ولا شريفة. وهذه مرتبة القوم، فإنهم من أخس الناس علمًا وعملًا وكفار اليهود والنصارى أشرف علمًا وعملًا منهم من وجوه كثيرة. والفلسفة كلها لا يصير صاحبها في درجة اليهود والنصارى بعد النسخ والتبديل، فضلًا عن درجتهم قبل ذلك وقد أنشد ابن القشيري في الرد على الشفا لابن سينا.
قطعنا الأخوة من معشر ... بهم مرض من كتاب الشفا
وكم قلت يا قوم أنتم على ... شفا جرف من كتاب الشفا
فلما استهانوا بتنبيهنا ... رجعنا إلى الله حتى كفى
فماتوا على دين رسطاطليس ... وعشنا على ملة المصطفى
فإن قيل: ما ذكره أهل المنطق من حصر طرق العلم، يوجد نحو منه في كلام متكلمي المسلمين. بل منهم من يذكره بعينه إما بعباراتهم، وإما بتغيير العبارة فالجواب. أن ليس كل ما يقوله المتكلمون حقًا، بل كل ما جاء به الرسل فهو حق. وما قاله المتكلمون وغيرهم مما يوافق ذلك فهو حق. وما قالوه مما يخالفه فهو باطل. وقد عرف ذم السلف والأئمة لأهل الكلام المحدث.
قال: والعجب من قوم أرادوا بزعمهم نصر الشرع بعقولهم الناقصة وأقيستهم الفاسدة. فكان ما فعلوه، مما جرأ الملحدين أعداء الدين عليه فلا الإسلام نصروا ولا الأعداء كسروا. ثم من العجائب أنهم يتركون أتباع الرسل المعصومين الذين لا يقولون إلا الحق ويعرضون عن تقليدهم ويقلدون ويساكنون مخالف ما جاؤا به من يعلمون أنه ليس بمعصوم، وأنه يخطئ تارة ويصيب أخرى، والله الموفق للصواب.