مُقَابِلُهُ، (فَإِنْ طَالَ الذِّكْرُ الْفَاصِلُ) بَيْنَهُمَا (لَمْ يَصِحَّ) ، النِّكَاحُ قَطْعًا، قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إذَا كَانَ الذِّكْرُ مُقَدَّمَةَ الْقَبُولِ، فَلَا يَضُرُّ إطَالَتُهُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُشْعِرُ بِالْإِعْرَاضِ.
فَصْلٌ مَا يَصِحُّ النِّكَاحُ بِإِيجَابٍ وَهُوَ زَوَّجْتُك، أَوْ أَنْكَحْتُك إلَى آخِرِهِ، (وَقَبُولٍ بِأَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ: تَزَوَّجْت أَوْ نَكَحْت) إلَى آخِرِهِ (أَوْ قَبِلْت نِكَاحَهَا أَوْ تَزْوِيجَهَا) أَوْ هَذَا النِّكَاحَ، وَالنِّكَاحُ هُنَا بِمَعْنَى الْإِنْكَاحِ لِيُوَافِقَ الْإِيجَابَ، (وَيَصِحُّ تَقْدِيمُ لَفْظِ الزَّوْجِ عَلَى) لَفْظِ (الْوَلِيِّ) ، فِي تَزَوَّجْت وَنَكَحْت وَكَذَا قَبِلْت، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي مَبْحَثِ التَّوْكِيلِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مَعَ التَّقَدُّمِ، كَالتَّأَخُّرِ (وَلَا يَصِحُّ) النِّكَاحُ (إلَّا بِلَفْظِ التَّزْوِيجِ أَوْ الْإِنْكَاحِ) ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ، وَرَدَ بِهِمَا فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهِمَا، فَلَا يَصِحُّ بِلَفْظِ الْإِبَاحَةِ أَوْ الْإِحْلَالِ (وَيَصِحُّ) ، بِمَعْنَى اللَّفْظَيْنِ (بِالْعَجَمِيَّةِ) ، وَإِنْ أَحْسَنَ الْعَاقِدُ الْعَرَبِيَّةَ (فِي الْأَصَحِّ) اعْتِبَارًا بِالْمَعْنَى، وَالثَّانِي لَا اعْتِبَارًا بِالْمَعْنَى، وَالثَّانِي لَا اعْتِبَارًا بِاللَّفْظِ الْوَارِدِ، فَمَنْ لَمْ يُحْسِنْهُ يَصْبِرْ إلَى أَنْ يَتَعَلَّمَهُ، أَوْ يُوَكِّلَ، وَالثَّالِثُ: أَحْسَنُهُ لَمْ يَصِحَّ بِغَيْرِهِ، وَإِلَّا صَحَّ لِعَجْزِهِ، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالشِّقِّ الْأَوَّلِ، وَبَعْضُهُمْ، بِالثَّانِي وَالْمُرَادُ بِالْعَجَمِيَّةِ مَا عَدَا الْعَرَبِيَّةَ، وَالْمَسْأَلَةُ فِيمَا إذَا فَهِمَ كُلٌّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ كَلَامَ الْآخَرِ فَإِنْ لَمْ يَفْهَمْهُ وَأَخْبَرَهُ ثِقَةٌ بِمَعْنَاهُ،
ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ وَمَا مَعَهَا وَهِيَ خَمْسَةٌ صِيغَةٌ وَزَوْجٌ وَزَوْجَةٌ وَشَاهِدَانِ وَوَلِيٌّ وَقَدَّمَ الصِّيغَةَ؛ لِأَنَّهَا الْأَهَمُّ، وَالسَّبَبُ فِي وَصْفِ الزَّوْجِيَّةِ ثُمَّ الشَّاهِدَانِ؛ لِأَنَّهُمَا سَبَبٌ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهِ، مَا ذُكِرَ ثُمَّ الْوَلِيُّ لِطُولِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ، وَالزَّوْجُ دَاخِلٌ فِي ضِمْنِ الصِّيغَةِ، وَالزَّوْجَةُ فِي ضِمْنِ الْوِلَايَةِ فَهُمَا مُتَقَدِّمَانِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ. قَوْلُهُ: (زَوَّجْتُك) وَكَذَا زَوَّجْت لَك أَوْ إلَيْك أَوْ زَوَّجْتُكَهُ بِتَذْكِيرِ الضَّمِيرِ، وَلَا يَضُرُّ إبْدَالُ الْجِيمِ زَايًا، وَعَكْسُهُ وَلَا إبْدَالُ الْكَافِ هَمْزَةٍ، وَلَا زِيَادَةُ هَمْزَةٍ كَأَزْوَجْتُكَ، وَلَا نَقْصُهَا فِي أَنْكَحْتُك، وَلَا فَتْحُ تَاءِ الْمُتَكَلِّمِ وَضَمُّ تَاءِ الْمُخَاطَبِ، وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ لَحْنٌ سَوَاءٌ كَانَ عَامِّيًّا أَوْ لَا سَوَاءٌ كَانَتْ لُغَتَهُ أَمْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ نَعَمْ إنْ عُرِفَ لَفْظٌ مِنْهَا مُخَالِفٌ لِلْمُرَادِ وَقَصَدَهُ لَمْ يَصِحَّ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ كَلَامُ ابْنِ حَجَرٍ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ خَالَفَ فِي بَعْضِ مَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (إلَخْ) هُوَ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي إشَارَةٌ إلَى ذِكْرِ مَا بَقِيَ مِنْ تَمَامِ الصِّيغَةِ وُجُوبًا فِيمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْعَقْدُ كَضَمِيرِ الزَّوْجَةِ أَوْ اسْمِهَا أَوْ اسْمِ إشَارَةٍ لَهَا أَوْ قَصْدِهَا، وَيَلْغَى الِاسْمَ إذَا عَارَضَهُ الْقَصْدُ أَوْ الْوَصْفُ نَحْوُ زَيْنَبَ الْكَبِيرَةِ فَإِنْ تَعَارَضَ وَصْفَانِ كَصَغِيرَةٍ طَوِيلَةٍ تَسَاقَطَا وَبَطَلَ الْعَقْدُ وَنُدِبَا فِيمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ، كَذِكْرِ الصَّدَاقِ وَالنَّفَقَةِ وَالْكُسْوَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَسَوَاءٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ الْمُتَوَسِّطُ وَغَيْرُهُ، وَلَا يَكْفِي الْإِضَافَةُ إلَى جُزْئِهَا، وَإِنْ لَمْ تَعِشْ بِدُونِهِ كَقَلْبِهَا أَوْ رَأْسِهَا أَوْ يَدِهَا نَعَمْ اعْتَمَدَ شَيْخُنَا صِحَّةَ الْبَيْعِ فِي ذَلِكَ إنْ قَصَدَ بِهِ الْجُمْلَةَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِهِ هُنَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُفَرَّقَ وَهُوَ أَقْرَبُ. قَوْلُهُ: (بِمَعْنَى الْإِنْكَاحِ) أَيْ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُرَادُ فِي عِبَارَةِ الْعَاقِدِ سَوَاءٌ عَرَفَهُ وَقَصَدَهُ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ أَتَى بِلَفْظِ الْمَصْدَرِ أَوْ لَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ حَقِيقَتَهُ الْمُرَكَّبَةَ مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ كَمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (لِيُوَافِقَ الْإِيجَابَ) بِقَوْلِهِ: أَنْكَحْتُك وَلَا يَحْتَاجُ مَعَ الْقَبُولِ بِالْمَصْدَرِ إلَى ضَمِيرٍ وَلَا غَيْرِهِ، مِمَّا تَقَدَّمَ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الشَّارِحِ اعْتِبَارُ اسْمِ الْإِشَارَةِ قَبْلَهُ لِيَرْجِعَ إلَيْهِ كَقَوْلِهِ هَذَا النِّكَاحُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا قَبِلْت) وَمِثْلُهُ رَضِيت وَأَحْبَبْت وَأَرَدْت وَنَحْوَهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا فَعَلْت بِخِلَافِ الْبَيْعِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَا يَصِحُّ بِ زَوَّجْتُ نَفْسِي بِنْتَك عَلَى لَفْظٍ بِعَيْنِهِ إلَّا ثَلَاثَةٌ: النِّكَاحُ وَالسَّلَمُ وَالْكِتَابَةُ كَمَا مَرَّ فِي السَّلَمِ وَسَوَاءٌ نَطَقَ فِي الْجَانِبَيْنِ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا مِنْ جَانِبٍ، وَبِالْآخَرِ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ، وَمِثْلُهُمَا مَا اُشْتُقَّ مِنْهُمَا، وَمِنْهُ أَنَا مُتَزَوِّجٌ أَوْ نَاكِحٌ بِنْتَك، وَخَرَجَ بِذَلِكَ لَفْظُ نَعَمْ، فَلَا يَصِحُّ بِهِ وَلَوْ مَعَ مُتَوَسِّطٍ، وَلَوْ اقْتَرَنَ بِاللَّفْظِ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْإِنْشَاءِ لَفْظًا أَوْ مَعْنًى لَمْ يَنْعَقِدْ بِهِ نَحْوَ أَتُزَوِّجُنِي بِنْتَك أَوْ زَوَّجَتْنِي بِنْتَك. قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ إخْرَاجُ غَيْرِ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ لَا تَعْيِينُ الْمَصْدَرِ الْمَلْفُوظِ بِهِ فِيهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ وَلَوْ قَالَ: فَلَا يَصِحُّ بِغَيْرِهِمَا، كَالْإِبَاحَةِ وَالْإِحْلَالِ لَكَانَ أَوْلَى فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْأَصَحِّ وَالشِّقُّ الْأَوَّلُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إنْ أَحْسَنَهُ، وَالشِّقُّ الثَّانِي رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: وَالْأَصَحُّ لِعَجْزِهِ. قَوْلُهُ: (مَا عَدَا الْعَرَبِيَّةَ) وَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ لُغَتُهُ إذَا أَحْسَنَ غَيْرَهَا. قَوْلُهُ: (إذَا فَهِمَ كُلٌّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ مَعْنَاهَا) وَكَذَا الشَّاهِدَانِ.
فَصْلٌ: إنَّمَا يَصِحُّ النِّكَاحُ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَهُوَ زَوَّجْتُك) لَوْ قَالَ زَوَّجْت لَك أَوْ إلَيْك فَهَلْ يَصِحُّ أَوْ لَا جَزَمَ الْغَزَالِيُّ فِي فَتَاوِيهِ بِالصِّحَّةِ قَالَ: لِأَنَّ الْخَطَأَ فِي الصَّلَاةِ، إذَا لَمْ يُخِلَّ بِالْمَعْنَى يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْخَطَأِ فِي الْإِعْرَابِ بِالتَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ، وَلَوْ قَالَ زَوَّجْتُكَهُ وَأَشَارَ إلَى ابْنَتِهِ صَحَّ اهـ.