أخرجوهما فإذا أخرجا فقال لهما لأي شيء اشتد صياحكما قال فعلنا ذلك لترحمنا قال رحمتي لكما أن تنطلقا فتلقيا أنفسكما حيث كنتما من النار قال فينطلقان فيلقي أحدهما نفسه فيجعلها الله سبحانه عليه بردا وسلاما ويقوم الآخر فلا يلقي فيقول له الرب تبارك وتعالى ما منعك أن تلقي نفسك كما ألقى صاحبك فيقول رب إني أرجوك أن لا تعيدني فيها بعدما أخرجتني منها فيقول الرب وتعالى لك رجاؤك فيدخلان الجنة جميعا برحمة الله وذكر الأوزاعي عن بلال بن سعد قال يؤمر بإخراج رجلين من النار فإذا خرجا ووقفا قال الله لهما كيف وجدتما مقيلكما وسوء مصيركما فيقولان شر مقيل وأسوا مصير صار إليه العبد فيقول لهما بما قدمت أيديكما وما أنا بظلام للعبيد قال فيؤمر بصرفهما إلى النار فأما أحدهما فيغدوا في أغلاله وسلاسله حتى يقتحمها وأما الآخر فيتلكا فيؤمر بردهما فيقول للذي غدا في أغلاله وسلاسله حتى اقتحمها ما حملك على ما صنعت وقد خرجت منها فيقول إني خبرت من وبال معصيتك وما لم اكن أتعرض لسخطك ثانيا ويقول للذي تلكأ ما حملك على ما صنعت فيقول حسن ظني بك حين أخرجتني منها أن لا تردني إليها فيرحمهما جميعا ويأمر بهما إلى الجنة الوجه الثاني عشر أن النعيم والثواب من مقتضى رحمته ومغفرته وبره كرمه ولذلك يضيف ذلك إلى نفسه وأما العذاب والعقوبة فإنما هو من مخلوقاته ولذلك لا يسمى بالمعاقب والمعذب بل يفرق بينهما فيجعل ذلك من أوصافه وهذا من مفعولاته حتى في الآية الواحدة كقوله تعالى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ} وقال: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} {إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ}