ثم رحل، فأخبر عن جبلى الصفراء، وأن اسميهما: مسلح ومخرئ، وأن سكانهما بنو النار وبنو حراق، بطنان من غفار، فكره النبى صلى الله عليه وسلم هذه الأسماء، فترك الجبلين، وترك الصفراء على اليسار، وأخذ ذات اليمين على وادى ذفران؛ فلما خرج منه نزل.
وأتاه الخبر بخروج نفير قريش لنصر العير، فأخبر أصحابه، رضوان الله عليهم، واستشارهم فيما يعملون. فتكلم كثير من المهاجرين فأحسنوا، فتمادى فى الاستشارة وهو يريد ما يقول الأنصار، فبادر سعد بن معاذ، وسارع فى فنون من القول الجميل، وكان فيما قال: لو استعرضت هذا البحر بنا لخضناه معك، فسر بنا يا رسول الله على بركة الله تعالى. فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: «سيروا وأبشروا، فإن الله عز وجل قد وعدنى إحدى الطائفتين» .
ثم رحل من ذفران، فسلك على ثنايا يقال لها الأصافر إلى الدبة، ونزل الحنان، وهو كثيب عظيم كالجبل على ذات اليمين، ثم نزل قريبا من بدر، وركب مع رجل من أصحابه مستخبرا ثم انصرف، فلما أمسى بعث عليا والزبير وسعد بن أبى وقاص فى نفر إلى بدر يلتمسون الخبر، فأصابوا راوية (?) لقريش، فيها أسلم غلام بنى الحجاج السهمين، وأبو يسار عريض غلام بنى العاص بن سعيد الأمويين، فأتوا بهما، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلى. فسألوهما: لمن أنتما؟ فقالا: نحن سقاة قريش. فكره أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الخبر، وكانوا يرجون أن يكونا من العير، لعظم الغنيمة فى العير وقلة المثونة فيها، ولأن الشوكة فى نفر قريش شديدة. فجعلوا يضربونهما، فإذا آذاهما الضرب قالا: نحن من عير أبى سفيان. فسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم