ويقربون لها قرابين تسعفهم، وتقضي مآربهم، وقد ينسبون إليها أبناءهم؛ طمعًا في رد البلاء ... ، ويرسل بعض الناس ضفيرة في رأسه باسم ولي من الأولياء وبعضهم يقلد ابنه قلادة باسم شيخ أو ولي، وبعضهم يكسو ولده لباسًا، وبعضهم يصفد ابنه بقيد في الرجل باسم أحد المشايخ والأولياء، وبعضهم يذبح حيوانًا بأسمائهم، وبعضهم يستغيث بهم عند الشدة، وبعضهم يحلف في حديثه بأسمائهم ... والحاصل: أنه ما سلك عباد الأوثان في الهند طريقًا مع آلهتهم إلا وسلكه الأدعياء من المسلمين مع الأنبياء والأولياء والأئمة والشهداء والملائكة والجنيات؛ واتبعوا سنن جيرانهم من المشركين؛ شبرًا بشبر وذراعًا بذراع، وحذو القذة بالقذة، والنعل بالنعل، فما أجرأهم على الله، وما أبعد الشقة بين الاسم والمسمى، والحقيقة والدعوى.
قلت:
الحاصل أنه قد تبين من نصوص هؤلاء العلماء من الحنفية التي ذكرتها في المطالب السابقة أمور ستة:
الأول: أن العبادة غير محصورة في بعض الأعمال والأقوال، بل هي شاملة لجميع أنواعها وأفرادها. وبذلك يبطل زعم القبورية في حصرها في بعض الأعمال والأقوال.
الثاني: أن علماء الحنفية قد ذكروا عدة أنواع من العبادة، وقد ذكرت عنهم من خلال نصوصهم فوق المائة، على سبيل المثال لا الحصر. ومن أهم تلك الأنواع التي ذكروها: الدعاء، والاستغاثة، والاستعانة، والنذور، ونحوها.