وكان أبو عامر عبد عمرو بن صيفى بن مالك بن النعمان أحد بنى ضبيعة، وهو والد حنظلة غسيل الملائكة، وكان أبوه- كما ذكرنا- فى الجاهلية قد ترهب وتنسك، فلما جاء الإسلام غلب عليه الشقاء، ففر مباعدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فى جماعة من فتيان الأوس، فلحق بمكة، وشهد يوم أحد مع المشركين، وكان سيدا فى الأوس، فوعد قريشا بانحراف قومه إليه، وكان هو أول من لقى المسلمين يوم أحد فى عبدان أهل مكة والأحابيش؛ فلما نادى قومه وعرفهم بنفسه، قالوا: لا أنعم الله بك عينا يا فاسق. قال: لقد أصاب قومى بعدى شر. ثم قاتل المسلمين قتالا شديدا.

وكان شعار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد: أمت أمت. وأبلى يومئذ أبو دجانة، وطلحة، وحمزة، وعلى، وأبلى أنس بن النضر بلاء شديدا عجز عن مثله كثير ممن سواه؛ وكذلك جماعة من الأنصار، أصيبوا يومئذ مقبلين غير مدبرين. وقاتل الناس، فاستمرت الهزيمة على قريش.

فلما رأى ذلك الرماة قالوا: قد هزم الله أعداء الله. قالوا: فما لقعودنا ها هنا معنى، فذكر لهم أميرهم عبد الله بن جبير أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم بأن لا يزولوا، فقالوا: قد انهزموا؛ ولم يلتفتوا إلى قوله، فقاموا، ثم كر المشركون، فأكرم الله تعالى من أكرم من المسلمين بالشهادة، ووصلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقاتل مصعب بن عمير دون رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتل رضوان الله عليه؛ وجرح رسول الله صلى الله عليه وسلم فى وجهه المكرم، وكسرت رباعيته (?) اليمنى والسفلى بحجر، وهشمت البيضة (?) فى رأسه المقدس، فأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم الراية لعلى بن أبى طالب بعد مقتل مصعب،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015