وقال سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبَّكَ بِالْحِكْمَةِ} [النحل: 125] وليس من الحكمة دعوة المشركين بإظهار الموافقة لهم فيما هو من دينهم؛ فإن ذلك مما يرضون به ويحتجون به على من أنكر عليهم شركهم، وليس لهذا المسلك في الدعوة مستند من كتاب ولا سنة، بل قد دل القرآن على أنَّ مِن أسس الدعوة= الصدع بالحق مع القدرة على ذلك قال تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنْ الْمشرِكِينَ * إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ * الْذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللهِ إِلَهاً آخرَ فَسَوفَ يَعْلَمُونَ} [الحجر: 94 - 96]، والله أعلم.
ومما تقدم= يتبين خطأ هذا المقرِّر أنَّ السجود قدام الصنم لا يكون كفرًا وشركًا ولو أقرَّ بلسانه أنه يسجد للصنم، أو أظهر بهذا السجود موافقة المشركين على دينهم ما دام أنه في الباطن لم يقصد السجود للصنم.
وأقبح مِن هذا زعمُ هذا المقرر ـ كما ورد في السؤال ـ (أن المشرك الوثني لو عرف صحة دين الإسلام وأقر به، لكن مداهنة لقومه وخوفًا من الملامة والعيب= يسجد معهم ـ طوعًا ـ لأوثانهم، ويذبح لها ويطوف بها ويظهر تعظيمها، ولا يصرح بالبراءة منها، فمثل هذا لا يحكم بكفره مع كونه آثما).