فيشبه الممدوح: بالبحر، ويدفع بخيالك إلى أن يضاهى بين الممدوح والبحر الذي يقذف الدرر للقريب، ويرسل السحائب للبعيد = أو يقول:
هو البحر من أي النواحي أتيته فلُجّتهُ المعروف والجودُ ساحله
فيدّعى، أنه البحر نفسه، وينكر التشبيه نكرانا يدل على المبالغة، وادعاء المماثلة الكاملة - أو يقول.
علا فما يستقر المالُ في يده وكيف تمسك ماء قنةُ الجبل؟
فيرسل إليك التشبيه: متن طريق خفيّ، ليرتفع الكلام إلى مرتبة أعلى في البلاغة، وليجعل لك من (التشيبه الضمني) دليلاً على دعواه، فانه ادعى: أنه لعلو منزلته ينحدر المال من يديه، وأقام على ذلك برهاناً، فقال «وكيف تمسك ماء قنة الجبل» أو يقول:
جرى النهر حتى خلته منك أنعماً تساق بلا ضنٍ وتعطى بلا منِّ (?)
فيقلب التشبيه زيادة في المبالغة، وافتناناً في أساليب الإجادة، ويشبه ماء النهر بنعم الممدوح - بعد أن كان المألوف: أن تشبه النعم، بالنهر الفيّاض أو يقول::
كأنه حين يعطى المال مبتسما صوب الغمامة تهمي وهي تأتلق (?)
فيعمد إلى التشبيه المركب، ويعطيك صورة رائعة، تمثل لك حالة الممدوح وهو يجود - وابتسامة السرور تعلو شفتيه - أو يقول:
جادت يد الفتح والأنواء باخلة وذاب نائله والغيثُ قد جمدا
فيضاهي بين جود الممدوح والمطر، ويدعى أن كرم ممدوحه لا ينقطع، إذا انقطعت الأنواء، أو جمد القطر - أو يقول:
قد قلت للغيم الركام ولجَّ في إبراقه والح في إرعاده (?)
لا تعرضن لجعفر متشبِّها بندى يديه فلست من أنداده