ومن شيوخه البارزين الذين لقيهم بدمشق أيضا: الحافظ المحدث أبو الحسن
علي بن المبارك الواسطي البرجوني، المقرىء الفقيه الشافعي، المعروف
بابن باسوية، المولود سنة 556، والمتوفى سنة 632، فقد كان من كبار المحدثين
وكبارالقراء، وممن شدت إليه الرحال، فتلقى عنه الحديث وغيره مما تميز به من
العلوم.
ومن شيوخه البارزين الذين تخرج بهم في دمشق أيضا: الإمام الفقيه البارع
الواسع الموفق ابن قدامة الحنبلي، أبومحمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي
الجماعيلي، المولود سنة 541، والمتوفى سنة 620، وقد كان هذا الشيخ خزانة
الفقه الإسلامي بمذاهبه واختلافات المجتهدين فيه.
ومن شيوخه البارزين الذين لقيهم في بلاد الشام أيضا: الإمام العالم العلامة
الأديب المؤرخ الرحالة النسابة البلداني، أبوعبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي
الحموي، المتفنن المتقن الثقة الضابط الأمين، المولود سنة 574، والمتوفى سنة
626. وهناك شيوخ كبار اخرون كثيرون، لقيهم المنذري في بلاد الشام، لا أطيل
بذكرهم روما للاختصار.
ورحل المنذري إلى الحرمين الشريفين، بغية الحج إلى بيت الله تعالى
وزيارة منازل الوحي الشريف، وبنية لقاء علماء الحرمين والعلماء الواردين عليهما
من بقاع الإسلام، وكان ذلك منه في سنة 656، وسمع في هذه الرحلة من علماء
الحجاز، ومن علماء كثيرين من أقطار العالم الإسلامي الذين حجوا في هذا العام،
فكان له من ذلك مزيد كثرة في الشيوخ، ومزيد وفرة في العلم وتلقيه عن رجاله،
من مختلف الأصقاع، وسمع وكتب وأوعب عن الشيوخ في ذهابه وإيابه وقراره في
الحرمين.
وعاد إلى بلده مصر في سنة 657، وأمضى معظم حياته في فسطاط مصر
والقاهرة، وهناك تولى الإمامة بالمدرسة الصالحية، والتدريس بالجامع الظافري،
ثم ولي مشيخة دار الحديث الكاملية، التي انقطع بها قرابة عشرين عاما إلى اخر
حياته، ومات فيها.