أنتم عليه حق، ويزعم أنه يفعل ذلك لتبقى منزلته عندهم فيبقى معظمًا محترمًا، أو لينال حظًا من الحظوظ الدنيوية على أيديهم، فكل هؤلاء داخلون في عموم قوله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْد إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلِيهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} فلم يستثن من الوصف بالكفر والوعيد إلا المكره.
ولو كان مَن أظهر الكفر مختارًا لا يعد كافرًا ظاهرًا وباطنًا= لما حكم الله بالكفر على المستهزئين في قوله: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهِزئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} [التوبة: 65 - 66].
قال شيخ الإسلام تعليقًا على هذه الآيات: «فقد أخبر أنهم كفروا بعد إيمانهم مع قولهم إنا تكلمنا بالكفر من غير اعتقاد له، بل كنا نخوض ونلعب، وبيَّن أن الاستهزاء بآيات الله كفرٌ، ولا يكون هذا إلا ممن شرح صدره بهذا الكلام، ولو كان الإيمان في قلبه= منعه أن يتكلم بهذا الكلام» (?).