لأنهم إنما كانوا يقصدون الميت في ضرورة نزلت بهم، فكانوا يدعونه دعاء المضطر.
قلت:
هذا الجواب في غاية من الدقة والتحقيق والإتقان، فقد رأيت كثيرا ممن لقب بشيخ القرآن، وشيخ الحديث، وجامع المعقول والمنقول، ومن له اطلاع واسع على المنطق والفلسفة وعلم الكلام، ومن له خبرة تامة على دقائق علم الفقه والأصول - من أعظم الناس إشراكاً بالله، واستغاثة بالأموات عند الكربات، وذلك جرياً منهم على عادات وعوائد وتقاليد عاشوا عليها، فصاروا مع علومهم الواسعة، كالعوام الطغام * وأضل من الأنعام *.
ثم من كان في قلبه إنابة إلى الله وإخبات، وإقبال على الحق، ولم يكن معانداً ولا مكابراً، وكان خطؤه عن حسن قصد ونية صالحة - إذا نبه على خطئه وبين له أن هذا إشراك بالله تعالى - انتبه ورجع إلى التوحيد الخالص فوراً بدون إصرار ولا عناد.
الحاصل: أنه لا يجوز التمسك بزلات العلماء وأخطائهم الاجتهادية وعاداتهم الجاهلية وتقاليدهم العامية، فما نقل عنهم من الأقوال الشركية، فهو من هذا القبيل، فلا يجوز به التمسك والاستدلال * بحال من الأحوال *.