وأقف هنا قليلا لألقي نظرة عجلى على ما سطرتُ من الإضافات فإذا هي تتجاوز المتوقع، مع أنها لم تكد تعدو حدود الكلام عن بيئة الرشيد.. أفأرفع القلم أم أواصل إعماله في الكشف عن بعض المخزيات التي تفوق كل ما كشفناه حتى الآن من مؤامرات الأصفهاني على حرمات الإسلام!!.
وأي حرمة أحق بالاهتمام من كرامة البيت النبوي الذي يحتل مكان القداسة من قلوب المسلمين جميعا!!. فكيف كان موقف ذلك الشعوبي من ذلك البيت المطهر وهو يزعم أنه من أشياعه ومن أجل ذلك لا يشير إلى أحد من أهله إلا بصيغة التكريم والتسليم؟!.
وسنجتزئ من أحاديث الأصفهاني عن أهل البيت بنتف يسيرة تتصل بالسيدة الفاضلة سكينة بنت الإمام الحسين وابنةِ فاطمة البتول حفيدة رسول الله وأثيرته..
وقبل التعرض لمفتريات ذلك الشعوبي على هذه الطاهرة يحسن أن نذكِّر القارئ بالجو الذي صارت إليه بعد مقتل أبيها ونكبة أسرتها في كر بلاء، وفي كل من هذه الزلازل ما يذهل العقول ويدمي القلوب فكيف بقلب سكينة العظيمة!!.
ومع ذلك لا يستحي ذلك الخَرَّاص أن يطمس على ذلك الجانب المأساوي كله ليريك بدلا عنه جانبا آخر مملوءا باللغو واللهو والعربدة!.
ويقف الأصفهاني بقرائه هنا على صفحات من حياة المغني عبيد بن سريج 17/42 ويبدؤها بالحديث عن تنسكه إذ كان قد أقلع عن احتراف الغناء ولزم المسجد الحرام ثم المسجد النبوي، كما يفعل في أيامنا أولئك التائبون المتطهرون من سفاهات الماضي..
يقول الأصفهاني: "إن سكينة قد اغتمّت غما شديدا لتوبة ابن سريج واقلاعه عن الغناء، وتوسطت خادمها أشعب لاستخراجه من عزلته واستقدامه ليُسمعها ولو صوتا واحدا.. وبذل أشعب العجائب من حيله إلى أن أكره التائب على زيارة سيدته فجاء به، ودخلا عليها.. وجعلت تعاتبه على جفائه.. وتحدثا ساعة ثم استأذنها ابن سريج بالانصراف، فأبت عليه ذلك وراحت تطوقه بالموانع التي لا قِبَل له باختراقها":