لما عربت الكتب الرومية في عهد دولة المأمون أو قريبًا منها. الثالث. أن ما زال نظار المسلمين بعد أن عرب وعرفوه، يعيبونه ويذمونه ولا يلتفون إليه ولا إلى أهله في موازينهم العقلية والشرعية. ولا يقول ليس مما انفردوا به إلا اصطلاحات لفظية، وإلا فالمعاني العقلية مشتركة بين الأمم، فأنه ليس الأمر كذلك بل فيه معاني كثيرة فاسدة. ثم هذا جعلوه ميزان الموازين العقلية التي هي الأقيسية العقلية. وزعموا أنه آلة قانونية تعصم مراعاتها الذهن أن يزل في فكره. وليس الأمر كذلك، فإنه لو احتاج الميزان إلى ميزان، لزم التسلسل. وأيضًا فالفطرة إن كانت صحيحة وزنت بالميزان العقلي، وإن كانت بليده أو فاسدة لم يزدها المنطق إلا بلادة وفسادًا. ولهذا توجد عامة من يزن به علومه، لابد أن يتخبط ولا يأتي فالأدلة العقلية على الوجه المحمود. ومتى أتى بها على الوجه المحمود أعرض عن اعتبارها بالمنطق لما فيه من العجز والتطويل وتبعيد الطريق وجعل الواضحات خفيات وكثرة الغلط والتغلط، فإنهم إذا عدلوا عن المعرفة النظرية العقلية للمعينات إلى أمور كلية، وضعوا ألفاظها وصارت مجملة تتناول حقًا وباطلًا، يحصل بها من الضلال ما هو ضد المقصود من الموازين. وصارت هذه الموازين عائلة لا عادلة وكانوا فيها من المطففين {الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون} وأبن البخس، بل هم بمنزلة من وزن بموازين من الله يزن بها تارة له وتارة عليه. ولا يعرف أهي عادلة أم عائلة والميزان التي أنزلها الله مع الكتاب ميزان عادله تتضمن اعتبار الشيء بمثله،