بالصانع والنبوات ليس موقوفًا على الأقيسة، بل يعلم بالآيات الدالة على شيء معين لا شركة فيه ويحصل بالعلم الضروري الذي لا يفتقر إلى نظر وما يحصل منها بالشمول فهو بمنزلة ما يحصل بالتمثيل أمر كلي، لا يحصل به العلم بما يختص به الرب. وما يختص به الرسول إلا بانضمام علم أخر إليه.
الوجه الخامس: أن يقال هذا القياس الشمولي وهو العلم بثبوت الحكم لكل فرد من الأفراد -فنقول قد علم؟ ويسلمون أنه لابد أن يكون العلم بثبوت بعض الأحكام لبعض الأفراد بديهيًا. فإن النتيجة إذا افتقرت إلى مقدمتين فلابد أن ينتهي الأمر إلى مقدمتين تعلمان بدون مقدمتين والإ لزم الدور أو التسلسل الباطلان وإذا فرض مقدمتان طريق العلم بهما واحد، لم يحتج إلى القياس كالعلم بأن كل إنسان حيوان، وكل حيوان حساس متحرك بالإرادة. فالعلم بأن كل إنسان متحرك بالإرادة، أبين وأظهر. فالمقدمتان إن كان طريق العلم بهما واحدًا، "وقد علمتا" فلا حاجة إلى بيانهما. وإن كان طريق العلم بهما مختلفًا فمن لم يعلم إحداهما احتاج إلى بيانها، ولم يحتج إلى بيان الأخرى التي علمها. وهذا ظاهر في كل ما يقدره. فتبين أن منطقهم يعطي تضييع الزمان وكثرة الهذيان وإتعاب الأذهان.