كَالْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا وَالْمُفَارَقَةِ بِلِعَانٍ أَوْ رَضَاعٍ فَكَالْمُعْتَدَّةِ عَنْ وَفَاةٍ، وَقِيلَ فِيهَا الْخِلَافُ وَالتَّصْرِيحُ نَحْوُ أُرِيدُ أَنْ أَنْكِحَك أَوْ إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُك نَكَحْتُك، وَالتَّعْرِيضُ نَحْوُ مَنْ يَجِدُ مِثْلَ، أَوْ إذَا حَلَلْت فَآذِنِينِي، وَحُكْمُ جَوَابِ الْمَرْأَةِ تَصْرِيحًا وَتَعْرِيضًا حُكْمُ الْخِطْبَةِ

، (وَتَحْرُمُ خِطْبَةٌ عَلَى خِطْبَةِ مَنْ صَرَّحَ بِإِجَابَتِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ) أَوْ بِتَرْكٍ لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ «لَا يَبِعْ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلَا يَخْطُبْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ حَتَّى يَذَرَ» ، وَلَوْ صَرَّحَ بِرَدِّهِ حَلَّتْ (فَإِنْ لَمْ يَجِبْ وَلَمْ يُرِدْ) أَيْ لَمْ يُصَرِّحْ بِإِجَابَةٍ، وَلَا رَدٍّ بِأَنْ سَكَتَ عَنْهُمَا، أَوْ ذَكَرَ، مَا يُشْعِرُ بِالرِّضَا نَحْوَ لَا رَغْبَةَ عَنْك، (لَمْ تَحْرُمْ فِي الْأَظْهَرِ) وَقَطَعَ بِهِ فِي السُّكُوتِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُبْطِنُ شَيْئًا مُقَرَّرًا، وَالثَّانِي تَحْرُمُ لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ وَتُعْتَبَرُ الْإِجَابَةُ وَالرَّدُّ لَاغِيَةَ الْإِذْنِ مِنْ الْوَلِيِّ، وَفِي مُعْتَبَرَتِهِ مِنْهَا، وَفِي الرَّقِيقَةِ مِنْ السَّيِّدِ، وَتَجُوزُ خِطْبَةُ مَنْ لَمْ يَدْرِ أَخُطِبَتْ أَمْ لَا، وَمَنْ لَمْ يَدْرِ أُجِيبَ خَاطِبُهَا أَمْ رُدَّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ، وَسَوَاءٌ فِيمَا ذُكِرَ الْخَاطِبُ الْمُسْلِمُ، وَالذِّمِّيُّ فِي الذِّمِّيَّةِ، وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَقِيلَ: هُوَ فِي الْمُسْلِمِ فَقَطْ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ

: (مَنْ اُسْتُشِيرَ فِي خَاطِبٍ ذَكَرَ مَسَاوِئَهُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ عُيُوبَهُ (بِصِدْقٍ) لِيُحْذَرَ بَذْلًا لِلنَّصِيحَةِ، وَسُمِّيَتْ عُيُوبُ الْإِنْسَانِ مَسَاوِئَ؛ لِأَنَّ ذِكْرَهَا يَسُوءُهُ، فَالْيَاءُ بَدَلٌ مِنْ الْهَمْزَةِ وَقِيَاسُ الْمُفْرَدِ مَسْوَأٌ كَمَسْكَنٍ، وَاسْتَغْنَى عَنْهُ بِسُوءٍ، كَمَا فِي حَسَنٍ وَمَحَاسِنَ

، (وَيُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ خُطْبَةٍ) بِضَمِّ الْخَاءِ (قَبْلَ الْخِطْبَةِ) بِكَسْرِهَا (وَ) أُخْرَى (قَبْلَ الْعَقْدِ) لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ، فَهُوَ أَقْطَعُ» أَيْ مِنْ الْبَرَكَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ كُلُّ كَلَامٍ، فَيَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى الْخَاطِبُ وَيُصَلِّي

ـــــــــــــــــــــــــــــSمَثَلًا. قَوْلُهُ: (وَالتَّعْرِيضُ) وَهُوَ مَا احْتَمَلَ إرَادَةَ النِّكَاحِ وَغَيْرَهُ فَهُوَ مِنْ الْكِنَايَةِ، وَكَوْنُ الْكِنَايَةِ أَبْلَغَ مِنْ الصَّرِيحِ فِي عِلْمِ الْبَيَانِ لَا يُنَافِي ذَلِكَ، وَمِنْهُ أَنَا رَاغِبٌ فِيك أَوْ رُبَّ رَاغِبٍ فِيك، إنَّ اللَّهَ سَائِقٌ إلَيْك خَيْرًا. قَوْلُهُ: (فَآذِنِينِي) هُوَ بِالْمَدِّ أَيْ أَعْلِمِينِي. قَوْلُهُ: (وَحُكْمُ جَوَابِ الْمَرْأَةِ) أَيْ الْجَوَابِ مِنْ جِهَتِهَا، وَلَوْ قَالَ: وَحُكْمُ جَوَابِ الْخِطْبَةِ لَكَانَ أَوْلَى وَأَعَمَّ. قَوْلُهُ: (حُكْمُ الْخِطْبَةِ) أَيْ مِنْ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ وَالتَّعْرِيضِ وَالتَّصْرِيحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (وَتَحْرُمُ خِطْبَةٌ إلَخْ) وَكَذَا تَحْرُمُ خِطْبَةُ امْرَأَةٍ لِرَجُلٍ مَعَهُ أَرْبَعٌ، أَوْ لَمْ يَرُدَّ غَيْرَ مَنْ مَعَهُ أَوْ غَيْرَ مَنْ خَطَبَهَا. قَوْلُهُ: (عَلَى خِطْبَةٍ) أَيْ جَائِزَةٍ وَعَلِمَ الثَّانِي بِهَا بِجَوَازِهَا. قَوْلُهُ: (مَنْ صَرَّحَ بِإِجَابَتِهِ) مِمَّنْ يُعْتَبَرُ إجَابَتُهُ كَمَا يَأْتِي وَلَوْ فِي زَائِدَةٍ عَلَى الْأَرْبَعِ فَلَوْ خَطَبَ خَمْسًا حَرُمَ خِطْبَةُ غَيْرِهِ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حَتَّى يَنْكِحَ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ إجَابَتُهُ كَمَا يَأْتِي وَلَوْ فِي زَائِدَةٍ عَلَى الْأَرْبَعِ فَلَوْ خَطَبَ خَمْسًا حَرُمَ خِطْبَةُ غَيْرِهِ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حَتَّى يَنْكِحَ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ وَكَذَا نَحْوُ أُخْتَيْنِ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِإِذْنِهِ) أَيْ الْخَاطِبِ لَا مَعَ قَرِينَةٍ نَحْوُ تَهَكُّمٍ. قَوْلُهُ: (أَوْ بِتَرْكٍ) هُوَ بِلَفْظِ الْمَصْدَرِ الْمَجْرُورِ بِالْمُوَحَّدَةِ عَطْفًا عَلَى إذْنِهِ وَلَمْ يُضِفْهُ لِلضَّمِيرِ لِيَشْمَلَ تَرْكَ الْوَلِيِّ مَثَلًا وَسَوَاءٌ التَّرْكُ بِالصَّرِيحِ أَوْ بِالْقَرِينَةِ كَعَدَمِ إنْفَاقِهِ فِي الْمَوَاسِمِ وَعَدَمِ قَبُولِ مَا يُرْسِلُهُ إلَيْهَا، قَالَ شَيْخُنَا: وَمِنْهُ إجَابَةُ الْوَلِيِّ مَثَلًا لِلْخَاطِبِ الثَّانِي فَهِيَ إعْرَاضٌ عَنْ الْأَوَّلِ إنْ حَرُمَتْ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَمْ يُوَافِقْ عَلَيْهِ بَعْضُ مَشَايِخِنَا.

فَرْعٌ: قَالَ فِي الْبَحْرِ: لَوْ قَالَتْ لِوَلِيِّهَا: زَوِّجْنِي مِمَّنْ شِئْت جَازَ لِكُلِّ أَحَدٍ خِطْبَتُهَا، وَلَوْ عَلَى خِطْبَةِ غَيْرِهِ اهـ.

وَفِيهِ نَظَرٌ وَقِيَاسُ بَعْضِهِمْ لَهُ عَلَى سِلْعَةٍ يُطَافُ بِهَا عَلَى مَنْ يَشْتَرِي مَمْنُوعٌ لِمَ لَا يَخْفَى مَعَ أَنَّ إجَابَةَ الْخَاطِبِ هُنَا كَاسْتِقْرَارِ الثَّمَنِ فِي السِّلْعَةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لَا يَبِعْ) بِحَذْفِ التَّحْتِيَّةِ لِأَجْلِ النَّهْي. قَوْلُهُ: (وَفِي رِوَايَةٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا لِمُسْلِمٍ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (حَتَّى يَذَرَ) أَيْ يَتْرُكَ فَهُوَ دَلِيلٌ لِمَا زَادَهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ لَمْ يُصَرِّحْ) هُوَ حَمْلٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْمُفْهِمِ لِخِلَافِهِ أَخْذًا مِمَّا قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (وَقَطَعَ بِهِ فِي السُّكُوتِ) فَفِيهِ طَرِيقَانِ فَذِكْرُ الْأَظْهَرِ فِيهِ تَغْلِيبٌ. قَوْلُهُ: (فِي لَاغِيَةِ الْإِذْنِ) وَمِنْهَا ثَيِّبٌ صَغِيرَةٌ، وَصَغِيرَةٌ بِكْرٌ بِلَا مُجْبِرٍ لِمَا مَرَّ مِنْ حِلِّ خِطْبَتِهَا، وَتَحْرُمُ الْخِطْبَةُ بَعْدَهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْوَلِيِّ) أَيْ الْخَاصِّ أَوْ الْعَامِّ كَالسُّلْطَانِ فِي الْمَجْنُونَةِ الْبَالِغَةِ عِنْدَ فَقْدِ الْخَاصِّ، وَالْمُعْتَبَرُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ مَنْ فِي مَحَلِّ أَنْ يُزَوِّجَ، وَإِنْ تَوَقَّفَ تَزْوِيجُهُ عَلَى زَوَالِ مَانِعٍ كَمَا مَرَّ فِي الثَّيِّبِ الصَّغِيرَةِ، فَلَا يُعْتَبَرُ الْوَلِيُّ الْبَعِيدُ مَعَ وُجُودِ الْوَلِيِّ الْقَرِيبِ كَالْعَمِّ مَعَ الْأَبِ. قَوْلُهُ: (وَفِي مُعْتَبَرَتِهِ) أَيْ الْإِذْنِ بِأَنْ يَتَوَقَّفَ صِحَّةُ نِكَاحِهَا عَلَى إذْنِهَا. قَوْلُهُ: (مِنْهَا) وَحْدَهَا إنْ كَانَ الْخَاطِبُ كُفُؤًا وَإِلَّا فَمَعَ الْوَلِيِّ. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّقِيقَةِ) أَيْ غَيْرِ الْمُكَاتَبَةِ كِتَابَةً صَحِيحَةً وَغَيْرِ الْمُبَعَّضَةِ. قَوْلُهُ: (مِنْ السَّيِّدِ) أَيْ وَحْدَهُ وَمِنْهُ مَعَهَا فِي الْمُكَاتَبَةِ، وَمِنْهُ مَعَهَا، وَمَعَ الْوَلِيِّ فِي الْمُبَعَّضَةِ إنْ كَانَ الْخَاطِبُ غَيْرَ كُفْءٍ، وَإِلَّا فَمَعَهَا فَقَطْ إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ، وَإِلَّا فَمَعَ الْوَلِيِّ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (وَتَجُوزُ إلَخْ) اقْتِصَارُ الشَّارِحِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَالضَّابِطُ أَنْ يُقَالَ تَجُوزُ الْخِطْبَةِ الثَّانِيَةُ إذَا كَانَتْ الْأُولَى غَيْرَ جَائِزَةٍ، أَوْ جَائِزَةٍ وَلَمْ تُوجَدْ الْإِجَابَةُ فِيهَا، أَوْ وُجِدَتْ بِغَيْرِ الصَّرِيحِ أَوْ بِهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ الثَّانِي، أَوْ عَلِمَ بِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْإِجَابَةِ فِيهَا أَوْ عَلِمَ بِهَا، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا بِالصَّرِيحِ، أَوْ عَلِمَ أَنَّهَا بِهِ وَجَهِلَ الْحُرْمَةَ أَوْ عَلِمَ بِهَا وَحَصَلَ إعْرَاضٌ. قَوْلُهُ: (جَرَى عَلَى الْغَالِبِ) أَيْ ذِكْرِ الْأَخِ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي هُوَ الْمُسْلِمُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ اُسْتُشِيرَ) لَيْسَ قَيْدًا بَلْ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ اسْتِشَارَةٌ. قَوْلُهُ: (فِي خَاطِبٍ) غَيْرِ قَيْدٍ بَلْ كَانَ كُلُّ مَنْ أُرِيدَ الِاجْتِمَاعُ عَلَيْهِ، وَلَوْلَا أَخْذُ عِلْمٍ أَوْ صِنَاعَةٍ أَوْ مُعَاشَرَةٍ، وَلَوْ كَانَ هُوَ الْمُسْتَشَارَ، أَوْ الَّذِي يُرَادُ الِاجْتِمَاعُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (ذَكَرَ) أَيْ وُجُوبًا لَكِنْ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ بِأَنْ يَأْمَنَ الذَّاكِرُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَعِرْضِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (مَسَاوِئَهُ) أَيْ مَسَاوِئَ مَنْ أُرِيدَ الِاجْتِمَاعُ عَلَيْهِ الْمُتَعَلِّقَةُ بِمَا لِأَجْلِهِ الِاجْتِمَاعُ فَيَذْكُرُ لِمَنْ أَرَادَ النِّكَاحَ الْمَسَاوِئَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالنِّكَاحِ دُونَ الْبَيْعِ مَثَلًا، وَهَكَذَا، وَيَجِبُ تَقْدِيمُ الْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ نَحْوُ لَا يَصْلُحُ. أَوْ لَا أَصْلَحُ فَإِنْ تَوَقَّفَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ تَحِلَّ لَهُ إلَخْ) يُرِيدُ أَنَّ فِيهَا طَرِيقَةً قَاطِعَةً حَاكِيَةً لِلْخِلَافِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يُمَيِّزَ ذَلِكَ وَيُمِرَّ فِيهِ بِالْمَذْهَبِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015