حاشا سعيد بن المسيب فإنه لم يفارق المسجد؛ ولولا شهادة عمرو بن عثمان ابن عفان، ومروان بن الحكم عند مجرم بن عقبة المري بأنه مجنون لقتله. وأكره الناس على أن يبايعوا يزيد بن معاوية على أنهم عبيد له، إن شاء باع، وإن شاؤ أعتق؛ وذكر له بعضهم البيعة على حكم القرآن وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر بقتله فضرب عنقه صبراً. وهتك مسرف أو مجرم الإسلام هتكاً، وأنهب المدينة ثلاثاً، واستخف بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومدت الأيدي إليهم وانتهبت دورهم؛ وانتقل هؤلاء إلى مكة شرفها الله تعالى، فحوصرت، ورمي البيت بحجارة المنجنيق، تولى ذلك الحصين بن نمير السكوني في جيوش أهل الشام، وذلك لأن مجرم بن عقبة المري، مات بعد وقعة الحرة بثلاث ليال، وولى مكانه الحصين بن نمير. وأخذ الله تعالى يزيد أخذ عزيز مقتدر، فمات بعد الحرة بأقل من ثلاثة أشهر وأزيد من شهرين. وانصرفت الجيوش عن مكة.
ومات يزيد في نصف ربيع الأول سنة أربع وستين، وله نيف وثلاثون سنة. أمه: ميسون بنت بحدل الكلبية، وكانت مدته ثلاث سنين وثمانية أشهر وأياماً فقط.
ثم بويع أبو ليلى معاوية بن يزيد بن معاوية، فبقى نحو أربعين يوماً، ثم رأى صعوبة الأمر، وكان رجلاً صالحاً، فتبرأ عن الأمر، وانخلع، ولزم