التشيع للبيت العلوي والنسب إلى البيت الأموي.
ولد في أصبهان سنة 284 ونشأ في بغداد واتخذها مستقرا، ولكلا الموطنين أثره في نشأته وثقافته، فمن أصفهان وهي من أعرق مدن فارس، وفيها يتفاعل الفكر الشيعي ممتزجا بالعصبية الفارسية، يقبس اللونَ الشيعي فيعرف به، وفي بغداد يتصل بروافد الثقافة العربية الإسلامية فيأخذ عن أكابر علمائها ورواتها الذين يفيضون من عقولهم على أنحاء الربوع الإسلامية ما بعد منها وما قرب، فتتكون لديه الملكة العلمية التي لاتعرف الركود، فلا يفتأ يتزود من ذلك المعين الثرِّ حتى بات واحداً من الذين يشار إليهم بالبنان في سعة الثقافة وكثرة الحفظ والإلمام بفنون عصره، وحتى بات واحدا من المسهمين في نشر هذه الثقافة، فكان من تلاميذه الدارقطني الحافظ الفقيه أحد أئمة الحديث وصاحب كتاب السنن ومن المشهورين في علم القرآن!.
وقد تباينت آراء العلماء في شخصية الأصفهاني، فمع اتفاقهم على توكيد مكانته الثقافية يختلفون في قيمته الذاتية، ففي رأي الثعالبي أبي منصور أنه من أعيان أدباء بغداد وأفراد مصنفيها وشعرائها.. وكذلك قال فيه ابن خلكان في (وفيات الأعيان) ويزيد أنه (روى عن علماء يطول تعدادهم فكان عالما بأيام الناس والأنساب والسِيَر، ويروى عن التنوخي قوله فيه أنه (كان يحفظ من الشعر والأغاني والأخبار والآثار والأحاديث المسندة والنسب مالم أر قط من يحفظ مثله) .
ومقابل ذلك يقول الإمام ابن الجوزي (إن مثله لا يوثق بروايته التي تحتوي ما يوجب تفسيقه، وهو يشرب الخمر وفي أغانيه كل قبيح ومنكر..) .
ويروي الإِمام الذهبي عن شيخ الإِسلام ابن تيمية أنه يضعِّفه ويتهمه في نقله ويستهول ما يأتي به ... ) وعن أخلاقه وسلوكه الاجتماعي يقول مؤلف (أخبار الوزير المهلبي) : كان أبو الفرج وسخا قذرا لم يغسل ثوبه منذ فصله إلى أن قطعه. ويؤيد ذلك قول القاضي التنوخي في كتابه (نشر المحاضرة) (كان وسخا في نفسه ثم في ثوبه وفعله. وكان أكولا نهما حتى التخمة فيعالج كظته بجرعات من الفلفل.. ويبدو من شعره أنه تولى القضاء وعُزل منه، وذلك في قوله من قصيدة له معاتبا ابن العميد:
وقد ولينا وعُزلنا كما
...
أنت فلم نصغر ولم تَعظم