ألم يأن لك، ألم تعلم أنى رسول الله؟ فقال: بأبى أنت وأمى، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك! أما هذه والله فإن فى نفسى منها شيئا حتى الآن. فقال فقال له العباس: ويحك، أسلم قبل أن تضرب عنقك. فأسلم، فقال العباس:
يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل يحب هذا الفخر، فاجعل له شيئا. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: من دخل دار أبى سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن.
وهذا القول من رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل من كان لا يقاتل من أهل مكة، من أهل مكة، بنص جلى لا إشكال فيه، فمكة مؤمنة بلا شك، ومن ثم لم تؤخذ عنوة بوجه من الوجوه، ولو أمن مسلم من أى المسلمين قرية من دار الحرب على أن يغلقوا أبوابهم ولا يقاتلوا، على ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأهل مكة، لكان أمانا صحيحا، وللزم ذلك كل مسلم، ولحرمت دماؤهم وأموالهم وديارهم، وللزمهم الإسلام أو الجلاء، إلا أن يكونوا كتابيين، فيباح لهم القرار، على الجزية والصغار، فكيف أمان رسول الله صلى الله عليه وسلم! فمن قال: إن مكة صلح على هذا المعنى، فقد صدق؛ ومن قال:
إنها صلح على أنهم دافعوا وامتنعوا حتى صالحوا، فقد أخطأ؛ وأما من قال:
عنوة، فقد أخطأ على كل حال.
والصحيح اليقين: أنها مؤمنة على دمائهم وذراريهم وأموالهم ونسائهم، إلا من قاتل أو اسثتنى فقط.
ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم العباس أن يوقف أبا سفيان بخطم الجبل أو الوادى (?) ليرى جيوش الله تعالى. ففعل ذلك العباس، وعرض عليه القبائل، قبيلة