أدين مني، وأنا أعلم منه. وقول الحافظ الذهبي فيه: كان الإمام الثبت، وكان
شيخ الإسلام متين الديانة، ذا نسك وتوزع وسمت وجلالة.
وقال تاج الدين السبكي فيه في "طبقات الشافعية الكبرى": الحافظ الكبير،
الورع الزاهد، زكي الدين أبومحمد المصري، ولي الله، والمحدث عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم، والفقيه على مذهب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ترتجى الرحمة بذكره،
ويستنزل رضا الرحمن بدعائه.
كان رحمه الله تعالى قد أؤتي بالمكيال الأوفى من الورع والتقوى،
والنصيب الوافر من الفقه، وأما الحديث فلا مراء في أنه كان أحفظ أهل زمانه،
وفارس أقرانه، له القدم الراسخ في معرفة صحيح الحديث من سقيمه، وحفظ
أسماء الرجال حفظ مفرط الذكاء عظيمه، والخبرة باحكامه، والدراية بغريبه وإعرابه
واختلاف كلامه.
وفاته له:
توفي الإمام المنذري رحمه الله تعالى في داخل دار الحديث الكاملية
بالقاهرة، يوم السبت رابع ذي القعدة من سنة 656، وصلي عليه يوم الأحد بعد
الظهر في موضع تدريسه بدار الحديث الكاملية، ثم صلي عليه مرة أخرى تحت
القلعة، ودفن بسفح جبل المقطم، وقد رثاه غيرواحد من الشعراء بقصائد حسنة، رحمات
الله تعالى عليه ورضوانه العظيم.
أولا - في الحديث وعلومه:
قام المنذري باختصار مجموعة من كتب الحديث الأصول، مثل صحيح
مسلم، وسنن أبي داود، وسنن الخطيب البغدادي. وكان عمله في مثل هذه الكتب
يقوم على حذف الأسانيد والأحاديث المكررة، والتعليق على بعض الأحاديث
تعليقات مفيدة مهمة، تدل على غزارة علمه في هذا الفن وتبحره فيه، وعلى شفوف