ولا شك أن من عبد غيره تعالى فقد جعله ندا لله سبحانه، وسواه به تعالى في العبادة، وليس المراد من التسوية هاهنا تسويتهم لآلهتهم بالله تعالى في الخلق والإيجاد والربوبية والخالقية والرازقية والتصرف في الكون والمالكية، لما سبق تحقيقه مرارًا وتكرارًا على لسان الحنفية: من أن المشركين كافة لم يكونوا يعتقدون في آلهتهم ذلك بل كانوا يعتقدون: أن آلهتهم عباد معظمون عند الله مملوكون له محترمون عنده وهم شفعاؤهم عند الله تعالى.
ولا تنس ما ذكره الحنفية من تلبيتهم: ((لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك إلا شريكًا هو لك تملكه وما ملك)) . وقد سبق تخريجها وتفسير علماء الحنفية لها.
وأقول: إن هذه الآية بمثابة آية أخرى: {بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} [الأنعام: 1، 150] ، مع قوله تعالى: {أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} [البقرة: 165] .
فهذه الآية الأخيرة مفسرة لهاتين الآيتين، وتبين المراد بأنهم كانوا مشبهة يشبهون المخلوق بالخالق في العبادة والتعظيم والخضوع والمحبة، وأن المراد التسوية والعدل في المحبة والطاعة والتعظيم والعبادة، لا في الخالقية والمالكية والرازقية والتصرف في الكون ونحوها.