وكان المؤلفة قلوبهم- مع حسن إسلامهم- متفاضلين فى الإسلام، منهم الفاضل المجتهد: كالحارث بن هشام، وسهيل بن عمرو، وحكيم بن حزام؛ وفيهم خيار دون هؤلاء: كصفوان بن أمية، وعمرو بن وهب، ومطيع بن الأسود، ومعاوية بن أبى سفيان؛ وسائرهم لا نظن بهم إلا الخير.
وكان ممن أسلم، يوم الفتح وبعده، من الأشراف (?) نظراء من ذكرنا، ووثق رسول الله صلى الله عليه وسلم بصحة إيمانهم، وقوة نياتهم فى الإسلام لله تعالى، فلم يدخلهم مدخل من أعطاه-: عكرمة أبى جهل، وعتاب بن أسيد بن أبى العيص بن أمية، وجبير بن مطعم.
واستعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على مكة عتاب بن أسيد؛ وهو شاب، ابن نيف وعشرين سنة، وكان فى غاية الورع والزهد، فأقام الحج بالمسلمين تلك السنة. وهو أول أمير أقام الحج فى الإسلام، وحج المشركون على مشاعرهم.
وأتى كعب بن زهير بن أبى سلمى تائبا مادحا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان قبل ذلك يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقبل صلى الله عليه وسلم إسلامه ومدحه، وأثابه.
هذه آخر غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه. وكان رجوع النبى صلى الله عليه وسلم من عمرته بعد حصار الطائف- كما ذكرنا- فى آخر ذى القعدة من سنة ثمان.