبِكْرِ صَغِيرَةً، وَكَبِيرَةً بِغَيْرِ إذْنِهَا) لِكَمَالِ شَفَقَتِهِ، (وَيُسْتَحَبُّ اسْتِئْذَانُهَا) أَيْ الْكَبِيرَةِ تَطْيِيبًا لِخَاطِرِهَا، (وَلَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُ ثَيِّبٍ إلَّا بِإِذْنِهَا فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَمْ تُزَوَّجْ حَتَّى تَبْلُغَ) ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَةَ لَا إذْنَ لَهَا (وَالْجَدُّ كَالْأَبِ عِنْدَ عَدَمِهِ) فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ، (وَسَوَاءٌ) ، فِيمَا ذُكِرَ فِي الثَّيِّبِ (زَالَتْ الْبَكَارَةُ بِوَطْءٍ حَلَالٍ أَوْ حَرَامٍ) كَالزِّنَا (وَلَا أَثَرَ لِزَوَالِهَا بِلَا وَطْءٍ كَسَقْطَةٍ) وَأُصْبُعٍ وَحِدَةِ حَيْضٍ، (فِي الْأَصَحِّ) فَهِيَ فِي ذَلِكَ كَالْبِكْرِ لِبَقَائِهَا عَلَى حَيَائِهَا حَيْثُ لَمْ تُمَارِسْ أَحَدًا مِنْ الرِّجَالِ، وَالثَّانِي أَنَّهَا كَالثَّيِّبِ فِيمَا ذُكِرَ فِيهَا لِزَوَالِ الْعُذْرَةِ، وَالْمَوْطُوءَةُ فِي الدُّبُرِ كَالْبِكْرِ فِي الْأَصَحِّ، (وَمَنْ عَلَى حَاشِيَةِ النَّسَبِ كَأَخٍ وَعَمٍّ) ، وَابْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا (لَا يُزَوِّجُ صَغِيرَةً بِحَالٍ) ، أَيْ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُزَوِّجُ بِالْإِذْنِ، وَلَا إذْنَ لِلصَّغِيرَةِ، (وَتَزْوِيجُ الثَّيِّبِ الْبَالِغَةِ بِصَرِيحِ الْإِذْنِ) لِلْأَبِ أَوْ غَيْرِهِ، (وَيَكْفِي فِي الْبِكْرِ) الْبَالِغَةِ إذَا اُسْتُؤْذِنَتْ (سُكُوتُهَا فِي الْأَصَحِّ) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «وَإِذْنُهَا سُكُوتُهَا» ، وَالثَّانِي لَا يَكْفِي لِمَنْ عَلَى حَاشِيَةِ النَّسَبِ كَالثَّيِّبِ، (وَالْمُعْتِقُ) وَعَصَبَتُهُ (وَالسُّلْطَانُ كَالْأَخِ) فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ
، (وَأَحَقُّ الْأَوْلِيَاءِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: (لَمْ تُزَوَّجْ) خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ. قَوْلُهُ: (وَالْجَدُّ إنْ عَلَا) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ كَالْأَبِ إلَّا فِي جَوَازِ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ فِي الْجَدِّ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (عِنْدَ عَدَمِهِ) أَيْ عَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ. قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ زَالَتْ الْبَكَارَةُ إلَخْ) فَالْغَوْرَاءُ بِكْرٌ مُطْلَقًا وَمِثْلُهَا مَنْ خُلِقَتْ بِغَيْرِ بَكَارَةٍ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ تَعَدَّدَ الْفَرْجُ لَمْ يَزُلْ الْإِجْبَارُ بِالْوَطْءِ فِي الزَّائِدِ يَقِينًا، وَلَا فِي أَحَدِ الْمُشْتَبَهَيْنِ لِلشَّكِّ فِي زَوَالِ الْوِلَايَةِ وَيَزُولُ بِالْوَطْءِ فِي أَحَدِ الْأَصْلِيَّيْنِ، فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَيُتَّجَهُ فِي تَزْوِيجِهَا فِي الثَّالِثَةِ اعْتِبَارُ مَهْرِ بِكْرٍ نَظَرًا لِلْأَصْلِيِّ الْآخَرَ، وَوُجُوبُ مَهْرِ بِكْرٍ بِالْوَطْءِ فِيهِ بَلْ مَعَ أَرْشِ بَكَارَةٍ وَيُتَّجَهُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمُشْتَبَهَيْنِ وَاعْتِبَارُ إذْنِهَا احْتِيَاطٌ نَعَمْ لَا حَدَّ هُنَا بِوَطْئِهَا لِلشُّبْهَةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بِوَطْءٍ حَلَالٍ أَوْ حَرَامٍ) وَكَذَا وَطْءُ الشُّبْهَةِ وَالنَّائِمَةِ وَقَدْ يَدْخُلَانِ فِي الْحَلَالِ عَلَى أَنْ يُرَادَ بِهِ مَا عَدَا الْحَرَامَ. قَوْلُهُ: (فَهِيَ فِي ذَلِكَ كَالْبِكْرِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ بَقَاءُ الْإِجْبَارِ وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ بِوَطْئِهَا مَهْرُ ثَيِّبٍ وَمِثْلُهَا الْغَوْرَاءُ. قَوْلُهُ: (تُمَارِسُ إلَخْ) هُوَ لِلْأَغْلَبِ وَإِلَّا فَنَحْوُ الْقِرْدِ كَالرَّجُلِ وَمُمَارَسَةُ الْغَوْرَاءِ كَعَدَمِهَا.
تَنْبِيهٌ: تُصَدَّقُ الْمَرْأَةُ فِي دَعْوَى بَكَارَتِهَا بِلَا يَمِينٍ وَكَذَا فِي ثُيُوبَتِهَا إلَّا إنْ ادَّعَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ أَنَّهَا كَانَتْ ثَيِّبًا قَبْلَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهَا وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ يُصَدَّقُ الْوَلِيُّ بِيَمِينِهِ هُنَا لِئَلَّا يَلْزَمَ بُطْلَانُ الْعَقْدِ، وَلَا تُسْأَلُ عَنْ سَبَبِ زَوَالِ بَكَارَتِهَا، وَلَوْ أَقَامَ الْوَلِيُّ بَيِّنَةً بِبَكَارَتِهَا قَبْلَ الْعَقْدِ لِإِجْبَارِهَا قُبِلَتْ، وَلَوْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً بَعْدَ الْعَقْدِ أَنَّهَا كَانَتْ قَبْلَهُ ثَيِّبًا لَمْ يَبْطُلْ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (وَالْمَوْطُوءَةُ فِي الدُّبُرِ كَالْبِكْرِ) وَإِنْ زَالَتْ بَكَارَتُهَا بِهِ، وَهَذَا تَقْيِيدٌ لِلْوَطْءِ الْحَرَامِ السَّابِقِ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ أَفْضَاهَا بِالْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ فَإِنْ لَمْ تَزُلْ الْبَكَارَةُ أَوْ لَمْ تُوجَدْ صُورَةُ وَطْءٍ فِي الْقُبُلِ فَهِيَ كَالْبِكْرِ أَيْضًا، وَإِلَّا فَهِيَ كَالثَّيِّبِ وَهَذَا مَا ظَهَرَ فَلْيُرَاجَعْ قَوْلُهُ: (وَمِنْ عَلَى حَاشِيَةِ النَّسَبِ) ، أَيْ فِيهَا لَا يُزَوِّجُ مَجْنُونَةً وَلَوْ كَبِيرَةً وَلَا صَغِيرَةً وَلَوْ بِكْرًا عَاقِلَةً. قَوْلُهُ: (الثَّيِّبُ الْبَالِغَةُ) الْعَاقِلَةُ وَلَوْ سَفِيهَةً أَوْ سَكْرَى بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا. قَوْلُهُ: (بِصَرِيحِ الْإِذْنِ) أَيْ بِالنُّطْقِ بِهِ مِنْ النَّاطِقَةِ وَبِالْإِشَارَةِ أَوْ الْكِتَابَةِ مِنْ غَيْرِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْمَجْنُونَةِ فَلَا يُزَوِّجُهَا مُطْلَقًا، وَمِنْ صَرِيحِ النُّطْقِ قَوْلُهَا: رَضِيت بِمَا يَفْعَلُهُ أَبِي أَوْ أُمِّي أَوْ أَخِي أَوْ عَمِّي، أَوْ رَضِيت بِمَا يَرْضُونَهُ أَوْ رَضِيت أَنْ أُزَوَّجَ أَوْ رَضِيت فُلَانًا زَوْجًا، وَأَمَّا إنْ رَضِيَ أَبِي مَثَلًا فَقَدْ رَضِيت فَلَيْسَ إذْنًا. قَوْلُهُ: (إذَا اُسْتُؤْذِنَتْ) أَيْ فِي النِّكَاحِ أَمَّا غَيْرُهُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْمَهْرِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِإِذْنِهَا قَبْلَ اسْتِئْذَانِهَا، وَلَوْ رَجَعَتْ قَبْلَ عَقْدِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ بِرُجُوعِهَا وَأَفْتَى شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِصِحَّةِ الْإِذْنِ مِنْ الْمُزَوَّجَةِ إذَا أَذِنَتْ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُزَوِّجَهَا إذَا طَلُقَتْ بِخِلَافِ، إذْنِ الْوَلِيِّ لِوَكِيلٍ فِي تَزْوِيجِ الْبِكْرِ إذَا طَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْجَدُّ كَالْأَبِ) . وَهَلْ أُلْحِقَ بِهِ قِيَاسًا أَوْ الِاسْمُ شَامِلٌ لَهُ وَجْهَانِ فِي الْحَاوِي وَالْبَحْرِ وَأَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ عِنْدَ عَدَمِهِ أَوْ عَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ وُلِدَ لَهُ بِنْتٌ فِي كَمَالِ التَّاسِعَةِ، فَإِنَّهَا تَلْحَقُ بِهِ وَلَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ بِخِلَافِ النَّسَبِ اهـ.
وَنَبَّهَ أَيْضًا أَنَّ الْجَدَّ قَدْ يَزِيدُ عَلَى الْأَبِ كَمَا فِي تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ الْآتِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِوَطْءٍ حَلَالٍ أَوْ حَرَامٍ) يَرِدُ عَلَيْهِ وَطْءُ الشُّبْهَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوصَفُ بِحِلٍّ وَلَا حُرْمَةٍ قَوْلُهُ: (وَلَا أَثَرَ إلَخْ) . الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ هُنَا مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْإِجْبَارِ وَكَذَا الِاكْتِفَاءُ بِالصَّمْتِ، وَأَمَّا لَوْ وَطِئَهَا إنْسَانٌ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَهْرُ ثَيِّبٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِصَرِيحِ الْإِذْنِ) أَيْ وَلَوْ بِلَفْظِ التَّوْكِيلِ. قَوْلُهُ: (لِمَنْ فِي حَاشِيَةِ النَّسَبِ) أَفَادَ بِهَذَا أَنَّهُ كَافٍ فِي حَقِّ الْآبَاءِ وَهُوَ قَطْعًا وَهُوَ كَذَلِكَ لِمَزِيدِ الْحَيَاءِ فِي حَقِّهِمْ ثُمَّ السُّكُوتُ كَافٍ وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ كَافٍ خِلَافًا لِابْنِ الْمُنْذِرِ، وَسَيَأْتِي فِي الْقَضَاءِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْحُكْمِ بِالنُّكُولِ تَقَدُّمُ إعْلَامِ النَّاكِلِ بِمُوجِبِ نُكُولِهِ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ غَيْرَ كُفْءٍ كَفَى السُّكُوتُ أَيْضًا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا عُلِمَتْ حَالُهُ وَنَبَّهَ أَيْضًا عَلَى أَنَّ السُّكُوتَ كَافٍ فِي إذْنِهَا لِلْحُكْمِ حَيْثُ جَوَّزْنَاهُ.