وكذلك يلزم ـ على القول بأن من أظهر الكفر مختارًا لا يكون كافرًا في الباطن ـ أنَّ مَن صدَّق الرسول باطنًا بل وظاهرًا ولكن قال: لا أتبعه بل أعاديه وأحاربه، لأني لا أستطيع أن أخالف أهل ملتي، لا يعد كافرًا في الباطن، وهذا قول غلاة المرجئة الجهمية، وهو أفسد أقوال المرجئة، وفساده معلوم من دين الإسلام بالضرورة.

ولو كان الأمر كما يزعمون= لما كفر الجاحدون الذين قال الله فيهم: {فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام: 33]، قال شيخ الإسلام: «و [المحبة] تستلزم الإرادة، والإرادة التامة مع القدرة= تستلزم الفعل؛ فيمتنع أن يكون الإنسان محبًا لله ورسوله، مريدًا لما يحبه الله ورسوله إرادة جازمة مع قدرته على ذلك؛ وهو لا يفعله، فإذا لم يتكلم الإنسان بالإيمان مع قدرته= دل على أنه ليس في قلبه الإيمان الواجب الذي فرضه الله عليه.

ومن هنا يظهر خطأ قول جهم بن صفوان ومن اتبعه، حيث ظنوا أن الإيمان مجرد تصديق القلب وعلمه، لم يجعلوا أعمال القلب من الإيمان، وظنوا أنه قد يكون الإنسان مؤمنًا كامل الإيمان بقلبه؛ وهو مع هذا يسب الله ورسوله، ويعادي الله ورسوله، ويعادي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015