وقد صرح علماء الحنفية في شرح هذا الحديث بأن ما تركه رسول الله صلى الله عليه وسلم هو صدقة لا تورث، وأن الحكمة في سبب عدم ميراث الأنبياء عليهم السلام: أنه لا يظن بهم أنهم جمعوا المال لورثتهم.
أو لئلا يخشى على وارثهم أن يتمنى لهم الموت فيقع في محذور عظيم.
أو لأن الأنبياء كالآباء لأممهم، فمالهم حق لأممهم جميعا، لا لفرد واحد منهم.
وهذا معنى الصدقة، فمالهم صدقة على أممهم جميعا.
قلت: لقد تبين بهذا التحقيق بطلان هذه الشبهة القبورية، وقضي عليها بحمد الله تعالى.
الشبهة الثالثة: تشبث القبورية بحديث قليب بدر، وهو «أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على قليب بدر وقد ألقى فيها القتلى من صناديد قريش، فقال لهم: " أليس قد وجدتم ما وعد ربكم حقا ... "؟ قال عمر: يا رسول الله! كيف تكلم أجسادا لا أرواح فيها؟ قال: " ما أنتم بأسمع لما أقول منهم» ... " الحديث.
وقد استدل بهذا الحديث عامة القبورية على سماع الأموات * ليتوسلوا بذلك إلى جواز الاستغاثة بهم عند الكربات *