والنشأة الثانية عامة أيضا للنوعين وقوله: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً} ظاهره اختصاصهن بهذا الإنشاء وتأمل تأكيده بالمصدر والحديث لا يدل على اختصاص العجائز المذكورات بهذا الوصف بل يدل على مشاركتهن للحور العين في هذه الصفات المذكورة فلا يتوهم انفراد الحور العين عنهن بما ذكر من الصفات بل هنّ أحق به منهن فالإنشاء واقع على الصنفين والله أعلم
وقوله: {عُرُباً} جمع عروب: وهن المتحببات إلى أزواجهن قال ابن الأعرابي: العروب من النساء: المطيعة لزوجها المتحببة إليه وقال أبو عبيدة العروب الحسنة التبعل
قلت: يريد حسن مواقعها وملاطفتها لزوجها عند الجماع
وقال المبرد: هي العاشقة لزوجها وأنشد للبيد:
وفي الحدوج عروب غير فاحشة ... ريا الروادف يعشي دونها البصر
وذكر لمفسرون في تفسير العرب أنهن العواشق المتحببات الغنجات الشكلات المتعشقات الغلمات المغنوجات كل ذلك من ألفاظهم وقال البخاري في صحيحه عربا مثقلة واحدها عروب مثل صبور وصبر وتسميها أهل مكة العربة وأهل المدينة الغنجة وأهل العراق الشكلة والعرب والمتحببات إلى أزواجهن هكذا ذكره في كتاب بدء الخلق وقال في كتاب التفسير في سورة الواقعة عربا مثقلة واحدها عروب مثل صبور وصبر تسميها أهل مكة العربة وأهل المدينة الغنجة وأهل العراق الشكلة قلت فجمع سبحانه بين حسن صورتها وحسن عشرتها وهذا غاية ما يطلب من النساء وبه تكمل لذة الرجل بهن وفي قوله: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ أنس قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ} إعلام بكمال اللذة بهن فان لذة الرجل بالمرأة التي لم يطأها سواه لها فضل على لذته بغيرها وكذلك هي أيضا
فصل
قال تعالى: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً حَدَائِقَ وَأَعْنَاباً وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً}