[التوصل إلى القضايا العامة]

(مقدمات القياس الكبرى)

الوجه السادس، لا ريب أن المقدمة الكبرى أعم من الصغرى أو مثلها، لا تكون أخص منها، والنتيجة أخص من الكبرى أو فسادية لها وأعم من الصغرة أو مثلها لا تكون أخص منها. والحس يدرك المعينات أولًا، ثم ينتقل منها إلى القضايا العامة. فيرى هذا الإنسان وهذا الإنسان وكل مما رآه حساس متحرك بالإرادة فيكون العلم بالقضية العامة. إما أن يكون بتوسط قياس والقياس لابد فيه من قضية عامة. لزوم أن لا يعلم العام إلا بعام، وذلك يستلزم الدور أو التسلسل، فلابد أن ينتهي الأمر إلى قضية كلية عامة معلومة بالبديهة. وهم مسلمون ذلك.

وإن أمكن علم القضية العام بغير توسط قياس، أمكن علم الأخرى، فإن كون القضية بديهية أو نظرية ليست وصفًا لازمًا لها يحب استواء جميع الناس فيه. بل هو أمر نسبي إضافي بحسب حال علم الناس بها فمن علمها بلا دليل كانت بديهية له، ومن احتاج إلى نظر واستدلال كانت نظرية له، وهكذا سائر الأمور. فإذا كانت القضايا الكلية منها ما يعلم بلا دليل ولا قياس وليس لذلك حد في نفس القضايا بل ذلك بحسب أحوال بني آدم، لم يمكن أن يقال فيما علمه زيد بالقياس، أنه لا يمكن غيره أن يعلمه بلا قياس، بل هذا نفي كاذب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015