قلت: وقد يقتصر أبو حاتم على قوله في بعض الرواة: (يكتب حديثه) ،
فيكون عنده أقوى ممن قال فيه: (يكتب حديثه ولا يحتج به) . جاء في "الجرح
والتعديل " 2/4: 14، في ترجمة (الوليد بن كثير المزني) قوله فيه: "شيخ يكتب
حديثه ". انتهى. ونقله الذهبي في ترجمته في "الميزان " 4: هـ 34، وعلق عليه
فقال: "الوليد بن كثير المزني، روى له النسائي، وثق، وقال أبوحاتم: يكتب
حديثة، مع أن قول أبي حاتم هذا ليس بصيغة توثيق، ولا هوبصيغة إهدار".
انتهى كلام الذهبي.
قلت: (ليس بصيغة توثيق) لأن من قيل فيه ذلك ضعيف نازل عن رتبة
الاحتجاج بحديثه، و (لا هو بصيغة إهدار) لأنه ليس ضعيفا جدا، بحيث لا يصلح
حديثة للمتابعات والشواهد، بل يكتب حديثه لصلاحيته لذلك، فهو بمثابة قولهم في
المرتبة السادسة اخر مراتب التعديل المشعر بالقرب من التجريح: (يعتبر به) ،
ويقابله قولهم في المرتبة الرابعة من مراتب الجرح: (لا يكتب حديثه)
قال عبد الفتاح: ولعل في هذا الذي قدمته من كلام الأئمة النقاد، حول عبارة
الإمام أبي حاتم الرازي رحمه الله تعالى، ما يفيد الجواب عن سؤال السائل عنها
في فاتحة هذه الرسالة، والله الهادي إلى الصواب.
وفي الحقيقة أن ألفاظ الجرح والتعديل في كتاب "الجرح والتعديل "، للإمام
أبي حاتم وابنه رحمهما الله تعالى، تحتاج إلى استقراء تام وجمع وتصنيف، ثم
استخلاص ما يشير إليه كل لفظ من تلك الألفاظ، حتى تضبط اصطلاحاتهما فيه،
وأرجو من الله تعالى أن يوفق لذلك فطنا ذكيا، وحاذقا ألمعيا، فيفرزها ويصنفها على
أحسن وجه وأدقه وأوفاه، فيقدم لخدمه السنة المطهرة محبيها لبنه تزيد فى اكتمال
صرحها وايفاء شرحها، والله ولى التوفيق.