يفضي سبهم إلى الله من دون قصد وعلم، يدل عليه قوله تعالى في الآية نفسها: {بِغَيْرِ عِلْمٍ} ؛ لأنهم كانوا يقرون بعظمة الله، وإنما عبدوا آلهتهم لتكون شفعاء لهم عنده.
وحاصل الجواب الثاني: أنهم كانوا يسبون الله صريحًا وقت الغضب فالحمية الجاهلية تحملهم على ذلك لا لأجل التدين والاعتقاد، ومثل هذا قد يحدث عن المسلم أيضًا، فتحمله شدة الغيظ على التكلم بالكفر. فمثل هذا إن صدر عن شخص لا يصدر منه تدينًا واعتقادًا، بل فسقًا وحمية وغضبًا.
قال الإمام الآلوسي مفتي الحنفية ببغداد (1270هـ) والعلامة حسين علي (1362هـ) ، واللفظ للأول:
(ومعنى سبهم لله عز وجل إفضاء كلامهم إليه كشتمهم له صلى الله عليه وسلم ولمن يأمره. وقد فسر {بِغَيْرِ عِلْمٍ} بذلك أي فيسبوا الله تعالى بغير علم أنهم يسبونه، وإلا فالقوم كانوا يقرون بالله وعظمته وأن آلهتهم إنما عبدوها لتكون شفعاء لهم عنده سبحانه فكيف يسبونه؟ ويحتمل أن يراد سبهم له عز اسمه صريحًا ولا إشكال بناء على أن الغضب والغيظ قد يحملهم على ذلك. ألا ترى أن المسلم قد تحمله شدة غيظه على التكلم بالكفر. ومما شاهدناه أن بعض جهلة العوام، أكثر الرافضة سب الشيخين - رضي الله تعالى عنهما - عنده فغاظه ذلك جدا، فسب عليا - كرم الله تعالى وجهه -، فسئل عن ذلك فقال: ما أردت إلا إغاظتهم، ولم أر شيئًا يغيظهم مثل ذلك. فاستتيب عن هذا الجهل العظيم.
وقال الراغب: إن سبهم لله تعالى ليس أنهم يسبونه جل شأنه صريحًا، ولكن يخوضون في ذكره تعالى ويتمادون في ذلك بالمجادلة