دعوا إلى توحيد الله وعبادته، وقد رد الله سبحانه على من خالف هذا الأصل، وحكم على الوصل بحكم الفصل، وهم المشركون الذين وحدوه بالربوبية، وأشركوا به في الألوهية توحيدهم؛ فأقامه حجة بالغة وسلطانًا مبينًا قامعًا للشرك في الألوهية، موجبًا لإفراده فيها أيضًا، وأنه ينبغي أن لا يعبد غيره، كما أنه لا خالق غيره ولا رب سواه؛ فقد تبين لك أن أكثر المشركين كانوا مقرين بتوحيد الربوبية، وإنما أشركوا في الألوهية، وعلى ذلك كتب العقائد السلفية والحديث والتفسير.
والحكم باتحاد التوحيدين نشأ من جهل هذا العراقي لكتاب الله وسنة رسوله [صلى الله عليه وسلم] .
الوجه الثامن والعشرون:
أن الفرق بين توحيد الألوهية وبين توحيد الربوبية، جوهري؛ لأن توحيد الربوبية توحيد بأفعال الله تعالى، مثل الخلق والرزق والإحياء والإماتة وتدبير الكون والتصرف في الخلق وإنزال المطر وإنبات النبات، وغيرها من أفعال الله تعالى الخاصة به سبحانه وتعالى.
أما توحيد الألوهية فهو توحيد بأفعال العبد؛ مثل الدعاء والخوف والرجاء والتوكل والإنابة والصوم والصلاة والحج والزكاة وغيرها من أنواع العبادات الظاهرة والباطنة وهذا التوحيد هو الذي وقع فيه النزاع في قديم العصر وحديثه، وأنكر المشركون قديمًا وحديثًا، وهذا التوحيد هو معنى:
((لا إله إلا الله)) .