يأتى مكة فينذرهم، فبينما هو يمشى كذلك، إذ سمع صوت أبى سفيان وبديل بن ورقاء، وهما يتساءلان، وقد رأيا نيران عسكر النبى صلى الله عليه وسلم، وبديل يقول لأبى سفيان: هذه والله نيران خزاعة. فيقول له أبو سفيان:

خزاعة أقل وأذل من أن تكون لها هذه النيران. فلما سمع العباس كلامه ناداه:

يا أبا حنظلة. فميز أبو سفيان صوته، فقال: أبو الفضل؟ قال: نعم. فقال له أبو سفيان: ما الشأن؟ فداك أبى وأمى. فقال له العباس: ويحك يا أبا سفيان، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الناس، واصباح قريش! فقال له أبو سفيان:

وما الحيلة؟ فقال له العباس: والله إن ظفر بك ليقتلنك، فارتدف خلفى وانهض معى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأردفه العباس، فأتى به العسكر، فلما مر على نار عمر، نظر عمر إلى أبى سفيان فميزه، فقال: أبو سفيان عدو الله، الحمد لله الذى أمكن منك بغير عقد ولا عهد. ثم خرج يشتد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسابقه العباس، فسبقه العباس على البغلة، وكان عمر بطيئا فى الجرى، فدخل العباس ودخل عمر على أثره، فقال: يا رسول الله، هذا أبو سفيان قد أمكن الله منه بلا عقد، فأذن لى أضرب عنقة. فقال العباس:

يا رسول الله، قد أجرته. فراده عمر الكلام، فقال العباس: مهلا يا عمر.

فلو كان من بنى عدى بن كعب ما قلت هذا، ولكنه من بنى عبد مناف.

فقال عمر: مهلا، فو الله لإسلامك، يوم أسلمت، كان أحب إلى من إسلام الخطاب لو أسلم، وما بى إلا أنى قد عرفت أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسلام الخطاب. فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحمله إلى رحله، ويأتيه به صباحا، ففعل العباس ذلك. فلما أتى به النبى صلى الله عليه وسلم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألم يأن لك؟ ألم تعلم أنه لا إله إلا الله؟ فقال أبو سفيان:

بأبى أنت وأمى، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك! والله لقد ظننت أنه لو كان معه إله غيره لقد أغنى. ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويحك يا أبا سفيان،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015